"فورين بوليسي": فساد النظام الإيراني يستنزف موارد البلاد المائية
مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية قالت إن نقص المياه الحاد في إيران أحد أسباب الاضطرابات في البلاد
منذ أكثر من عام، وبالتحديد منذ ديسمبر/كانون الأول 2017، أصبحت المظاهرات والعصيان المدني أمراً ثابتاً في إيران، والكثير من الشكاوى الاقتصادية والسياسية التي تؤجج هذه الاضطرابات مألوفة لدى المراقبين الغربيين، ولكنهم أغفلوا سبباً رئيسياً لهذه الاضطرابات؛ وهو نقص المياه الحاد في البلاد، وفقاً لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.
وقالت "فورين بوليسي" إن أحد أسباب أزمة المياه في إيران هو تغير أنماط الطقس، ولكن معظم اللوم يقع على إدارة الحكومة الإيرانية غير المؤهلة والفاسدة للمياه.
- إيران .."حرب مياه" على الأبواب والعطش يضرب الأحواز
- مشروعات الحرس الثوري الفاشلة تنذر بـ"أزمة جفاف كبرى" في إيران
وترى المجلة أن مَن يسمون بالمعتدلين والإصلاحيين مثل الرئيس السابق محمد خاتمي والرئيس الحالي حسن روحاني يتحملون مسؤولية هذه الكارثة كأي مسؤول إيراني آخر.
وأضافت أن فساد النظام المترسخ والمحسوبية وسوء إدارة الموارد البيئية والطبيعية، وصل بإيران إلى حافة الكارثة، ففي عام 2013، قال الرئيس السابق لهيئة حماية البيئة في إيران إن 85% من المياه الجوفية في البلاد استُهلكت في الوقت الذي تضاعف عدد السكان خلال الـ 40 عاماً الماضية.
وأشارت المجلة إلى تصريحات عيسى كالانتاري، وزير الزراعة السابق ورئيس هيئة حماية البيئة، التي قال فيها إن الملايين سيضطرون إلى الهجرة إلى دول أكثر تقدماً خاصة في أوروبا، إذا لم تُحل أزمة المياه خلال فترة تتراوح من 20 إلى 30 عاماً.
وأوضحت "فورين بوليسي" أن عدد سكان إيران كان أقل من 34 مليون فرد قبل ثورة 1979.
وكانت مصادر المياه المتجددة بالبلاد تبلغ 135 مليار متر مكعب، ولكن مع وصول عدد السكان إلى 80 مليون نسمة في السنوات الأخيرة، تقلصت مصادر المياه المتجددة إلى 80 مليار متر مكعب؛ بسبب انخفاض هطول الأمطار وارتفاع مستويات التبخر، وفي الوقت ذاته ارتفع معدل استهلاك الفرد للمياه.
وعلى مدى أكثر من 3000 عام، تجنب الإيرانيون الاستغلال المفرط طبقات المياه الجوفية من خلال الاعتماد على قنوات أرضية لنقل المياه دون التعرض للشمس، ولكن طبقات المياه الجوفية بدأت تستنفد عندما قدم الشاه محمد رضا بهلوي تكنولوجيا حفر الآبار لإيران ومضخات المياه القوية.
وحذر العديد من خبراء المياه والبيئة الإيرانيون الحكومة من انخفاض متوقع في المعدل السنوي لسقوط الأمطار نتيجة لتغير المناخ الذي سيكون له تأثير حاد على المياه السطحية ومصادر المياه الجوفية.
وللحد من هذه الآثار، اقترح الخبراء خططاً لخفض استهلاك المياه وتنويع إنتاج الغذاء، والسعي إلى سياسات أكثر استدامة لقطاع الزراعة الذي يستهلك أكثر من 90% من موارد إيران المائية.
وبدلاً من ذلك، بدأت إيران في بناء مئات السدود، معظمها لا يوجد له أي أهمية، وشبكات أنابيب جديدة لنقل المياه وقنوات، وكان أمل حكومة إيران من هذه الإجراءات هو جمع المياه الكافية للمشاريع الزراعية والصناعية.
وعلى الرغم من استفادة بعض الشركات المرتبطة بالنظام من بناء السدود، منعت هذه السدود الأنهار الرئيسية من الوصول لأجزاء كثيرة من البلاد، وتغذية طبقات المياه الجوفية.
في غضون ذلك، شجع النظام المزارعين على زراعة المزيد من القمح والحبوب الأخرى دون الاهتمام لكثافة المياه التي تحتاجها هذه الحبوب وتفاقم حالة طبقات المياه الجوفية؛ الأمر الذي دفع المزارعين إلى حفر عشرات الآلاف من الآبار بصورة غير قانونية ودون أي إشراف أو مساءلة.
وعلى مدى السنوات الـ40 التي تلت الثورة، قفز عدد الآبار من 60 ألفا إلى 800 ألف، وأعلن نائب وزير الزراعة العام الماضي أن 430 ألفا من هذه الآبار تم حفرها بصورة غير قانونية، وأن المزارعين كانوا يضخون كمية كبيرة من المياه من الآبار القانونية.
وبنى النظام الإيراني أكثر من 600 سد، ووعد بتوفير المياه الكافية للمزارعين في جميع أنحاء البلاد؛ ولكن هذه السدود منعت المياه من الوصل إلى البحيرات والأراضي الرطبة وطبقات المياه الجوفية، وبدأت هذه الطبقات في الانهيار بسبب عدم تغذيتها.
وأوضحت "فورين بوليسي" أن تدمير النظام الإيراني لموارد البلاد المائية يظهر بشكل واضح في نهر زاينده (مانح الحياة بالفارسية) الذي ينبع من جبال زاجروس غرب إيران ويصب في منطقة كاوخوني وسط إيران، وكان هذا النهر هو السبب وراء ازدهار مدينة أصفهان لقرون.
aXA6IDE4LjIxOS4xNS4xMTIg
جزيرة ام اند امز