حرب القرصنة.. "عض أصابع" سيبراني بين إيران وإسرائيل
وصلت "الحرب السيبرانية" بين إيران وخصومها مرحلة متقدمة للغاية، تدور رحاها بشكل مستمر، وأضرارها تفرض نفسها على المشهد.
وعلى مدار أربعة أيام في أوائل ديسمبر/كانون الأول الجاري، توقفت أكبر جامعة في إيران عن العمل، حيث تعطل البرنامج الإلكتروني المخصص للفصول الدراسية عبر الإنترنت، ولم يتمكن أعضاء هيئة التدريب والطلاب من الوصول إلى سجلاتهم.
وكانت هذه أحدث الهجمات في الأعمال العدائية السيبرانية بين إيران وخصومها، لا سيما إسرائيل، إذ تبادلوا عمليات القرصنة خلال حملة ممتدة منذ فترة طويلة لزعزعة الاستقرار المتبادل، بحسب صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية.
ورأى خبراء أن الهجوم على جامعة طهران وحوادث أخرى مشابهة يمثل تحولًا من عمليات الاستهداف العادية للمواقع العسكرية والنووية إلى حرب سيبرانية على البنى التحتية المدنية.
وقال جون هولتكويست، نائب رئيس تحليل المعلومات الاستخباراتية في إحدى الشركات الأمريكية: "هذه سمة مهمة للصراعات السيبرانية، فهي تؤثر بشكل عام على المدنيين والقطاع الخاص".
فيما رأى ميسم بهرافيش، باحث مشارك في معهد "كلينجينديل" في هولندا، أن التوسع في ساحة المعركة السيبرانية بالشرق الأوسط يأتي بينما تعمل إيران على تطوير برنامجها النووي المثير للجدل.
وقال بهرافيش: "بالنظر إلى أن المنشآت النووية الإيرانية انتشرت في شتى أنحاء البلاد وأصبحت الهجمات على هذه البرنامج أكثر تعقيدا، تبنت إسرائيل نهجا جديدا، يتمثل في شن هجمات سيبرانية كبيرة على أهداف مدنية حساسة، مثل: الكباري، ومحطات البنزين، ومحطات الطاقة للتحريض على أعمال شغب على مستوى البلاد بهدف الإطاحة بالنظام أو إبقاء الحكام مشغولين بالشغب اليومي الذي لا ينتهي."
وإلى جانب الهجوم على جامعة طهران في وقت سابق من هذا الشهر، تعرضت ثاني أكبر خطوط طيران في إيران، ماهان آير، إلى عملية قرصنة في نوفمبر/تشرين الثاني.
وإثر هذا الهجوم، تعذر الوصول إلى موقع الشركة الإلكتروني. كما تسببت عملية قرصنة واسعة النطاق في أكتوبر/تشرين الأول إلى تعطيل عمل المضخات بـ4300 محطة بنزين في شتى أنحاء البلاد.
وفي أغسطس/آب، سربت مجموعة قرصنة تسمى "عدالة علي" مقطع أمني من أحد السجون الإيرانية يظهر فيه الحراس وهم يضربون السجناء.
أما في يوليو/تموز وقعت عملت قرصنة تسببت في شل شبكة السكك الحديدية، وهاجمت مجموعة أخرى تسمى "تابانديجان" المطارات في المدن الكبرى والبلديات.
ووفقا للصحيفة الأمريكية تعد هذه قائمة جزئية فقط للحوادث التي اعترفت بها الحكومة، والتي نسبت طهران المسؤولية فيها إلى إسرائيل بشكل أساسي بدون تقديم أدلة على ذلك.
وبعد الهجوم على محطة البنزين، دعا الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي للاستعداد في مجال الحروب السيبرانية، قائلًا إنه "لا يجب أن تسمح السلطات الإيرانية للعدو بمتابعة أهدافه في اختلاق المشاكل".
في المقابل، ردت إيران بهجماتها الخاصة، حسب ما يقوله الخبراء والمسؤولون الإسرائيليون والأمريكيون.
وخلال الشهر الجاري، قالت شركة الأمن السيبراني "تشيك بوينت" في تل أبيب، إن مجموعة قرصنة مرتبطة بإيران تعرف باسم "شارمينج كيتن" هاجمت مجموعة من الشركات الإسرائيلية.
وخلال ديسمبر/كانون الأول الجاري أيضا، أعلن فريق من شركة "سيمانتك" أن مجموعة تتماشى أساليبها مع أطراف ترعاها إيران كانت مشاركة في هجمات ممتدة منذ شهور على شركات الاتصالات، والمؤسسات التي تقدم خدمات تكنولوجيا المعلومات وشركة مرافق في إسرائيل وغيرها من الدول.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني حذرت السلطات في الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا من أن المهاجمين الذين تدعمهم إيران استغلوا ثغرة برمجية لشن هجمات.
وفي وقت سابق هذا الشهر، أجرت إسرائيل محاكاة لهجمات سيبرانية على الأسواق المالية تضمنت مسؤولين بالخزانة من الولايات المتحدة وبريطانيا من بين دول أخرى، لكن العزلة الدولية لإيران لا توفر لها الكثير من الفرص لمثل تلك الشراكات.
كما جعلت العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة البلاد عرضة بشكل أكبر للهجمات السيبرانية، مما يجبر الإيرانيين على الاعتماد على برمجيات قديمة ويفقدون القدرة على تحديثها ضد التهديدات الأمنية الجديدة.
ويعتقد بهرافيش أن تكثيف الهجمات هو مقدمة لصراع أكبر، لا سيما مع الفرص المتعثرة لإحياء الاتفاق النووي الموقع في ٢٠١٥، مع القوى العظمى والغربية.
وقال: "الوقت ينفد، وربما أصبح العالم والشرق الأوسط عند نقطة اللاعودة".