"نار تحت الرماد".. اقتصاد إيران المتدهور ينذر بغضب عارم
تقارير إخبارية إيرانية تحذر من اندلاع احتجاجات شعبية جديدة إثر سوء الأوضاع الاقتصادية بشكل غير مسبوق.
حذرت تقارير إخبارية إيرانية من اندلاع احتجاجات شعبية جديدة على غرار مظاهرات حاشدة أواخر عام 2017، إثر سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وفقا لأرقام رسمية صادرة عن مؤسسات حكومية في طهران.
ونقلت صحيفة جمهوري إسلامي (يومية حكومية) في عددها الصادر، الخميس، عن بيمان تركمانه المدير العام لجمعية إمداد الخميني (ذات طابع إغاثي) في محافظة همدان (غرب) أن هناك زيادة في أعداد الإيرانيين المنضويين حديثا تحت مظلة الإعانات الشهرية من الطعام والملابس تقدر بنحو 24% للأسر، و36% للأفراد العاديين.
- مستشار الرئيس الإيراني محذرا من موجة احتجاجات جديدة: الأسباب قائمة
- الإيرانيون ينتفضون ضد تمويل "الخميني للإغاثة" للمليشيات
واعتبر تركمانه أن تلك الأعداد تشهد زيادة مطردة بالنظر إلى المشكلات الاقتصادية في البلاد، مشيرا إلى أن البيانات المذكورة أعلاه تحدد مدى طبيعة أوضاع الناس في الأقاليم الإيرانية المختلفة، في الوقت الذي انحدرت في الأشهر الأخيرة قرابة 600 ألف أسرة إيرانية لأدنى سلم الفقر لدرجة حصولها على إعانات نقدية وغذائية دوريا، وفقا لتصريحات أدلى بها برفيز فتاح رئيس الجمعية الإغاثية الإيرانية نفسها.
وتلقت الأسواق المحلية في إيران صدمات وتوترات حادة منذ منتصف عام 2018، في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني مايو/أيار الماضي، بينما عجزت حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني عن اتخاذ خطوات جادة سوى توحيد سعر صرف النقد الأجنبي عند حدود 42 ألف ريال إيراني، إضافة إلى إطلاق وعود دعائية من مسؤولين رسميين؛ أبرزهم ولي الله سيف محافظ البنك المركزي السابق.
واقتصرت خطوات التعامل الحكومي مع أزمة شح النقد الأجنبي وتدني قيمة الريال لأقل من النصف أمام الدولار الأمريكي على اعتقال سماسرة في مناطق تجارة العملة بالعاصمة طهران لكنها لم تجدِ نفعا بعد أن ارتفعت أسعار السلع والبضائع الأساسية إلى حدود الضعفين.
وتصاعدت حدة أزمات معيشية في الأسابيع الأخيرة إلى درجة زيادة قياسية بأسعار اللحوم الحمراء والدواجن وشح الكميات المتبقية منها، بحيث اضطر على نحو جاد ربع مطاعم طهران إلى إغلاق أبوابها في وجه الزبائن بسبب صعوبة حصولها على بضائع ومواد أولية ضرورية في تجهيز أطباقها المفضلة، تبعا لتداعيات موجات الغلاء.
وكشف هوشيار فقيهي، مساعد الشؤون الاقتصادية بالغرفة التجارية الإيرانية، عن تشديد المراقبة والحراسات الأمنية على عمليات توريد السلع التموينية وصولا إلى توزيعها على المستهلكين؛ فيما تتواصل صفوف الإيرانيين أمام منافذ توزيع حكومية في الشوارع أملا في التزود ببعض الحصص الضئيلة من اللحوم والدواجن المجمدة.
وتدور مخاوف على المستوى الرسمي الإيراني من انفجار شعبي بسبب أزمات الغذاء المتفاقمة، حيث أعلن الادعاء العام في طهران ملاحقة مَن وصفهم بـ"المخلين" في مجال المواد الغذائية ولا سيما السلع البروتينية منها، بينما تشير بيانات صدارة عن مركز الإحصاء الإيراني (حكومي) إلى أن مؤشر التضخم السلعي على أساس شهري قد زاد بنسبة 24.3 % في نهاية فبراير/شباط الجاري.
وحذر وزراء في حكومة روحاني مؤخرا أبرزهم محمد جواد ظريف وزير خارجية طهران من أن صبر الإيرانيين بدأ ينفد ولن يستمروا في الصمود طويلا إزاء الأوضاع الراهنة التي وصفها بـ"السيئة" داخل بلاده.
وتناولت وسائل إعلامية إيرانية محلية تصريحات لسياسيين مقربين من تيار روحاني المعروف بكونه إصلاحيا نسبيا، أبدوا خلالها مخاوفهم من أن إيران على وشك مواجهة مظاهرات شعبية مثل نظيرتها التي استمرت من أواخر ديسمبر/كانون الأول 2017 حتى أوائل شهر يناير/كانون الثاني 2018.
وقال حسام الدين آشنا (مستشار الرئيس الإيراني) إن أسباب اشتعال احتجاجات جديدة لا تزال قائمة حتى الآن، بينما لفت صادق زيبا كلام (منظر إصلاحي) في مقابلة مع منصة "سلام نو" الإخبارية إلى أن هناك طبقة اجتماعية جديدة ظهرت على الساحة لديها سخط اقتصادي بشكل واسع النطاق، واصفا إياها بـ"نار تحت الرماد"، على حد تعبيره.