ظهرت خلال الأيام الماضية مؤشرات مهمة على احتمال إقدام واشنطن على تصنيف مليشيات الحوثي جماعة إرهابية قبل مغادرة إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب السلطة في يناير المقبل.
ومن ذلك، تصريح وزير خارجية سلطنة عمان، بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، خلال كلمته في منتدى حوار المنامة مطلع هذا الأسبوع، والذي أكد فيه أن مسؤولا أمريكيا طرح مسألة تصنيف مليشيا الحوثي جماعة إرهابية خلال محادثات جرت في السلطنة، وكذلك التقرير الذي نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية في نوفمبر الماضي والذي كشف أن إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب تستعد لتصنيف مليشيات الحوثي في اليمن "منظمة إرهابية" قبل مغادرتها للسلطة.
ولاشك أن خطوة كهذه ستكون بالغة الأهمية إذا أقدمت عليها واشنطن بالفعل. فمن ناحية، ستشكل هذه الخطوة عامل ضغط كبير على المتمردين الحوثيين الذين استغلوا حالة الصمت الدولي تجاه جرائمهم لزيادة سلوكياتهم الإرهابية سواء داخل اليمن أو في محيطه الإقليمي. فعلى المستوى الداخلي مارست هذه الجماعة كل أنواع الجرائم الإرهابية من قتل وخطف وتعذيب وتشريد لآلاف اليمنيين. وقبل أيام فقط، ارتكبت هذه المليشيات مجزرة بشعة في قرية الفازة بمديرية الدريهمي، وراح ضحيتها 8 مدنيين من النساء والأطفال بينهم رضيعان. كما تعددت التقارير التي ترصد جرائمهم بحق أبناء الشعب اليمني وفئاته المختلفة، ولاسيما الأطفال والنساء والمدنيين العزل، والتي يصعب حصرها هنا، لكنها تقدم أدلة صادمه على حجم الجرائم الإرهابية التي ترتكبها هذه المليشيات بحق أبناء اليمن والتي يصعب مواصلة الصمت بشأنها.
وعلى المستوى الخارجي، واصلت هذه الجماعة أعمالها الإرهابية والإجرامية التي مثلت تهديداً لأمن واستقرار المملكة العربية السعودية الشقيقة والمنطقة ككل، بل وأيضاً للأمن العالمي من خلال تهديد حركة الملاحة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، وتهديد تجارة النفط العالمية والمنشآت النفطية السعودية. وقد شهدنا في الآونة الأخيرة تصعيداً ملحوظاً في الهجمات التي تشنها هذه المليشيات ضد الملاحة البحرية والمنشآت الحيوية المدنية في المملكة العربية السعودية؛ حيث نفذت هذه المليشيات اعتداءً إرهابياً قبل أيام على محطة توزيع للمنتجات البترولية شمال مدينة جدة، كما استهدفت قبل ذلك منشآت نفطية ومدنية أخرى، وسط التزام سعودي بأقصى درجات ضبط النفس حماية لأرواح أبناء الشعب اليمني ولإعطاء الفرصة للجهود الأممية والدولية لتسوية هذه الأزمة وتخليص الشعب اليمني من قبضة هذه المليشيات الإرهابية.
وبالتالي فإن وضع هذه الجماعة الإرهابية وقادتها على قائمة الإرهاب الأمريكية سيرسل رسالة واضحة لها ولداعميها بأن العالم لم يعد يتسامح مع ممارساتها الإرهابية.
من ناحية ثانية، ستشكل هذه الخطوة في حال تم تنفيذها بالفعل، تحركاً مهماً لعزل هذه المليشيات ومحاصرتها إقليمياً ودولياً، وقطع أي مصادر تمويل لها، أو أي مصادر تسليح لها؛ لأنه بموجب القوانين الأمريكية سيتم معاقبة أي دولة أو كيان أو أشخاص، تدخل في علاقات مع جماعات مصنفة إرهابية في الولايات المتحدة. وهذا من شأنه أن يقلل من قدرة هذه الجماعة على تشكيل تهديد للأمن الإقليمي والعالمي.
ومن ناحية ثالثة، ستدفع هذه الخطوة إذا تم السير فيها وإقرارها من قبل إدارة ترامب، الجهود الأممية والدولية الرامية إلى إيجاد تسوية سلمية للأزمة اليمنية، وهي الجهود التي تعرقلها هذه الجماعة الإرهابية ومن يدعمها، لأنها تدرك أي تسوية سلمية لن تسمح أبداً للشعب اليمني أن يظل رهينة لمثل هذه المليشيات الإرهابية التي لا يهمها إلا مصالحها أو مصالح القوى التي تدعمها.
إن التحرك نحو تجريم مليشيا الحوثي وتصنيفها جماعة إرهابية سيمثل بلا شك خطوة مهمة على طريق إنهاء معاناة الشعب اليمني، ووضع حد للتهديدات الإرهابية التي تمثلها هذه المليشيا بما يسهم في تعزيز حماية الأمن والسلم الإقليمي والدولي، وهو تحرك يجب أن يحظى بدعم إقليمي ودولي واسع يرسل رسالة واضحة بأنه لا مجال للتساهل مع الجماعات الإرهابية والمليشيات المتمردة إذا أراد المجتمع الدولي بالفعل تحقيق الأمن والاستقرار المنشود.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة