دفن المعارضين سرا.. نهج إيراني لـ"خصخصة الموت وتعميم الألم"
شكت شقيقة معارض إيراني دفن سرا من إخفاء السلطات للموقع الذي وري فيه جثمانه الثرى، لكن يبدو أنها ممارسة ممنهجة لنظام طهران.
وقالت شقيقة المعارض رضا حقيقت نجاد "دلوني على أي مكان في التاريخ ارتكبت هذه القسوة".
ووصل جثمان حقيقت نجاد، وهو مراسل صحفي ومحرر موقع إذاعة "فردا" الإيراني المعارض، إلى مطار مدينة شيراز جنوب إيران الأربعاء الماضي، قادما من ألمانيا. واحتجزت السلطات الجثمان منذ ذلك الحين في مكان مجهول، ودفن عناصر الحرس الثوري الإيراني جثته سرا في وقت لاحق دون إذن أو علم الأسرة.
ولم يسمح الضباط لأسرة حقيقت نجاد بتوديع ابنها الذي غاب عنهم لأكثر من ست سنوات، وجرى دفن جثته في منطقة بعيدة عن مسقط رأسه.
وقالت بيغم جان رئيسي والدة رضا حقيقت نجاد في مقطع فيديو في وقت سابق إن "عملاء الحكومة" حرموها من رؤية ابنها لمدة ست سنوات.
وكان الصحفي حقيقت نجاد يعمل لصالح إذاعة "فردا" الإيرانية المعارضة التي تمولها الخارجية الأمريكية لسنوات طويلة بعدما أسس في السابق موقع "إيران واير" المعارض عقب خروجه من إيران عام 2009.
وقبل ستة أشهر اكتشف رضا حقيقت نجاد إصابته بسرطان القولون وانتشاره في الكبد، وتلقى العلاج في براغ ثم في برلين، ورغم خضوعه لبرنامج علاج كيميائي توفي في 17 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وفي الخميس الماضي، أفادت وسائل إعلام إيرانية مقربة من الإصلاحيين، بأن السلطات في مدينة رشت قامت بدفن جثث سجناء سراً لقوا حتفهم جراء احتجاجات وقعت في سجن مدينة "لاركان" شمال إيران.
ونشر موقع "سحام نيوز" وناشطون صوراً قالوا إنها عملية "دفن سري" للسجناء الذين قتلوا في سجن لاركان بمدينة رشت شمال إيران.
ونفت السلطات مزاعم النشطاء، ونقلت وكالة أنباء فارس، نقلا عن العلاقات العامة في مستشفى بيروز في لاهيجان أنه بخصوص الشبهات المتعلقة بدفن عدة أكياس من النايلون تحتوي على "جثث بشرية" في مقبرة قرية لاهيجان، أنها تخص "150 جثة من الأجنة".
وكانت وسائل إعلام إيرانية رسمية أفادت في 10 من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، عن اندلاع صراع في سجن لاكان في رشت أوقع جرحى، فيما تحدثت وسائل إعلام أخرى عن سقوط قتلى.
وكانت صحيفة "فراز" الإلكترونية قد ذكرت في وقت سابق مقتل ما لا يقل عن 12 سجيناً في الصراع الدائر في هذا السجن.
وفي مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، كشفت مجموعة "عدالة علي" الإيرانية المتخصصة بالقرصنة، عن قيام السلطات الإيرانية بدفن 110 من جثث ضحايا الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني لعام 2019.
وقالت المجموعة إنها حصلت على وثيقة من مراسلات السلطات القضائية الإيرانية، والتي تشير إلى دفن 110 جثث لضحايا تلك الاحتجاجات "سراً" وبأمر من إبراهيم رئيسي، رئيس القضاء آنذاك.
الاحتجاجات التي جاءت على خلفية رفع أسعار الوقود في عهد الرئيس السابق حسن روحاني، أوقعت قرابة 1500 قتيل من المتظاهرين وفق تصريحات للمعارضة الإيرانية.
وفيما لم تكشف السلطات الرسمية الإيرانية حتى الآن عن عدد القتلى والجرحى والمعتقلين، تكتفي بنفي ما تورده المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية عن أرقام الضحايا.
وتواجه السلطات الإيرانية منذ أسابيع موجة احتجاجات واسعة على خلفية مقتل شابة كردية مهسا أميني خلال احتجازها على يد شرطة الأخلاق.
وقال مراقبون إن الموجة الراهنة من الاحتجاجات تعكس آمال جيل جديد في العيش بحرية وكرامة، لافتين إلى أنها تهدد باقتلاع النظام القائم منذ 1979.
وتتهم طهران دولا غربية بالمسؤولية عن تأجيج موجة الغضب، في وقت يعكس التصريحات الصادرة عن المسؤولين ارتباكا في معالجة الأزمة.
وقالت وسائل إعلام رسمية عن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قوله إن الأمن في إيران خط أحمر ولن يسمح للأعداء بتقويضه، وذلك في خضم الاحتجاجات التي تعم أنحاء البلاد بعد وفاة مهسا أميني في سبتمبر/ أيلول.
وقال رئيسي "الأمن هو الخط الأحمر (..)، ولن نسمح للعدو بتنفيذ مخططاته بأي شكل من الأشكال لتقويض هذه الثروة الوطنية القيمة".
وعلى ما يبدو تخشى السلطات الإيرانية أن تتحول مراسم تشييع المعارضين إلى مظاهرات احتجاجية تفاقم من الوضع الأمني الهش في البلاد.
aXA6IDE4LjExNi45MC4xNjEg
جزيرة ام اند امز