لا شك أن وجود قوات مشتركة دولية سيشكل حالة من الرعب أو الارتباك للنظام الإيراني والدول المتحالفة معه.
من خلال قراءة الأحداث، هناك رسائل عدة للأحداث الأخيرة في منطقة الخليج خاصة الأعمال الإرهابية العدائية التي ارتكبها الحرس الثوري الإيراني ضد ناقلات النفط الدولية أو ما تقوم به أذرع إيران أو القوى بالوكالة من عمليات عدائية ضد المنطقة.
بلا شك أن القضاء على هذه المليشيات والقوى بالوكالة يفقد إيران محاور رئيسية ويجعلها في وضعية الدولة المحاصرة استراتيجيا، ما يجعلها ترضخ في أسرع وقت ممكن لجهود السلام والتفاوض على أسس التعايش المشترك ومنع التهديد والتخلي عن تصدير الثورة والاستجابة للمطالب الـ13 المعلنة من قبل التحالف الخليجي الأمريكي
الرسالة الأولى التي تحاول إيران إيصالها للتحالف الأمريكي الخليجي وللمجتمع الدولي من خلال هذه العمليات أنها تمتلك من الأدوات والقدرات ما يمكنها من تهديد ومن ثم عرقلة ومنع عمليات نقل وضخ النفط والغاز من المنطقة إلى مختلف دول العالم، وبالتالي حرمان الاقتصاد الدولي من مصادر الطاقة الضرورية. لا شك أن ذلك سوف يضر بشعوب المنطقة والمستوى المعيشي، مما قد يؤجج من مشاعر عدم الرضا على سياسة الرئيس الأمريكي، وقد تكون هناك ضغوط حقيقية تتزامن مع الانتخابات الأمريكية في 2020، مما يجعل الرأي العام الأمريكي ينقلب على سياسة إدارة البيت الأبيض، وبالتالي سيتبنى البديل السياسي بكل تأكيد مغايرة عن سابقه. هذا السيناريو يمكن إيران من كسب الوقت فتمضي قدماً في مخططها تجاه دول المنطقة بمحاورها المختلفة سواء اليمن أو سوريا أو لبنان والعراق وتجاه دول الخليج العربي أيضاً، بالإضافة إلى محور برنامجها للصواريخ الباليستيه أو التسلح النووي، مما قد يجعل دول العالم وليس فقط المنطقة تحت تهديد دائم وابتزاز إيراني.
كما ترسل القيادة المركزية في طهران رسالة أخرى، أنها على استعداد للتكيف مع جميع الضغوط المستمرة عليها، وأنها قادرة على مواجهة أي تصعيد اقتصادي أو عسكري، وأن دخول المنطقة في صراع عسكري جديد سيعطل حركة الملاحة نهائياً. بالإضافة إلى ذلك أنها لن تخضع لأي ضغوط، فهي تحارب بالمنطقة منذ أربعين سنة، وسوف تستمر على مختلف الجبهات سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ولن يكون السيناريو العراقي قابلاً للتطبيق في إيران.
وبناء على هذه الرسائل، على التحالف الذي بدأ يتشكل في مواجهة إيران تأمين حركة الملاحة الدولية في الخليج العربي وعمان ومضيق هرمز وباب المندب وبحر العرب، ولا يمكن تنفيذ ذلك إلا بوجود قوات وقطع بحرية وجوية قادرة على التعامل مع التهديد الإيراني، ولا شك أن وجود قوات مشتركة دولية سيشكل حالة من الرعب أو الارتباك للنظام الإيراني والدول المتحالفة معها. وفي حالة تكرار حوادث استهداف ناقلات النفط والغاز مرة أخرى، قد يلجأ التحالف الخليجي الأمريكي إلى فرض حصار بحري وجوي مبرر، ومن ثم الاقتراب أكثر وبشكل قانوني من الشواطئ الإيرانية ومراقبتها، وفرض حصار بحري عسكري على إيران في هذه المناطق، وقد يبدأ بمناطق المياه الدولية ومناطق أخرى من مياه إيران الإقليمية، ثم يتوسع إلى بعض الشواطئ التي تنطلق منها التهديدات العسكرية الإيرانية في اتجاه ناقلات النفط والغاز. ومع مرور الوقت قد يفرض هذا الحصار على بعض المطارات الإيرانية التي تنطلق منها الطائرات الإيرانية وكذا على مناطق وقواعد الصواريخ الإيرانية الموجودة بالقرب من شواطئ الخليج العربي ومضيق هرمز وخليج عمان وبحر العرب.
وعلى التحالف أيضاً التركيز على مواجهة القوى الإيرانية بالوكالة والتي تعتمد عليها طهران في تنفيذ سياستها واستراتيجية التصعيد والتوتر في المنطقة. ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بدعم العمليات العسكرية للضغط على مليشيا الحوثي الإيرانية، والقيام بعملية سياسية مكتملة الأركان لإحلال الأمن والسلام إلى اليمن وعودة الشرعية. بالإضافة إلى ذلك العمل بوتيرة متسارعة لدعم عملية سياسية في سوريا تهدف إلى عودة سوريا دولة طبيعية عربية بعيدة عن النفوذ الإيراني وطرد القوات والمليشيات الإيرانية من الجغرافيا السورية، وذلك سيسهم في فرض حصار شامل على حزب الله اللبناني، إحدى أخطر أدوات إيران في المنطقة، مما يضعف قدرته على تهديد المنطقة وخدمة الأيدولوجية الإيرانية.
وبلا شك أن القضاء على هذه المليشيات والقوى بالوكالة يفقد إيران محاور رئيسية ويجعلها في وضعية الدولة المحاصرة استراتيجياً، ما يجعلها ترضخ في أسرع وقت ممكن لجهود السلام والتفاوض على أسس التعايش المشترك ومنع التهديد والتخلي عن تصدير الثورة والاستجابة للمطالب الـ13 المعلنة من قبل التحالف الخليجي الأمريكي، كما يضمن أيضاً حق الشعب الإيراني في التعايش السلمي ضمن محيطها الجغرافي.
وأخيراً إذا كانت هناك مؤشرات حقيقة لحرب بالمنطقة، فتصريح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لصحيفة الشرق الأوسط "الجميع يعمل على تفادي الحرب باستثناء إيران" واضح وصريح، إلا أن التحالف يدرس جميع الخيارات دبلوماسية كانت أو عسكرية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة