مشروع إخواني وأموال إيرانية.. مشعل "حماس" يتمسك بالمربع صفر
مع توالي سقوط المشاريع الإخوانية في المنطقة لم تعِ حركة حماس الدرس السياسي الذي لا تخطئه عين، متمسكة بأيديولوجية لفظتها الشعوب العربية.
الحركة الإخوانية زادت عليها صبغة إيرانية من الدعم والموالاة، التي باتت معلنة على لسان قاداتها الذين لم يجدوا حرجا في الإصرار على التمسك بالمربع صفر الذي يحمل العداء للعرب ويتاجر بقضاياهم وعلى رأسها فلسطين.
مواقف أعاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج، خالد مشعل، اجترارها خلال لقاء له أمس الأحد مع فضائية العربية.
ويرى مراقبون أنّ "مشعل" يحاول المزايدة على دور الدول العربية بالمساواة بينها وبين الدعم الإيراني للحركة ماليا وعسكريا وهو دعم مشروط، مرتبط بأجندة طهران في المنطقة، بخلاف الدعم العربي للقضية الفلسطينية، المجرد من أي متاجرة.
وشهدت الفترة الماضية جهودا مصرية مكثفة لتسريع المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، زادت وتيرتها بعد التصعيد الأخير بين إسرائيل والفصائل بقطاع غزة في مايو/أيار الماضي، وأسفر عن مقتل وجرح الآلاف، قبل أن تنجح مصر في وقف إطلاق النار بين الطرفين.
المربع صفر
ومساء أمس، أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج، خالد مشعل، مجددا عن أيديولوجية حركة حماس: "جذورنا إخوان مسلمين، كنا وما زلنا إخوان مسلمين فكريا"، من دون أن ينسى فتح هامش للمناورة قائلا: "ولكننا حركة فلسطينية مستقلة لا يتدخل أحد فينا".
وفي مقابلة خاصة مع قناة "العربية" الفضائية، قال مشعل في عبارات حملت التناقض والازدواجية، إن "هناك حركات لها تنظيم ولها خلفيات معروفة ولكن اليوم حماس قرارها عند قيادتها لا تخضع لأحد لا لهذا التنظيم ولا لهذه الدولة".
وأضاف: "دعمنا كثيرون رسمياً وشعبياً.. من يدعمنا نقول له شكرا.. قبول الدعم من أي دولة، بما فيها إيران، لا يكون على حساب القرار المستقل للحركة". قبل أن يكشف عن حقيقة دعم الحركة بالسلاح وبالوسائل التقنية.
وتجاهل مشعل معظم التساؤلات خلال المقابلة، والتي كشفت حقيقة الدعم الإيراني المشروط لحماس، فلم يرد على سؤال "هل تريدنا نصدق أن دولة بحجم إيران تقوم بمد حماس بالمال والسلاح لأجل القدس؟ هل تعتقد أنه مجاني؟
وحاول مشعل اللعب على كافة الحبال وطوعها لخدمة أجندة الحركة، بقوله: كنا على علاقة وثيقة مع المملكة ومصر..لم نتعامل مع دولة بعينها من حقنا أن نطرق أبواب الأمة العربية والإسلامية جميعا".
وتابع: نرفض حصول أي اعتداء على أي دولة عربية وخصوصًا السعودية، مناشدا المملكة إعادة العلاقات مع الحركة.
ذراع إيران بالمنطقة
حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قال لـ"العين الإخبارية" إن حديث مشعل يشبه التصريحات السابقة لهنية، التي تعكس جميعها إصرار حماس على أن تكون ذراع إيران، والاستمرار في تلقي الدعم الإيراني بالرغم من جهود الدول العربية وسعيهم لنصرة القضية الفلسطينية.
وأضاف سلامة: من المهم الإشارة إلى أن نصرة القادة والحكام العرب في مصر والسعودية والإمارات لفلسطين وحقوق شعبها المشروعة وقضيتهم العادلة هي نصرة للفلسطينيين وحقوقهم وللعروبة وليس لمشروع حماس الإخواني.
ولفت الخبير السياسي إلى أن الجهد العربي عامة والمصري بشكل خاص الذي يسعى للتهدئة والإعمار لا يقارن بإيران التي تميل لإثارة لتوتر والعدوان بالمنطقة، في تعليقه على تصريح مشعل بدعم إيران.
وأضاف: حماس حركة مشتراة تقول وتفعل ما تمليه عليها طهران، التي تسعى بدورها إلى إثبات أي قوة تنسب إليها ماليا أو عسكريا بهدف إعادة تشكيل الأدوار بالمنطقة.
وشدد سلامة على أن مسألة وقوف إيران وراء ممارسات حماس بما في ذلك إطلاق القسام لصواريخ على إسرائيل في الحرب الأخيرة بقطاع غزة، بات أمرا معلوما للجميع.
وأكد الخبير السياسي أن تعاطف الشعوب العربية مع أي عدوان يتم على الفلسطينيين في القدس أو غزة أو الضفة كما حدث في الحرب الأخيرة على غزة هو انتصار للقضية وليس لفصيل يريد اختزال القضية في مشروعه الخاص بأيديولوجيته الإخوانية وتمويله الإيراني.
ولم تكن تصريحات مشعل الأولى من نوعها التي تؤكد نهج الحركة الإخوانية وعلاقتها الوثيقة بطهران، فقبل شهرين وتحديدا في 21 مايو/أيار الماضي في أعقاب الحرب الأخيرة في غزة، وجه إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشكر لإيران على تقديم المال والسلاح للمقاومة في غزة
ومنذ تأسيس حركة حماس المنبثقة عن الإخوان المسلمين في 15 ديسمبر/كانون الأول عام 1987، ويجمعها علاقة مع إيران توجت بفتح مكتب إقليمي دائم لها في طهران عام ١٩٩١.
وعلى مدار السنوات الماضية، لم يصدر أي موقف رسمي من حماس ضد تدخلات إيران في شؤون الدول العربية، بل تجاوزت حركة حماس بشكر إيران علنية على دعمها المالي والعسكري.
وكان من أبرز التصريحات التي عبرت عن طبيعة العلاقة بين حماس وإيران ما أكده خالد مشعل قبل 15 عاما عندنا قال إن هذه الحركة هي الابن الروحي لـ"الخميني" (روح الله الخميني المرشد الأول لإيران).
حماس.. الأصول إخوانية
وتعود الأصول التاريخية لحركة حماس إلى جماعة الإخوان، والتي اعترف بها اليوم مشعل بقوله "جذورنا إخوان"، حيث كانت البداية مع مؤسس الإخوان الإرهابية حسن البنا الذي أنشأ أول فروعها في حيفا عام 1936.
وبحسب توثيق تاريخي للكاتب الفلسطيني عقل صلاح، توضح حماس صلتها بجماعة الإخوان في المادة الثانية من ميثاقها عام 1988 بأن “حركة المقاومة الإسلامية جناح من أجنحة الإخوان بفلسطين. وحركة الإخوان تنظيم عالمي، وهي كبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث”.
وكشف صلاح عن التحول الذي شهدته العلاقة بين حماس والإخوان، عندما حرصت خلال تعريف نفسها في الوثيقة الجديدة في إبريل/نيسان عام 2017 على حذف ارتباطها الفكري والتنظيمي بحركة الإخوان الأم بخلاف الميثاق السابق الذي أكد في غالبية بنوده على أن حركة حماس هي فرع من أفرع حركة الإخوان. فهل كل ماضي وارتباط حماس الفكري بالحركة الأم تم شطبه في سطرين في الوثيقة الجديدة؟ ولماذا لم تذكر حماس أصولها التاريخية التي تعود لجماعة الإخوان؟
ويجيب الكاتب عن التساؤل قائلا إنه من الممكن أن الحركة لغت الارتباط الشرعي (الرسمي العلني) وأبقت على الارتباط العرفي (السري) لحين حدوث تغير استراتيجي في الواقع الإقليمي لتعلن مرة ثانية عن الزواج الشرعي الذي لم يلغ بطلاق شرعي وإنما تحول للزواج العرفي جبرًا وقصرًا وانحناءً لعاصفة الحصار المطبق على القطاع ومشروعها السياسي وحفاظًا على استمرارها في الحكم.
وأضاف: مسيرة حركة حماس أوضحت مدى البراغماتية التي يتسم بها السلوك السياسي للحركة، وقدرتها على تطويع المبادئ لصالح ما تراه مفيداً لها في لحظة معينة، ومن مظاهر ذلك قبولها بدولة على حدود الـ67 واستبدال الارتباط الشرعي مع الحركة الأم بالارتباط العرفي.
aXA6IDE4LjE4OS4xODUuNjMg جزيرة ام اند امز