نفط إيران الرخيص يتعثر في أكبر أسواقه.. أزمة أسعار مع الصين
طلبت إيران، التي تعرف بكونها مصدرا لأحد أرخص إمدادات النفط في العالم، زيادة سعر الخام من الصين (أكبر عملائها) في خطوة مفاجئة قد يكون لها تاثيرا أكبر على الأسواق العالمية.
ونقلت وكالة رويترز، عن مصادر في التجارة والمصافي إن تجارة النفط بين الصين وإيران تعثرت مع امتناع طهران عن الشحن ومطالبتها بزيادة الأسعار.
- أسعار النفط تودع 2023 بانخفاض 10%.. البرميل يدفع ثمن التوترات العالمية
- أسعار النفط ترتفع لأول مرة في 2024 إثر تصاعد الخوف بالبحر الأحمر
والصين هي أكبر مستورد للنفط في العالم، وقد يؤدي انخفاض إمدادات النفط الإيراني لها إلى دعم الأسعار العالمية وتقليص أرباح مصافي التكرير الصينية.
ويمثل النفط الإيراني نحو 10% من واردات الصين من الخام والذي بلغ مستوى قياسيا في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
خطوة مفاجئة
وربما تكون هذه الخطوة المفاجئة التي وصفها أحد المسؤولين التنفيذيين في الصناعة بأنها "تقصير"، أو تخلف عن الوفاء بالإمدادات، رد فعل على رفع الولايات المتحدة في أكتوبر تشرين الأول للعقوبات المفروضة على النفط الفنزويلي مما أدى إلى ذهاب شحنات المنتج الجنوب أمريكي إلى الولايات المتحدة والهند، الأمر الذي ترتب عليه ارتفاع الأسعار بالنسبة للصين مع تقلص الشحنات.
ولم ترد شركة النفط الوطنية الإيرانية ووزارة التجارة الصينية ووزارة الخزانة الأمريكية على الفور على طلبات رويترز للتعليق.
وقال 5 تجار يتعاملون في النفط أو على دراية بالمعاملات لرويترز إن البائعين الإيرانيين أبلغوا المشترين الصينيين في وقت مبكر من الشهر الماضي أنهم سيقلصون الخصم على تسليم ديسمبر/ كانون الأول ويناير/ كانون الثاني من الخام الإيراني الخفيف إلى ما بين خمسة وستة دولارات للبرميل عن سعر التداول لخام برنت.
وقال التجار إن الصفقات التي أبرمت في نوفمبر تشرين الثاني بلغت قيمة الخفض فيها نحو 10 دولارات للبرميل.
مأزق طهران وبكين
وقال مسؤول تنفيذي في التجارة مقيم في الصين "يعتبر هذا تقصيرا كبيرا ويبدو أن الأمر برفع الأسعار جاء من المقر الرئيسي في طهران، حيث إنهم يحجبون الإمدادات أيضا عن الوسطاء".
وقال مسؤول تنفيذي في شركة وسيطة صينية تشتري مباشرة من إيران إن الدولة العضو في أوبك "تحجب بعض الشحنات"، مما يؤدي إلى "مأزق" بين المشترين الصينيين والموردين الإيرانيين.
وقال هذا المسؤول التنفيذي "ليس من الواضح كيف ستنتهي الأمور... دعونا ننتظر قليلا وننظر لمدى استعداد المصافي لقبول السعر الجديد".
ووفرت الصين مليارات الدولارات من شراء نفط بخصم كبير من منتجين خاضعين لعقوبات مثل إيران وفنزويلا، ثم روسيا في الآونة الأخيرة، وتزود هذه الدول الصين بنحو 30 بالمئة من وارداتها من النفط الخام.
تأثر المصافي الخاصة
لم يتضح بعد حجم التخفيضات التي طرأت على الإمدادات الإيرانية إلى الصين. وقال تاجران إن مشتريا واحدا على الأقل قبل أسعارا أعلى، وأوضحا أن شركة تكرير مقرها شاندونغ اشترت شحنة في أواخر الشهر الماضي بخصومات تتراوح بين 5.50 دولار و6.50 دولار على أساس التسليم في الميناء المتفق عليه في بلد الوصول.
وأضاف التاجران أن الخصومات قد تتقلص أكثر لأن أحدث عرض تم سماعه كان 4.50 دولار. ويقول التاجران إن متوسط الخصم في العام الماضي على الخام الإيراني الخفيف، وهو نوع رئيسي تشتريه الصين ويتمتع بإنتاجية عالية من نواتج التقطير المتوسطة، بلغ نحو 13 دولارا.
وقال مشتر من شاندونغ "لا يزال المشترون يواجهون صعوبة في إيجاد حل لأن الأسعار الجديدة مرتفعة للغاية... لكن بما أن الخيارات المتاحة أمامهم باتت محدودة والجانب الإيراني متعنت للغاية، فإن المجال أمام التفاوض في الأسعار صعب وليس في صالح المشترين الصينيين".
"أباريق الشاي"
وأصبحت المصافي الخاصة الأصغر حجما في الصين، والتي تسمى "أباريق الشاي"، نسبة لتصميماتها، من كبار عملاء طهران منذ شراء النفط الإيراني لأول مرة في أواخر عام 2019. وقد حلت محل المصافي الحكومية التي توقفت عن التعامل مع إيران بسبب مخاوف من مخالفة العقوبات الأمريكية.
وتقول مصادر تجارية إن المصافي الخاصة الصينية تجتذب نحو 90 بالمئة من إجمالي صادرات النفط الإيرانية والتي عادة ما تستوردها على أنها نفط منشأه ماليزيا.
وفي خضم الصراع حول الأسعار، انخفض إجمالي صادرات إيران وواردات الصين من طهران.
وذكرت شركة فورتكسا أناليتكس لتتبع ناقلات النفط إن الصين استوردت نحو 1.18 مليون برميل يوميا من النفط الإيراني الشهر الماضي مقارنة مع 1.22 مليون برميل يوميا في نوفمبر تشرين الثاني وبانخفاض قدره 23 بالمئة عن الرقم القياسي المسجل في أكتوبر تشرين الأول البالغ 1.53 مليون برميل يوميا.
ويمثل ذلك الجزء الأكبر من صادرات إيران العالمية من النفط الخام المنقول بحرا والتي قدرتها شركة كبلر بنحو 1.23 مليون برميل يوميا في ديسمبر كانون الأول، انخفاضا من 1.52 مليون برميل يوميا في نوفمبر تشرين الثاني.
مخزون إيران
وتقول كبلر إن المخزون العائم قبالة إيران والمياه القريبة منها ارتفع بنحو مليوني برميل إلى 15.5 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي.
وقال مدير تجاري في مصفاة مستقلة "الإيرانيون يريدون اللحاق بأسعار خام إسبو (الروسي). لكنهم لا يدركون تماما مدى اختلاف العقوبات المفروضة على النفط الإيراني عن تلك المفروضة على النفط الروسي".
وفرضت واشنطن عقوبات على أكثر من 180 شخصا وكيانا مرتبطين بقطاعي النفط والبتروكيماويات في إيران منذ عام 2021، وحددت 40 سفينة على أنها ممتلكات محظور التعامل معها لكونها مملوكة لكيانات خاضعة لعقوبات.
وتتمثل القيود الرئيسية المفروضة على النفط الروسي في وضع الولايات المتحدة وحلفائها حدا أقصى لسعر البرميل عند 60 دولارا في ديسمبر كانون الأول 2022 بهدف معاقبة موسكو على غزوها لأوكرانيا.
وتدفع الهند، وهي مشتر رئيسي للنفط الروسي، في الغالب أكثر من 60 دولارا للنفط ووصل الرقم إلى 85.42 دولار في نوفمبر تشرين الثاني، وهو أعلى مستوى منذ أن وضعت مجموعة الدول الصناعية السبع الحد الأقصى.
aXA6IDE4LjIyMi43OC42NSA= جزيرة ام اند امز