اقتصاد إيران.. تركة ثقيلة يرثها "رئيسي"
تعيش إيران أزمة اقتصادية خانقة، تعود بشكل أساسي لفساد حكومي وعقوبات واشنطن، ما يجعل الاقتصاد تركة ثقيلة أمام الرئيس الإيراني الجديد.
وأعلنت إيران، السبت، فوز المرشح المتشدد إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى بـ18 مليون صوت.
ويصنف "رئيسي" كأحد مرشحي نظام ولاية الفقيه في إيران ورئيس السلطة القضائية ورجل الدين المتشدد.
ويعاني الاقتصاد الإيراني من تضخم شديد ونسبة بطالة مرتفعة، ضاعف من تلك الأزمات عقوبات واشنطن على القطاعين المالي والنفطي الإيرانيين، ما أدى إلى تراجع حادّ في قيمة صرف العملة المحلية (الريال).
وزادت من حدة الأزمة تبعات جائحة كوفيد-19 التي تعد إيران أكثر الدول تأثرا بها في منطقة الشرق الأوسط.
وكان رئيس غرفة التجارة الإيرانية غلام حسين شافعي، قد أعلن أن "حصة بلاده في الاقتصاد العالمي تقلصت إلى النصف على مدار الأعوام الـ40 الماضية.
تتفاوض طهران مع 6 قوى عالمية لإحياء الاتفاق النووي الذي تخلى عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مايو/أيار 2018، واصفا إياه بأنه متساهل للغاية مع طهران، وبموجب الاتفاق الموقع في 2015 وافقت إيران على كبح برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الدولية.
- الديون تطفئ محطات الكهرباء في إيران.. "طهران" إلى ظلام
- حقيقة ثاني شحنة نفط إيرانية لأمريكا منذ عام 1991.. هل وصلت؟
وأعاد ترامب فرض العقوبات مما ترتب عليه تراجع عائدات النفط وإخراج إيران من النظام المصرفي الدولي، وتتطلع إيران للتحرر من قيود العقوبات الأمريكية في حالة إحياء الاتفاق.
وسيظل إنعاش الاقتصاد والتخلص من قيود أشد العقوبات الأمريكية قسوة على رأس قائمة الأهداف الاقتصادية، أمام إبراهيم رئيسي.
التضخم
وتجاوزت نسبة التضخم 36.5% خلال السنة الماضية، وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يزيد التضخم إلى 39% هذا العام.
وتقفز أسعار السلع الأساسية كالخبز والأرز يوميا، وأصبحت اللحوم حلما بعيد المنال للكثيرين، بعد أن قفز سعر الكيلوجرام ما يعادل 40 دولارا فيما يقف الحد الأدنى للأجور عند حوالي 215 دولارا، بحسب رويترز.
ونقلت رويترز عن مسؤول حكومي “التحدي الأكبر في انتظار رئيسي هو الاقتصاد. اندلاع الاحتجاجات سيكون حتميا إذا فشل في العثور على علاج لآلام الاقتصاد”.
وشهدت مدن إيرانية عدة احتجاجات على خلفية اقتصادية في شتاء 2017-2018 ونوفمبر/تشرين الثاني 2019، واعتمدت السلطات الشدّة في قمعها.
البطالة
وانضم نحو ما يزيد عن 1.5 مليون شخص إلى العاطلين عن العمل حيث بلغت نسبة البطالة 25%، وفق موقع "تجارت نيوز" الناطق بالفارسية، فيما يعيش 35% من الإيرانيين تحت خط الفقر، بحسب تقرير لمركز دراسات البرلمان الإيراني صدر في نهاية 2020.
واضطر الكثير من الطلاب للتخلي عن متابعة تعليمهم العالي خارج البلاد نظرا لافتقادهم الموارد المالية اللازمة. كذلك، لجأت عائلات تأثرت بأزمة البطالة، الى التقشف في الكثير من المصاريف الأساسية، والاعتماد على مداخيل بسيطة توفرها وظائف ظرفية.
النفط
سيكون الهدف الأصعب أمام الرئيس الإيراني الجديد تحرير صادرات النفط من قيود العقوبات.
وكلفت العقوبات إيران مليارات الدولارات التي كانت ستتحصل عليها من بيع النفط وفقدت طهران حصتها السوقية في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك).
وزادت صادرات طهران من النفط إلى مليوني برميل يوميا في 2016 ووصلت إلى ذروة عند 2.8 مليون برميل يوميا قبل أن يعيد ترامب فرض العقوبات عليها في 2018.
ولا تكشف إيران عن أرقام صادراتها الحالية، لكن بعض الشركات التي تراقب قطاع الطاقة قدّرت صادراتها بنحو 700 ألف برميل يوميا في أبريل/نيسان و600 ألف في مايو/أيار.
لكن تأثير التحول العالمي لمصادر الوقود ذات الانبعاثات الكربونية المنخفضة يتضافر مع تأثيرات جائحة كوفيد-19 في خفض الطلب على الطاقة، فيما يجعل إيران سوقا أقل جاذبية للعديد من شركات الطاقة الكبرى.
ويبدو أن معاناة إيران النفطية ستستمر طويلا خاصة أن كثير من شركات النفط الغربية لم تبد بشكل معلن استعدادها للاستثمار في إيران في حال رفع العقوبات، كما أن العديد من مستوردي النفط من طهران أعلنوا عدم استعداداهم لاستيراد النفط حتى الأن.
الأزمة الأصعب
ويقول تييري كوفيل، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية ("إيريس") في باريس، لوكالة فرانس برس، إن ما تختبره إيران حاليا يعدّ "الأزمة الأصعب التي تطال الاقتصاد الكلّي في إيران منذ الثورة".
ويوضح الخبير في الاقتصاد الإيراني أن هذه الصعوبات ترافقها "أزمة اجتماعية عميقة" تتمثل خصوصا بـ"انهيار القدرة الشرائية لجزء كبير من الإيرانيين".
ووفقا تقديرات صندوق النقد الدولي، تراجع الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 6% في 2018، وبأكثر من 6,8% في العام التالي. وعلى رغم عودته إلى تسجيل مستوى إيجابي في 2020، لا يزال الناتج المحلي عند مستويات تناهز التي عرفها في 2015.
ضعف الاستثمارات
وفي غياب هذه إيرادات النفطية، يرى كوفيل أن "الحكومة الإيرانية كانت ملزمة الحد من الاستثمار (في الاقتصاد المحلي)، من أجل مواصلة دفع النفقات الجارية ورواتب موظفي القطاع العام".
لكنه يرى أن سياسة تقليص الاستثمارات هذه "متواصلة منذ فرض العقوبات، وليس مصادفة أن نبدأ برؤية انقطاعات في التيار الكهربائي في إيران".
وقبل إبرام الاتفاق النووي، زادت الدول الغربية بعد العام 2010 من وتيرة العقوبات المفروضة على إيران سعيا لإبطاء برنامجها المثير للجدل.
وفي دراسة نشرت حديثا، يرى الخبير الاقتصادي الإيراني جواد صالحي-اصفهاني أنه "منذ 2011، تراجع نحو 8 ملايين شخص من الطبقة الوسطى الى الطبقة الوسطى الدنيا، ونحو 4 ملايين التحقوا بالطبقات الفقيرة".
وما زاد الصعوبات الاقتصادية سوءا، تأثر إيران بشكل كبير بفيروس كورونا.
أزمة كورونا
ويرى كوفيل أن جائحة كوفيد-19 "زادت من تأثير العقوبات الأمريكية"، خصوصا وأن "الحكومة (الإيرانية) ببساطة لم تكن تمتلك المال للتعويض اجتماعيا" عن آثار الأزمة الصحية.
وتعد إيران أكثر دول الشرق الأوسط تأثرا بكوفيد-19، وهي أعلنت رسميا وفاة أكثر من 81 ألف شخص بسببه، وفقا لفرانس برس.
aXA6IDMuMTM1LjIwMC4xMjEg جزيرة ام اند امز