الانفتاح الإعلامي على العالم والمنطقة ومختلف الأخبار من المفترض أن نباركه، ونشكر كل التكنولوجيات التي أسهمت فيه لتنوير الفكر.
لم يعد الإعلام السلطة الرابعة، كما صنف منذ عشرات السنين، بل أصبح اليوم هو السلطة الأولى في كل دول العالم تقريبا. صنّف الإعلام في السّابق على أنّه السّلطة الرابعة، على أساس الوسائل المتوفّرة وقتها، بين صحف مطبوعة وراديو(إذاعة) وتلفزيون وكلّ الوسائل التّقليديّة.
حان الوقت للتّحرّر إعلاميا وتعليميا وإيديولوجيّا لتصحيح المفاهيم، ومرّة أخرى أدعو وبكل قوة وجدّيّة لاستنهاض النّخب العربيّة حيثما كانت من أجل التّصحيح والإصلاح. الوقت ليس في صالحنا، ولا الأيديولوجيّات التّخريبيّة، نحتاج إلى تدّخل عاجل لتصحيح المفاهيم والأفكار، وحان زمن التّغيير الإيجابي اليوم.
اليوم تحول الإعلام إلى أسلوب حياة، فحين يفتح أي فرد في العالم عينيه ليستقبل الصباح يفتح هاتفه ليرى للأخبار. ولا نتحدث هنا عن الغرب تحديدا بل الشعوب والجماهير العربية في منطقتنا وخارجها، والتي أصبحت تعتمد بالأساس على الأخبار والمعلومات التي تقرأها عبر وسائل التواصل الاجتماعي على اختلافها.
الانفتاح الإعلامي على العالم والمنطقة ومختلف الأخبار من المفترض أن نباركه، ونشكر كل التكنولوجيات التي أسهمت فيه لتنوير الفكر. لكننا وجدنا أنفسنا الآن أمام مآزق جديدة:
هل فعلا نشر المعلومات بهذه الطريقة هو النهج الصحيح؟
هل فتح وسائل الإعلام الحديثة لمن هب ودب لنشر الأخبار والآراء التي يريدون صحيح؟
هل نحتاج إلى رقابة؟ أم في الرقابة قمع؟
في الماضي كانت أغلب الدول في الشرق والغرب تعتمد على أساليب الرقابة، وهنا أقصد الحكومات والجمعيات والمنظمات على اختلافها.
لكننا اليوم نتعرض لأساليب جديدة من "الاختراق" إن صحت التسمية، اختراق فكري وروحي وأيديولوجي، وبالتالي أصبحت التحديات التي تواجهنا أكثر وأكبر.
نحتاج الآن في منطقتنا إلى أن نضع برامج متكاملة، لمنع الاختراق الفكري لعقول أبنائنا، وللمحافظة على القيم الأخلاقية لمجتمعاتنا، وفي الوقت نفسه نحتاج إلى تطوير التطلع العلمي والإعلامي دون المساس بمبادئ المصداقية.
لقد حان فعلا دور استنهاض النخب، وتجاوز خلافاتهم الأيديولوجية، من أجل توحيد جهودهم لوضع برامج إعلامية وثقافية ومجتمعية للنهوض بالرأي العام في منطقتنا وتوعيته.
الفوضى الإعلامية في قطر منذ بداية الألفية الجديدة، والتي أوهمت العالم العربي، ثم العالم أجمع أنها –الجزيرة- القناة الوحيدة التي ترفع سقفها لقول الحقائق وكشفها، ثم تعرت وتبين بالمكشوف أن لها أجندات خفية أضحت الآن معلنة وهي دعم المتطرفين فكريا ودينيا، واختراق المجتمعات بحثا عن التوسع والنفوذ.
لقد كانت الخيبة الأولى والأكبر بالنسبة للشباب العربي، والشعوب العربية هي قطر وقناة الجزيرة خاصة التي فتحت أبواب الأحلام الزائفة ليكتشف الجميع بعد سنوات من الأمل أنها كوابيس قاتلة.
توقع الجميع عند إطلاقها أن سقف الحريات رُفع إلى أقصاه، ولم يتفطنوا إلى أنها كانت حيلة أيديولوجية لعبت بالدين، والمشاعر للتأثير في الشباب العربي الذي كان يبحث عن فرص يثبت بها ذاته ووجوده، لتوجهه نحو الطريق الخطأ، الطريق الذي تؤدي نهايته إلى خلاصة واحدة هي موت البطل وعذاب العائلة والأحباء لجيل آخر.
في تركيا الأردوغانية اليوم الحليفة "الحامية" لنظام قطر نرى قمع حرية الرأي، وصل إلى أعلى مراحله، حيث يقبع نحو المئات من الصحفيين والإعلاميين في السجون منذ "محاولة انقلاب ٢٠١٦" المزعومة من طرف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والذي اتخذها ذريعة لتكميم أفواه المعارضين. ويمنع قرابة 150 إعلاميا من دخول بلدهم أو سيكون مصيرهم السجن.
حان الوقت للتحرر إعلاميا وتعليميا وأيديولوجيا لتصحيح المفاهيم، ومرة أخرى أدعو وبكل قوة وجدية لاستنهاض النخب العربية حيثما كانت من أجل التصحيح والإصلاح. الوقت ليس في صالحنا، ولا الأيديولوجيات التخريبية، نحتاج إلى تدخل عاجل لتصحيح المفاهيم والأفكار، وحان زمن التغيير الإيجابي اليوم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة