موازنة إيران 2023.. "بروباغاندا" أمنية على "حساب" الشعب
بعصا الضرائب تستنزف إيران جيوب شعبها وتحول أرصدته لمؤسساتها الأمنية لتعزيز البروباغاندا لنظام يحاصره الغضب.
ورفع قانون الموازنة لعام 2023 من حصة جيوب الشعب الإيراني من خلال الضرائب، بهدف تمويل المؤسسات الاستخباراتية والأمنية والدعاية للنظام الإيراني.
ويشير النص الكامل لهذا القانون، الذي قدمه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي للبرلمان الأربعاء الماضي، إلى زيادة موازنة الحرس الثوري بنسبة 28%، وفي حال الموافقة النهائية عليه سترتفع ميزانية هذه المؤسسة العسكرية خلال العام الجاري.
وقال رئيسي عند تقديمه مشروع قانون الموازنة إلى البرلمان: "نحن جميعا قلقون بشأن التضخم، وفي الوضع الحالي نشهد انخفاضا بنسبة 19% (أسعار المستهلك/التضخم)، وبالطبع يجب أن نتخذ قرارات لمزيد تخفيض المؤشر".
وتسجل الموازنة زيادة بميزانية الجيش بنسبة 36% لتصبح 49 ألف مليار تومان، وقوات الشرطة بنسبة 44% إلى 62 ألف مليار تومان، فيما بلغت ميزانية وزارة الاستخبارات 20 ألف مليار تومان بنسبة 52%:
كما زادت ميزانية هيئة الإذاعة، أهم ذراع دعائية لإيران بنسبة 47% لتصل إلى 7531 مليار تومان.
أما ميزانية المجلس الأعلى للدعاية الدينية في محافظة قم، فارتفعت بأكثر من 60% تصل إلى أكثر من 3 آلاف مليار تومان، فيما تم رفع ميزانية منظمة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تفرض الحجاب بنسبة 33%، وقد بلغت ميزانيتها في مشروع القانون 76 مليار تومان.
تعميق الفجوة
وتشير دراسة لإحصاءات الموازنة إلى أن المؤسسات العسكرية والإعلامية والدينية ما زالت تلعب دورًا مركزيًا في إيران، وهو الدور الذي تم تحديده منذ سنوات أمام الشعب، ومطالب وتحولات المجتمع، وتنفيذه يزيد من عمق الفجوة بين الأمة والحكومة كل يوم.
ويعتبر الإهمال والتخلي عن المؤسسات مثل التنظيم البيئي ومنظمات الخدمة الاجتماعية، من الخصائص الأخرى لميزانيات الحكومة، وهو ما يتضح أيضا في مشروع قانون الموازنة لعام 2023.
ومن مؤشرات هذا الإهمال تقليص الميزانية المتعلقة بخفض تلوث الهواء من 90 مليار تومان إلى 81 مليار تومان وزيادة رواتب موظفي الحكومة بنسبة 20%.
وأعلنت حكومة إبراهيم رئيسي في مشروع قانونها المقترح أنها ستحقق موارد الموازنة لعام 2023 بزيادة قدرها 58 % في عائدات النفط و57 % في الإيرادات الضريبية.
وجاءت الزيادة في الإيرادات الضريبية في مشروع قانون الموازنة نتيجة النجاح الملحوظ الذي حققته الحكومة في تحقيق الإيرادات الضريبية لعام 2022، الأمر الذي دفع الحكومة إلى زيادة هذه الحصة وجعل مشروع قانون موازنة العام أكثر موازنة في تاريخ البلاد من حيث نسبة الضرائب المفروضة.
والضرائب هي أحد مصادر الإيرادات الحكومية، والتي تشمل الضرائب على الكيانات القانونية، وضريبة الدخل، وضريبة الثروة، وضريبة الاستيراد والسلع والخدمات.
جيوب الشعب
في قراءة للموازنة المقترحة، يتوقع الخبير الإيراني في الشؤون الاقتصادية هادي حق شناس أن تنخفض القوة الشرائية للأفراد بنسبة 30% خلال العام الجاري، مشيراً إلى أن "البلاد ستشهد تزايداً في أعداد الفقراء في ظل الموازنة التي قدمتها الحكومة مؤخراً".
وحذر هادي حق شناس في حديث لموقع إخباري محلي، من أنه "إذا لم يأخذ البرلمان في الاعتبار التغييرات في الحد الأدنى لدخل العمال والمتقاعدين ولم يغير أرقام الحكومة في العام المقبل، فإن فئات أخرى من المجتمع ستكون تحت تهديد الفقر".
وأضاف: "أعلنت الحكومة رسمياً أن التضخم تجاوز 40% لكن زيادة الرواتب 20% وهذا يعني أن الحكومة تعلم أنها في العام الجاري لم تعوض القوة الشرائية للناس فحسب، بل أضعفت عمداً 20% على الأقل من رواتب الموظفين، لذا فإن مناقشة زيادة الرواتب إلى 70 مليون ريال (150 دولارا) ليست متناسبة للتضخم الحالي والقوانين القائمة وخط الفقر".
وبحسب شناس، فإنه "في الحالة الأكثر تفاؤلاً، ربما يمكن لهذا الحد الأدنى للراتب أن يعوض نصف الزيادة في النفقات، وبعبارة أخرى سيكون دخل موظفي الحكومة في العام المقبل أقل بنسبة 20-30% عن هذا العام من حيث القوة الشرائية".
ردع الاحتجاجات
من جانبه، انتقد الخبير الاقتصادي محمود جامساز مشروع قانون الموازنة 2023، وقال إن "جزءا مهما من هذه الميزانية سيتم إنفاقها على قمع الاحتجاجات ومواجهتها".
وأضاف جامساز في معرض حديثه عن نمو في الموازنة بنسبة 40% مقارنة بالعام الإيراني الحالي: "بالطبع سيتم إنفاق جزء مهم من الميزانية على قمع الاحتجاجات ومواجهتها إذا استمر الالتهاب الشعبي، وهو ما لا يمكن رؤيته تحت طبقات النفقات غير المرئية، لكنه يمتص جزءا من النفقات الجارية".
وشدد على وجوب تعديل الميزانية السنوية على أساس الاحتياجات الأساسية للبلاد، من أجل تحقيق زيادة الرفاهية والأمن الوطني، مضيفا أن ميزانية السجون زادت بنسبة 55%، لكن الدعم الشعبي ثابت.