مع دعوات بعض الدول الخليجية لفرض أقصى الضغوط على إيران، والتي ترجمها وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني في لقاء افتراضي للحوار الاستراتيجي الأول بين الولايات المتحدة والبحرين.
وعززها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، حيث ذكر أن "طهران تمثل التهديد الأول لأمن الخليج وللأشخاص المحبين للسلام في المنطقة بأكملها"، وذلك نتيجة حتمية لأفعال النظام الإيراني.
لم يعد يشك أحد في أن إيران تمثل تحديا للاستقرار الإقليمي، مما يجعلنا نواجه هذا السلوك بضغط مستمر؛ حتى تصبح جهة فاعلة ومسؤولة، فلا توجد وصفة للانهيار من الداخل أفضل مما تواجهه إيران اليوم من ضغط، وتكبيلها بمستنقع الخسائر، فهي تسعى لتقويض استقرار الشرق الأوسط؛ لأن نواياها وأنشطتها الخبيثة أكثر وضوحاً من أي وقت مضى عبر برنامج طهران النووي، وتطوير الصواريخ الباليستية، وتغذية الصراعات في جميع أنحاء المنطقة.
إيران حاليا تعيش حالة من الاضطراب والقلق المتزايد، وما يحدث لها يبدو تكتيكا ذكيا لجر البلاد للوقوع في فخ الحرب قبل انتهاء رئاسة ترامب، لاسيما بعد اغتيال "محسن فخري زادة الذي عمق جراح النظام"، حيث يعتبر جزءا من إنهاء الحلم والمشروع النووي، وشكل ضربة قوية واختراقا لنظامها الأمني، هذا الاختراق الأجنبي للداخل الإيراني دائما ما ترفضه وتنفيه؛ لأنه يكشف مدى هشاشة المنظومة الأمنية الإيرانية الخاصة، وعدم قدرتها على حماية الشخصيات المهمة .
كل ذلك يجعل القرار الإيراني بالرد مؤجلاً لأمد، وربما يكون بعيدًا، وهو موقف إيراني متكرر وليس جديداً يظهر من خلال تعبير "الوقت المناسب"، وباعتقاد طهران أنها ستجعل منه وسيلة ضغط على حكومة بايدن للحصول على اتفاق نووي جديد يناسبها، وهو ما لمح إليه "روحاني"، بأن حكومته قد لا تكون مستعجلة للانتقام وقد لا ترد عسكريا خلال وجود ترامب في البيت الأبيض، وهو ما يؤكد أن إيران قد تتخذ سياسة "الضغوط القصوى" في محاولة لفرض شروطها على الحكومة الأمريكية الجديدة، والتي تعد على مايبدو من خلال تصريحات بايدن بأنها ولاية ثالثة ومشابهة لسياسات أوباما كما يعتقد الكثير، التي اعتمدت سياسة الاحتواء إبان إقصائها وعزلها، وإن كان الكثير يرى أن إسرائيل تملك صوتا حاسما في أي اتفاق نووي قادم بين إيران والغرب .
لا شك أن "حملة الضغوط" والتصريحات والتهديدات الإيرانية انطلقت مبكرًا منذ ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية المبدئية، وما إعلان البرلمان الإيراني بإلزام الحكومة بالانسحاب من الاتفاق النووي إذا لم ترفع العقوبات، و استئناف تخصيب اليورانيوم 20% وإنهاء التعاون مع الطاقة الذرية، إلا جزء من المناورات المعتادة، فهي تضع خيارا بأن بايدن لن يعود إلى الاتفاق النووي بنفس صيغة إدارة أوباما، فهي على أرض الواقع نمر من ورق أثناء الأزمات تمارس سياسية الضجيج والتجييش للأتباع والخونة من العرب؛ لتنفيذ عملياتها الإرهابية ضد المصالح الأمريكية وحلفائها في منطقة الخليج، فهي لا تجرؤ على أن تخوض حربا مفتوحة، أو مغامرة عسكرية، فالجبناء لا يردون بشكل مباشر؛ لأن ذلك سيكلفها كثيرًا، وسيفتح عليها أبواب الجحيم، التي لا قِبل لها بها، فقد بدأت حملة التجييش بلوم الرياض وربط الاغتيال بزيارة بومبيو لها عبر جواد ظريف، مما استدعى عادل الجبير وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي للرد حيث ذكر "يبدو أن اليأس دفع وزير خارجية إيران السيد "جواد ظريف" لإلقاء أي لوم على المملكة، واتهامها بتسببها بما يحدث في إيران، ربما عندما يحدث لا قدر الله زلزال، أو فيضان في إيران، فسيتهم المملكة بذلك أيضاً ".
الإيرانيون يجيدون تهويل الأمور للحفاظ على صورة نظامهم المترهل والمتهالك، والتي لم تقدم شيئا للعالم غير "العنصرية - الطائفية - التخريب، والقتل" نظام يروج لروايات وسيناريوهات هوليودية لمقتل محسن فخري زادة، وما ذلك إلا لتبرير الفشل الاستخباراتي والعجز الأمني الذريع، والتقليل من فضيحة الاختراق، وتلميع قوة نظامها عبر حسابات مكشوفة، تحاول عبرها الموازنة بين الخسائر المؤكدة والأرباح المتوقعة والمتخيلة؛ لتستمر في حملة الوعيد وإرسال القنابل الكلامية برد محسوب وحاسم ستبحث خياراته طويلا على الورق وعلى منابر الإعلام، ولتستمر في تبرير أعمالها مستقبلًا، فقد شوهدت سابقا في مقتل سليماني، وفي أي اغتيال أو فشل آخر .
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة