ناشط إيراني عن فساد "الحرس": عصابات تتناحر داخل نظام فاسد
تسجيل صوتي من عقر دار الحرس الثوري الإيراني يعرّي الفساد المستشري داخل مليشيات تشكل رأس حربة النظام في "القمع والفوضى".
والجمعة، بثت إذاعة "فردا" الأمريكية الناطقة بالفارسية تسجيلا تناهز مدته الـ50 دقيقة، وتضمن محادثة سرية جرت عام 2018 بين القائد السابق للحرس الثوري محمد علي جعفري، ومساعد الحرس الثوري لشؤون الاقتصاد والبناء صادق ذو القدر نيا، حول فساد يتعلق بفيلق القدس (يتبع الحرس الثوري) بقيادة قاسم سليماني (الذي قتل في غارة أمريكية قبل أكثر من عامين) وبلدية طهران برئاسة محمد باقر قاليباف.
نظام فاسد
الناشط والصحفي الإيراني رضا علي خاني اعتبر أن المقطع الصوتي المسرب عن تغلغل الفساد في الحرس الثوري الإيراني وتورط شخصيات بارزة فيه، "يدل على أن النظام بأكمله فاسد داخلياً".
وقال علي خاني، في مقال له اطلعت عليه "العين الإخبارية"، إن "إفشاء ملف الحرس الثوري الإيراني بشأن الفساد الداخلي، يؤكد أن النظام بأكمله فاسد داخلياً".
وأضاف أن "ملخص محتويات الملف الصوتي الذي تم الكشف عنه يوم أمس الجمعة، يبين أن هناك تنافسا بين عصابات المافيا الداخلية في الحرس الثوري وجهاز المخابرات التابع له".
ولفت إلى أن "تدخل المرشد علي خامنئي وأمره بتخصيص تسعين بالمائة من عوائد ملف الفساد لفيلق القدس يعني أن الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس 'يأكلان' من الميزانية الرسمية للبلاد، وكذلك من المشاريع وملفات الفساد الأخرى عبر المؤسسات والشركات الخاضعة لهم".
وبحسب الناشط، فإن "محتويات هذا الملف تخدم في المقام الأول محمد علي جعفري (القائد السابق للحرس الثوري) لكنها ضد النظام الفاسد داخليًا بأكمله، ثم ضد حسين طائب وقاليباف وقاسم سليماني والجنرال أبرومند (تابع قاليباف)".
دفاتر الحرس
كشف التسجيل التورط المباشر لقاليباف، وهو جنرال سابق بالحرس الثوري، في الفساد عندما كان يشغل منصب عمدة طهران، وأيضا تورط سليماني ومساعد الحرس للشؤون التنسيقية جمال الدين آبرومند، ورئيس منظمة مخابرات الحرس الثوري حسين طائب في قضايا فساد.
وقال الجنرال صادق ذو القدر نيا في التسجيل إن محمد باقر قاليباف عمدة طهران آنذاك، كان منزعجاً جداً من طرح قضية الفساد المتعلقة بالبلدية وتعاونية الحرس الثوري، وأن فريق آبرومند في تعاونية الحرس الثوري اكتشف نقصاً في أموال المؤسسة بنحو 8 آلاف مليار تومان، عندها طلب قاليباف من ذو القدر نيا التوقيع على مذكرة تفاهم بنفس المبلغ للملمة المشكلة.
وأضاف ذو القدر في الملف الصوتي: "قلت له إن هذه التصرفات تعتبر جريمة، جاء قاليباف إلى أمام مسجد بالقرب من منزلي، وقال لي: وقِّع على هذه الورقة. فقلت له: هذه جريمة، إنها تضرك وتضرني وتضر جعفري (قائد الحرس السابق)، أنا لن أوقع. عندها أجاب: فلنعقد اجتماعاً. ونظّم اجتماعاً في وقت لاحق".
وتابع: "قلت لقاليباف: أنت خصصت 8 آلاف مليار تومان لمشاريع بدلاً من إعطائها لشركة رسا (التابعة لشركة ياس القابضة) في حين لا تنتمي تلك المشاريع إلى ياس القابضة التابعة للمؤسسة التعاونية للحرس الثوري على الإطلاق. ورد قاليباف: لا تذكر لي هذه الأسماء. وأصيب بانهيار".
وكشف ذو القدر أيضاً أن سليماني قال له يوماً إن "قاليباف كان يشتمك"، فرد عليه: "ماذا علي أن أفعل؟ أنا معتاد على الشتائم".
وقال محمد علي جعفري في التسجيل المسرب إن قاليباف كان منزعجاً للغاية بسبب عدم توقيع المذكرة مع ذو القدر نيا، مضيفاً: "لو تم التوقيع على هذه المذكرة، لا أعلم ماذا كنا سنفعل".
البرلمان يتحرك.. لكن بأي اتجاه
وتحرك البرلمان الإيراني لمواجهة المأزق بالإعلان عن عزمه التحقيق في الواقعة، مع إشارة سابقة لأوانها عن نتائجه.
وقال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، محمود عباس زاده مشكيني، إن هذه اللجنة سوف تبدأ التحقيق في تسريب مكالمة صوتية بين عناصر عسكرية تتحدث عن قضايا فساد.
واعتبر النائب مشكيني في تصريحات تابعتها مراسلة "العين الإخبارية"، "تسريب هذه المكالمة يؤكد ظاهرة تسلل جهات خارجية إلى أنظمة المراقبة والمواقف الحساسة وتتسبب في أن يحل الباطل محل الحق".
وتابع: "لقد استمعت إلى هذا الملف عدة مرات؛ ما أراد المنتقدون تحقيقه واستخدامه ذريعة لتدمير الحرس الثوري الإيراني، ومع هذه الحرب النفسية، لا يمكن للعدو أن يضر بشعبية الحرس".