انتفاضة إيران.. تخبط المسؤولين بين المؤامرة والتقصير
مواقف سياسية متعارضة بين مؤسسات الرئاسة والجيش الإيراني في أسباب الاحتجاجات والتعامل مع المظاهرات.
أظهر المسؤولون الإيرانيون تخبطا واضحا في تصريحاتهم حول المظاهرات التي عمّت المدن الإيرانية لليوم الخامس على التوالي، ما بين معترف بالتقصير والمسؤولية والادعاء بإلقاء اللوم على التدخلات الأجنبية.
- جامعة طهران تنتفض لليوم الخامس ضد فساد الملالي
- تسخير أموال الشعب الإيراني للإرهاب بالخارج دفع للانتفاضة
فأمام رؤساء اللجان التخصصية بمجلس الشورى الإيراني أقر الرئيس حسن روحاني بجوانب الخلل السياسية في بلاده، من اختناق المجال العام وانتشار البطالة، وغياب الشفافية، وتردي الأوضاع الاقتصادية.
وأرجع روحاني أسباب خروج الاحتجاجات الغاضبة في المدن إلى تلك المشكلات التي رأى أنها تقصير في إدارة البلاد.
وأكد لنواب اللجان التخصصية في مجلس الشورى أن من نزلوا المظاهرات "ليسوا في عداد من تلقوا أوامر من الخارج، بل إنهم أبناء الشعب الذين نزلوا إلى الشوارع بسبب مشاعرهم ومشاكلهم".
وفي المقابل، عزا الجيش الإيراني الاضطراب الداخلي الذي اجتاح المدن وفجر حنقا شعبيا عارما تجاه الحكومة وسياساتها إلى مؤامرة خارجية يحركها "أعداء إيران".
وقال وزير الدفاع الإيراني العميد أمير حاتمي -في تصريح أمام مدراء وخبراء وزارة الدفاع، الاثنين- إن "أعداء إيران يخططون لزعزعة الاستقرار في البلاد"، مشيرا إلى الاحتجاجات الشعبية.
ولم يرَ الحاتمي -عكس روحاني- أي مظهر من التقصير والفساد، بل واصل الترويج لأفكار نظام الملالي الذي يحيد عن مبدأ الاعتراف بالخطأ إن وجد، مرجعا المظاهرات إلى "مؤامرات الأجانب وفتنهم".
اتفقوا على "الشيطان الأكبر"
رغم التخبط في تقدير الموقف ومحاولات التهدئة التي بذلها مسؤولون إيرانيون في ظل اشتعال الأوضاع إلا أنهم اتفقوا على محاولات تحميل الولايات المتحدة الأمريكية بشكل غير مباشر المسؤولية عما آلت إليه الأمور في الشارع الإيراني.
روحاني الذي اعتبر الاتفاق النووي إنجازا كبيرا، قال "إننا أجرينا مفاوضات لمدة 30 شهرا بسبب عدم وثوقنا بأمريكا، لأنه إذا كنا واثقين بأمريكا فإن القضية كانت ستحل خلال 3 أيام".
يروج النظام الإيراني دوما لمقولته إن أمريكا "العدو الأكبر"، وعلى هذا المنوال وجه المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية العميد مسعود جزائري، الاثنين، الاتهام إلى المسؤولين الأمريكيين وبعض الحكومات ووسائل الإعلام (بي بي سي) في تحريك الغضب الشعبي ضد الحكومة الإيرانية.
وأرجع الانتقادات التي توجه إلى الحكومة الإيرانية -هتافات الغضب ضد التدخلات الإيرانية في شؤون الغير على حساب أموال الإيرانيين- إلى "مخطط أمريكي يهدف إلى إشعال فتيل فتنة جديدة في إيران".
ولم يرَ جزائري في هتافات المتظاهرين ضد نظام الملالي، ووصْفهم المرشد خامنئي بـ"الديكتاتور" والحنين لأيام الملكية وحكم الشاه، إلا مجموعة من "أيتام عائلة بهلوي"، لا مظهر شديد الخطورة للسخط، وانكشاف سياسات فشلت داخليا كما ضلّت خارجيا.
وفي حين يرى المتحدث باسم الجيش الإيراني أن "المخططات الأمريكية الشيطانية" وراء كل أزمة لبلاده فإنه قارن المظاهرات الإيرانية بالاحتجاجات المعارضة التي تخرج في الولايات المتحدة الأمريكية.
تأهب وتهيب
على الصعيد الأمن الداخلي تراجعت وزارة الداخلية الإيرانية عن الاصطدام السياسي بتيارات الغضب المتنامية عن طريق التصريحات الاستفزازية، مكتفية بممارسة العنف في قمع التجمعات والحشود الساخطة.
وأوضح مدير الشأن السياسي في وزارة الداخلية الإيرانية بهرام سرمست أن القانون في إيران يحمي التجمعات وينظمها، ولذلك على الراغبين التقدم بطلب ترخيص من الجهات المعنية.
وأعطى سرمست -في تصريح- مسوغا للتظاهر بإشارته إلى أن القانون الإيراني يسمح بالاعتراضات المدنية بعد تقديم الحصول على ترخيص رسمي من الجهات المعنية المخصصة.
وبيّن المدير العام للشؤون السياسية أن القانون يحمي التجمعات المدنية ويجب على الجميع مراعاته.