الهجرة غير الشرعية في إيران.. شعبٌ يبحث عن وطن أفضل
النظام الحاكم في إيران يمارس مهامه المعتادة ضد الشعب الإيراني وضد وجوده في الحياة، مما يدفع مواطنيه للهجرة غير الشرعية.
يعانى المجتمع الإيراني من الكثير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تجعل منه من أتعس شعوب الكرة الأرضية، حيث لا يزال النظام الحاكم في إيران يمارس مهامه المعتادة ضد الشعب الإيراني وضد وجوده في الحياة.
وعلى الرغم من التصريحات الإعلامية للنظام الحاكم في إيران ممثلة في تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني والمرشد الأعلى للثورة الإيرانية على خامنئى بالسعي قدر المستطاع من أجل تحسين الظروف المعيشية للمواطن الإيراني، إلا أن الواقع وتصرفات النظام عكس هذه التصريحات الإعلامية الكاذبة والتشدق الرنان من جانبهم.
المواطن الإيراني يعانى من العديد من المشكلات التي تعصف بوجوده ومستقبله والسبب الرئيسي في هذه المشكلات النظام الإيراني نفسه.
فيعانى المواطن الإيراني من مشكلات الإقصاء الاجتماعى السياسي و الاقتصادى.
ويتمثل الإقصاء الاجتماعى الذي يعاني منه المواطن الإيراني في كثير من الظواهر أهمها ظاهرة التميز العرقي الذي تمارسه السلطات الحاكمة في إيران ضد الأقليات والقوميات العرقية والدينية في إيران، والتي تشكل أكثر من 40 % أو 50 % من إجمالي الشعب الإيراني، وتصل الظاهرة إلى ذروتها في تعرض مواطني الأقليات العرقية والدينية إلى التنكيل والاضطهاد والتهجير القسري من مدنهم وقراهم التي عاشوا فيها منذ ولادتهم.
أما ظاهرة الإقصاء السياسي فتتمثل المشكلة الرئيسة فيها في إقصاء الشباب والقطاعات المختلفة من المجتمع الإيراني والشرائح المختلفة من ممارسة السياسة بمعناها ومفهومها الدقيق بكل حرية، بل لابد من مهادنة السلطة في إيران وممارسة السياسة وفق الأجندة المعدة مسبقاً دون أدنى درجات من الحرية وإما ذلك أو التنكيل والسجن والتعذيب والإعدام الذي تتصدر فيه إيران العالم من حيث عدد المعدومين كل عام.
أما الإقصاء الاقتصادي فيتمثل في الفقر الشديد الذي يعانى منه المواطن الإيراني، حيث تصل نسبة الفقر إلى حوالي 50 % ونسبة البطالة إلى 40 %، بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية بالغة الصعوبة والتعقيد الذي تعيشه إيران بسبب النظام الحاكم الذي يسخر الموارد الطبيعية والاقتصادية كافة للمجتمع الإيراني من أجل دعم الحركات المتمردة والمنظمات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
ويسيطر الحرس الثوري الإيراني ووزارة الاستخبارات الإيرانية والمؤسسات التابعة للولي الفقيه والمرشد الأعلى للثورة الإيرانية على مجمل الشركات التي يرتكز عليها الاقتصاد الإيراني، ويسيطروا على مفاصل الاقتصاد الإيراني كافة من أجل تمويل الأنشطة المشبوهة الخاصة بهم خارج الحدود الإيراني، والتي تتمثل في دعم حركات التمرد في الشرق الأوسط و الشمال الإفريقي وقارة إفريقيا.
كل هذه العوامل السابقة جعلت الغالبية العظمى من الشعب الإيراني يفكر في الهجرة والبحث عن وطن أفضل من أجل العيش فيه في ظل الظروف المعيشية القاسية التي يعانون منها في إيران.
هناك نوعان من الهجرة في إيران وهما الهجرة الشرعية وهى عن طريق الحصول على تأشيرة دخول مسبقة إلى دولة بعينها من أجل غرض معين في غالب الأحيان يكون الدراسة، حيث يهاجر من إيران كل عام حوالي 50 ألف إيراني بهدف العمل والدراسة في دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا.
معظم هؤلاء المهاجرين من الشباب الذين يهاجرون من أجل البحث عن مستقبل أفضل سواء تعليمي أو معيشي، وهو ما أعرب الرئيس الإيراني حسن روحاني عن قلقه إزاء هذه الظاهرة التي وصفها بهرة العقول الإيرانية.
وطالب روحاني وزارة الاستخبارات الإيرانية والحرس الثوري ووحدات العمل الخارجي في الحرس الثوري الإيراني بضرورة عودة هذه العناصر الإيرانية إلى وطنهم أو تجنيدهم بشكل يسمح لإيران الاستفادة من مواطنيها في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما باء بالفشل بسبب رفض المواطنين الإيرانيين أشكال التعاون كافة مع النظام الحاكم في إيران .
أما النوع الثاني من الهجرة هو الهجرة غير الشرعية وهو ينقسم إلى قسمين : الأول الهجرة نصف الشرعية، وهى عبارة عن تأشيرة دخول إلى دولة ما (غالباً ما تكون تركيا أو ماليزيا) والإقامة بها لمدة تتراوح فيما بين شهر حتى 3 أشهر ومن ثم الهجرة إلى أحد الدول الأوربية عن طريق الزوارق المحملة بالمهاجرين التي غالباً ما يروح ضحيتها معظم المهاجرين على متنها.
والنوع الثاني هو الهجرة غير الشرعية، وتكون عبارة عن عبور الحدود الإيرانية التركية إما براً أو بحراً، ومن ثم المغامرة بالهجرة إلى أحد الدول الأوربية عن طريق نفس الزوارق التي تقل المهاجرين ويتراوح عدد المهاجرين الإيرانيين بشكل غير شرعي سنوياً حوالي من 55 إلى 65 ألف إيرانى.
يصل نصف المهاجرين غير الشرعيين من إيران تقريباً إلى الدول المستهدفة وعند الوصول لا يدخل المهاجرون إلى الدولة مباشرة، وإنما يحدث لهم مثلما يحدث في أستراليا يظلوا عالقين على الحدود في مخيمات إيواء المهاجرين لمدة تتراوح فيما بين شهرين و6 أشهر، وبعدها إما يتم ترحيلهم من حيث أتوا أو الموافقة على استقبالهم كمهاجرين أو لاجئين سياسيين في الحالة الإيرانية.
تذكر الأرقام الرسمية لوزارة الخارجية الإيرانية إلى أن هناك من 200 إلى 250 ألف إيرانى يهاجرون سنوياً من البلاد 65 % منهم على الأقل تتم بشكل غير شرعي عن طريق شبكات الهجرة غير الشرعية الدقيقة في عملها والتي تنتشر في كافة أرجاء العاصمة الإيرانية طهران.
وعن الإجراءات ذكرت وزارة الخارجية الإيرانية أن معظم المهاجرين غير الشرعيين الإيرانيين يسافرون عن طريق إما جوازات سفر مسروقة لمواطنين آخرين، أو جوازات سفر مزورة إلى تركيا أو إلى ماليزيا، ومن يظل منهم على قيد الحياة يذهب إلى أحد الدول الأوربية أو إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا.
وطبقاً لإحصائيات منظمة الهجرة العالمية فإن من 2 إلى 3 ملايين من الإيرانيين في عام 2015 م قد قرروا أو أجبرتهم الظروف القاسية التي يعيشونها ويعايشونها في بلاد الولي الفقيه على اتخاذ قرار الهجرة الصعب على أنفسهم والغالبية العظمى من هذا العدد هاجرت عن طريق التهريب أو الطرق غير الشرعية.
أما منظمة تسجيل أحوال إيران كان لها رأياً آخراً حيث تذكر أن العدد أكثر بكثير من إحصائيات الأمم المتحدة أو منظمة الهجرة الدولية فهناك ما لا يقل عن 6 مليون إيراني يعيشون في بلدان أخرى سواء اختاروها أم أجبروا عليها .
ويتراوح سن المهاجرين الإيرانيين بين 18 إلى 50 عاماً في إشارة إلى أن معظم الفارين والهاربين من الجحيم الإيراني هم من الشباب وتتعدد أشكال الهجرة ما بين هجرة عملية أو هجرة علمية للدراسة والتحصيل، وهى السمة الغالبة على معظم موجات الهجرات الإيرانية إلى الدول الأوربية، بالإضافة إلى اللجوء الإنساني والسياسي بالطبع .