من بختيار إلى مسيح.. سجل إيران "الأسود" في ملاحقة المعارضين
ملاحقات واغتيالات عابرة للحدود حَفِل بها سجل إيران على مدار عقود، طالت معارضين للحاكم بسيطرته عبر وكلاء أو عملاء.
فقد ظل المعارضون للنظام الإيراني خلال العقود الماضية هدفاً للسلطات، ما بين اغتيالهم أو خطفهم بطريقة أو بأخرى في الخارج ونقلهم إلى داخل البلاد، ليتم إعدامهم في محاكمات لا تتسم بالعدالة، حسب المنظمات الحقوقية.
اغتيالات واختطافات بالجملة
وتشير إحصائية صدرت العام الماضي، إلى عمليات الاغتيال التي نفذها النظام الإيراني شملت 21 معارضا سياسيا على الأقل، جرى استهدافهم بالخارج في الفترة ما بين 1979 إلى سبتمبر/أيلول 2020.
ومؤخراً أصدر مركز عبدالرحمن برومند لحقوق الإنسان تقريرًا وثق هوية أكثر من 540 إيرانياً نُسبت جريمة قتلهم أو اختطافهم إلى النظام في طهران.
وقال المركز إن "عملاء الجمهورية الإسلامية نفذوا منذ ثورة 1979 مئات الهجمات ضد لاجئين في دول مختلفة، ولأنهم كانوا محصنين في كثير من الأحيان من أي عقاب، فقد كرروا هذه الهجمات عدة مرات".
ولم يكن اغتيال المعارض الكردي الإيراني البارز موسى باباخاني من قبل السلطات في فندق بمحافظة أربيل شمال إقليم كردستان العراق، السبت الماضي، الأخير في قائمة الاغتيالات والاستهدافات التي تطال المعارضين خارج الحدود.
عقود من الملاحقة
بل إن موجة الاغتيالات بدأت فور اندلاع ما يسمى "الثورة الإيرانية" عام 1979 وسقوط نظام الشاه محمد رضا بهلوي، ومن حينها تلاحق السلطة الجديدة المعارضين للنظام، وفي مقدمتهم الأكراد.
من أوائل وأبرز المستهدفين شابور بختيار الذي كان آخر رئيس وزراء في إيران تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي، وبعد الثورة اضطر للتوجه إلى باريس التي بقي فيها حتى تم اغتياله في 6 أغسطس/آب 1991، وقد تعرض للطعن حتى الموت في منزله وتم التخطيط له من خلال تجنيد إرهابيين محترفين.
وكان شابور بختيار أحد رموز المعارضة قبل أن يتم تكليفه من قبل الشاه بتشكيل حكومة بعد مغادرة بهلوي، واستمر في منصبه إلى أن أتى المرشد روح الله الخميني وأطاح بحكومته، فغادر إلى منفاه بفرنسا وشكّل جبهة المقاومة الوطنية في إيران (NAMIR) المعارضة.
ويعتقد البعض أن اغتيال علي أكبر طبطبائي، المتحدث باسم السفارة الإيرانية في واشنطن في عهد بهلوي، هو ثاني اغتيال سياسي للنظام الإيراني الحالي، بعد اغتيال شهريار شفيق، ابن شقيق محمد رضا شاه بهلوي الذي تم اغتياله في باريس عام 1979.
وهناك قائمة طويلة للشخصيات السياسية من كافة القوميات التي تم استهدافها من قبل السلطات الإيرانية في الخارج، إما بالاختطاف والإعادة قسرا إلى البلاد ثم الإعدام، وإما إنهاء حياتهم في بلد المهجر.
وحادثة الاختطاف الأبرز في هذا العقد هي جلب جهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني بخديعة محكمة، الصحفي المعارض المقيم في فرنسا روح الله زم، إلى البلاد، وإعدامه في شهر يوليو/تموز من العام الماضي.
وفي مطلع آب/أغسطس 2020، أعلنت قوات جهاز الاستخبارات الإيراني اختطاف المعارض البارز جمشيد شارمهد بعملية أمنية وصفتها بالمعقدة، فيما قالت تقارير إن اختطافه تم في طاجيكستان.
ويحمل جمشيد شارمهد الجنسية الألمانية والإيرانية معاً، وقد حذرت منظمة العفو الدولية في أبريل/نيسان الماضي، من أنه يواجه خطر الإعدام.
وفي أواخر أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، سلمت تركيا إيران حبيب أسيد نائب رئيس حركة النصال لتحرير الأهواز عقب وصوله إلى مطار إسطنبول عند استدراجه من قبل المخابرات الإيرانية عن طريق فتاة ايرانية.
أحدث عملية اختطاف "فاشلة"
ومؤخراً تمكنت الولايات المتحدة من إحباط محاولة اغتيال الناشطة السياسية والإعلامية المعارضة مسيح علي نجاد، التي تقيم في أمريكا.
وتعد مسيح علي نجاد أبرز ناشطة معارضة للنظام الإيراني وهي من أهالي محافظة مازندران شمال البلاد، وتبلغ من العمر 44 عاماً.
كما تعد من أبرز المؤيدين للحركة البيضاء المناهضة للحجاب الذي تفرضه السلطات الإيرانية على النساء والتي بدأت في عام 2017.
وتؤكد تقارير للمعارضة أن استهداف المعارضين والقادة السياسيين، وكذلك قادة ونشطاء الأقليات العرقية والدينية والمسؤولين في دول أخرى، يبقى هدفاً لقادة إيران التي تهدد بشكل متزايد نشطاء المجتمع المدني وترهيب الصحفيين في الخارج.
وتسعى إيران إلى إسكات نشطاء المجتمع المدني والصحفيين من خلال التهديدات بالقتل.
ولطالماً دعت الأمم المتحدة الحكومة الإيرانية إلى إنهاء التهديدات ضد الصحفيين العاملين خارج إيران.