يجب أن نهنئ أنفسنا بالكفاءة العالية لأجهزة الاستخبارات وللكفاءة العالية للقضاء العسكري، حفظ الله البحرين من كل شر ومن كل مكروه.
القضية التي نُظرت أمس في القضاء العسكري، والتي تمثلت في الجلسة التي عقدتها المحكمة العسكرية الكبرى أمس حيث أصدرت حكمها في قضية تشكيل خلية إرهابية، والشروع في اغتيال صاحب المعالي القائد العام لقوة الدفاع وارتكاب عدد من الجرائم الإرهابية الأخرى، والمتهم فيها عدد (18) شخصاً، منهم عدد (10) حاضرين، وعدد (8) هاربين داخل مملكة البحرين وخارجها في كل من إيران والعراق، حيث قضت المحكمة بإدانة عدد (6) من المتهمين عن التهم المسندة إليهم، والحكم عليهم بإجماع الآراء (بالإعدام) والسجن (15 سنة) وإسقاط الجنسية البحرينية عنهم.
قضية لها عدة دلالات ومؤشرات قياس نحتاج أن نقف عندها وكل واحدة منها تحتاج إلى عدة مقالات.
إن كانت إيران قد أشهرت عداءها ولا نستغرب أن تنحدر في عداوتها إلى هذا المستوى فإن العراق الآن على المحك، لذلك لا بد من الملاحقة القانونية لمن يلوذ بإيران أو بالعراق، وإلا سيُعدُّ السكوت عن ملاحقتهم تخاذلاً غير مسموح به
الدلالة الأولى هي الكشف عن إمكانيات وقدرات الأجهزة الاستخباراتية العسكرية، والتي كشفت عن خفايا هذه القضية المعقدة التي يشترك فيها عنصر عسكري مع عناصر مدنية، وتلك إمكانيات نهنئهم عليها وتدل على درجة اليقظة واتساع دائرة المراقبة حتى شملت عناصر عسكرية ومدنية، والوصول لنتائج استباقية، فيستحقون الشكر والثناء والتقدير.
كما أن الدلالة الثانية أن تلك القضية تكشف عن حجم الإرهاب الذي تواجهه البحرين، فالمستهدف ليس أي شخص عام؛ بل هو القائد العام لقوة دفاع البحرين، أي قائد للقوات المسلحة البحرينية، وأين؟! في عقر دارها وفي رأس هرمها، وربما كانت النية أن يعاد سيناريو مقتل السادات بشكل أو بآخر، وهذا هدف يستدعي وجود تمويل ضخم لشراء الذمم، ويتطلب نوعية متطورة من آليات الاتصال أجهزةً وتدريباً نوعياً، مما يدل على أن إيران تشن حرباً علينا وبشكل تصاعدي.
الدلالة الثالثة أن إيران والعراق أصبحتا مراكز لتصدير الإرهاب في المنطقة، والدولتان تشتركان الآن بالضلوع في هذا المخطط الإرهابي الغاشم، وأنهما كانتا مركزاً لتدريب ومراكز إيواء للهاربين، فإن كانت إيران قد أشهرت عداءها ولا نستغرب أن تنحدر في عداوتها إلى هذا المستوى؛ فإن العراق الآن على المحك، لذلك لا بد من الملاحقة القانونية لمن يلوذ بإيران أو بالعراق، وإلا سيُعدُّ السكوت عن ملاحقتهم تخاذلاً غير مسموح به، فعلى العراق أن يسلّم هذا الإرهابي إن كان الجعفري وزير الخارجية صادقاً فيما قال بأنه سيدافع عن البحرين لو تعرضت لعمل إرهابي، وإلا اُعتبِرت العراق ضالعة في جريمة محاولة اغتيال القائد العام للقوات المسلحة البحرينية، وتلك تهمة لا أعتقد أن أي عراقي يتشرف بحملها في عهده.
الدلالة الرابعة أن التعديل الدستوري الذي سمح بإحالة القضايا المشتركة في عناصرها مدنية وعسكرية، والتي تستهدف أهدافاً عسكرية ليكون موقع نظرها المحاكم العسكرية لا المدنية، وأن ينظرها وفقاً لقانون القضاء العسكري لهو تعديل صحيح وسليم، فالعديد من حيثيات هذه القضية تحوي معلومات وبيانات أمنية لا يمكن إخراجها من أضابيرها الأمنية العسكرية؛ وإلا عُدَّ ذلك تهاوناً في الأسرار الأمنية.
أما الدلالة الخامسة أن تلك القضية وضعت مصداقية التعديل الدستوري على المحك، فكما جاء في قانون القضاء العسكري توفرت كافة الضمانات لدى المتهمين بوجود ثلاث درجات للتقاضي، وبوجود محامين ومراقبين حقوقيين وإعلام وقد كانت هذه القضية فرصة لامتحان مصداقية الممارسة.
لذا يجب أن نهنئ أنفسنا بالكفاءة العالية لأجهزة الاستخبارات وللكفاءة العالية للقضاء العسكري، ونهنئ أنفسنا بأننا في أيدٍ أمينة، حفظ الله البحرين من كل شر ومن كل مكروه.
نقلاً عن " الوطن " البحرينية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة