منذ أن وصل أصحاب العمائم إلى السلطة في إيران، ظهر الإرهاب في الخليج العربي في أبشع صورة.
منذ أن وصل أصحاب العمائم إلى السلطة في إيران، ظهر الإرهاب في الخليج العربي في أبشع صورة عندما تم احتلال السفارة الأمريكية في طهران، وظهر معه نمط جديد من الراديكالية القائم على حكم رجال الدين المتشددين المرتكز على الاثنا عشرية وولاية الفقيه ومقولات تصدير الثورة إلى الجيران وفي الاتجاهات كافة، خاصة دول الخليج العربي، وبشتى الوسائل الممكنة والمتاحة، ومن ضمنها الإرهاب. لقد شكّل القادمون الجدد تحديات حقيقية لدول المجلس، حيث شهد البعض منها محاولات للمساس بأمن دول الخليج، والبعض الآخر تحريك مظاهرات ودعم تحركات غوغائية، في حين أن دولة كالبحرين الشقيقة شهدت محاولة للمساس بأمنها الداخلي وأعمالا إرهابية مباشرة كالتفجيرات والحرائق التي طالت مرافق عامة وممتلكات للمواطنين وتشكيل شبكات إرهابية منظمة، أسستها إيران من خلال عملاء لها وطابور خامس وأمدتها بالأموال والعتاد والتدريب. وفي كل حالة يحدث فيها شغب أو عملية إرهابية تدعي بوتقة الإعلام الإيرانية أن ما يحدث هو من عمل الداخل في الدول المعنية، وهي ليس لها يد ودخل في ذلك، لكن ما تثبته التحقيقات وتدل عليه الوقائع على الأرض، يكشف ويؤكد حقائق خطيرة بأنها بتدبير ودعم من إيران وليست عفوية أو من إفرازات وصنع الداخل.
إن الأمر الأكثر أهمية في الموضوع هو أنه بغض النظر عن ما نسوقه من طرح حول قدرة إيران على دعم الإرهاب في دول المجلس، إلا أن إيران أقل قدرة وكفاءة في هذا الجانب مما يعتقد في مقابل ما تمتلكه دول المجلس من قدرة وكفاءة على حماية ذاتها
ونتيجة لذلك، فإن إيران تجعل دول المجلس متيقنة من أنها تواجه تحديات مزعجة من أجهزة نظام حكم معادٍ لها فيما يتعلق بدعم الإرهاب والتحريض على أعمال العنف والتخريب. وبالتأكيد أن ردود أفعال دول المجلس على مثل تلك الأعمال ليست واهنة أو متخاذلة، بل هي القيام بتعزيز إمكاناتها ووسائلها ونظمها الأمنية والدفاعية الخاصة بمكافحة الإرهاب، وبالذات من نواحٍ استباقية من زاوية اكتشاف الإرهابيين ومخابئهم ومكامنهم ومستودعات معداتهم وأجهزتهم المستخدمة في عملياتهم الإرهابية. لذلك فإن أي محاولة لتنفيذ عملياتهم الإرهابية يتم إفشالها، وأي مسعى لإثارة القلاقل والاضطرابات وزعزعة الأمن والاستقرار يتم التصدي لها مسبقا. وتشير جميع الدلائل إلى أن دول المجلس التي تحاول إيران ممارسة الإرهاب ضدها، خاصة المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة، قد نجحت في الحد من تنفيذ أي عمليات إرهابية تدعمها إيران على أراضيها، وأوقفت أي مجموعات أو فئات طائفية أو مذهبية عن القيام بإثارة أي قلاقل سياسية لديها.
إن الأمر الأكثر أهمية في الموضوع هو أنه بغض النظر عن ما نسوقه من طرح حول قدرة إيران على دعم الإرهاب في دول المجلس، إلا أن إيران أقل قدرة وكفاءة في هذا الجانب مما يعتقد في مقابل ما تمتلكه دول المجلس من قدرة وكفاءة على حماية ذاتها، بمعنى أننا لا نود المبالغة في تهويل قدرات إيران على هذا الصعيد.
لكن يبقى أن علاقة إيران بالإرهاب والإرهابيين في دول المجلس وغيرها مسألة معقدة، ففي حين أنها تقدم الدعم الأدبي والكثير من مظاهر الدعم المادي واللوجيستي، إيران ليست قادرة على السيطرة على جميع التنظيمات الإرهابية غير المعروف عددها حتى الآن وبدقة، وهي لم تتمكن من ذلك في أي لحظة منذ أن ولجت في هذا الطريق الخطير. نعم هي لن تتوقف عن عدائها المستحكم لعرب الخليج العربي، وللعرب بشكل عام، لكنها غير قادرة على تحقيق ما تصبو إليه. وبالإضافة إلى ذلك، فإن المشاكل الشائكة والقلاقل والإرهاصات التي تعاني منها إيران ذاتها في الداخل، تضع أمامنا أسئلة محيرة وعلامات استفهام حول إمكانية نجاح محاولاتها إدارة وتوجيه تنظيمات إرهابية في دول المجلس، خاصة تلك التي يمكن أن يقترفها بعض الخونة في داخل أوطانهم. إن مخرجات الإرهاصات الإيرانية الداخلية وعلاقات الكراهية والحب بين المتشددين الإيرانيين وأولئك الذين يطلق عليهم «معتدلون» في داخل النظام الإيراني ذاته، والحكومة الإيرانية ستحدد الدرجة التي ستصبح من خلالها إيران قادرة على المضي قدما في تنفيذ أجنداتها وخططها الخاصة بدعم الإرهاب في دول المجلس.
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة