إيران والتوازن الصعب.. متاهة بين «عتب» الذراع و«فخاخ» إسرائيل
توازن صعب تبحث عنه إيران بين «فخاخ» إسرائيل و«عتب» حزب الله، لتقف على حبل رفيع بين الدعم المطلوب ومخاوف إشعال شرارة الحرب.
ومع تصاعد العنف بين إسرائيل وحزب الله تحاول إيران الموازنة عبر دعم حزب الله دون الانجرار إلى نزاع شامل والسقوط في "فخ العدو"، وفق "فرانس برس".
وبينما تركّز على الحد من عزلتها وإنعاش اقتصادها تدرك طهران أنه من شأن الحرب أن تعقّد جهود ضمان تخفيف العقوبات المفروضة عليها.
وتكثّف تبادل القصف عبر الحدود بين إسرائيل وحماس بعد هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي الذي شنّته حماس على إسرائيل، خصوصا بعد عملية تفجير أجهزة اتصال تابعة لحزب الله أودت بحياة 39 شخصا.
وأعقبت ذلك ضربات جوية إسرائيلية على معاقل حزب الله في لبنان أسفرت عن مقتل المئات، وردّ حزب الله بإطلاق صواريخ.
تأثير دون انخراط
رغم ازدياد الأعمال العدائية تبدو إيران عازمة على تجنّب مواجهة عسكرية مباشرة.
وفي حديث لوكالة "فرانس برس"، قال الخبير السياسي الذي يتّخذ من إيران مقرا حميد غلامزاده "لن تُجرّ إيران إلى الحرب".
بدوره، أوضح علي فائز من "مجموعة الأزمات الدولية" أن "استراتيجية إيران تقوم على التأثير دون الانخراط المباشر، خصوصا أن من شأن التصعيد أن يصب في مصلحة إسرائيل وينعكس على الانتخابات الأمريكية".
وقال فائز إن "إيران لا ترغب في القيام بما تسعى إليه عدوتها اللدودة"، مشيرا إلى أن أولويات طهران تتمثّل بضمان تخفيف العقوبات والاستقرار اقتصاديا إلى حد ما.
وحتى في أول هجوم مباشر على الإطلاق تشنّه على إسرائيل في أبريل/نيسان الماضي، ردا على ضربة جوية استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق اعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية أو القوات الحليفة معظم الصواريخ.
نهج محسوب
في نيويورك، اتّهم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إسرائيل بالسعي إلى الحرب، بينما حافظت إيران على ضبط النفس.
وأشار إلى أن إيران امتنعت عن الرد على مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، خشية أن يتسبب ذلك في إخراج الجهود الأمريكية الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة عن مسارها.
وقال "حاولنا ألا نرد.. قالوا لنا مرة تلو الأخرى إننا كنا قريبين من السلام، لربما خلال أسبوع أو أكثر"، مضيفا "لكننا لم نصل قط إلى هذا السلام الصعب المنال، كل يوم ترتكب إسرائيل المزيد من الفظاعات".
وفي وقت سابق هذا العام، وفي ذروة التوتر مع إسرائيل أطلقت إيران مئات الصواريخ والمسيّرات بعد ضربة دمشق، لكن تم اعتراض معظمها.
ويفيد محللون بأن إيران تستعرض قوتها في ظل الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، دون دفع الولايات المتحدة إلى الرد، وفق ما نقلته "فرانس برس".
وما زالت إيران تواجه عقوبات غربية، خصوصا منذ انسحبت واشنطن في عهد الرئيس حينذاك دونالد ترامب من الاتفاق النووي، الذي أبرمته طهران والقوى العالمية عام 2018.
كما فرضت بلدان أوروبية عقوبات على إيران، متّهمة إياها بتزويد روسيا بصواريخ باليستية من أجل حرب أوكرانيا.
ونفت إيران الاتهامات، فيما قال بزشكيان في نيويورك إن إيران "مستعدة للجلوس مع الأوروبيين والأمريكيين من أجل الحوار والمفاوضات".
فيما قال فائز إن من شأن أي تصعيد إيراني أن يقوي شوكة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويساعد حتى على إعادة ترامب إلى السلطة.
وحذر من أن ذلك "سيضر كثيرا بالمصالح الإيرانية".
"تداعيات خطيرة"
رغم ضبط النفس تواصل إيران دعم حزب الله، وحذّر وزير خارجيتها عباس عراقجي من أن طهران "لن تقف مكتوفة الأيدي" أمام الهجمات الإسرائيلية.
كما حضّت طهران مجلس الأمن الدولي على القيام بتحرّك فوري، محذّرة من "تداعيات خطيرة" لإسرائيل.
واستهدفت إسرائيل شخصيات قيادية في حزب الله منذ بدأت حرب غزة.
وبينما رثى المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي هذا الأسبوع عناصر حزب الله، شدد على أن الهجمات الإسرائيلية لن تؤدي إلى إخضاع الحزب.
بدورها، قالت الباحثة السياسية عفيفة عبيدي إن إيران تقيّد دعمها لحزب الله، لكنها لفتت إلى "الموارد البشرية الكبيرة" لدى الحزب.
من جهته، لفت غلامزاده إلى أن موارد حزب الله تضمن بأنه لن يُهزم بسهولة، موضحا "يحتاج حزب الله إلى الدعم، لكن هذا الدعم لا يعني أنه قد يهزم إن لم يحصل عليه".
وبحسب الخبير، فإن هجوم الأسبوع الماضي على أجهزة اتصال حزب الله ربما أضعفه، لكنه لن "يُشلّ (تماما) حتى وإن تم القضاء على أول طبقتين من قيادته".
وقال إن هذا الضعف قد يكون من أسباب تردد إيران وحزب الله "في الدخول بحرب شاملة".