"سرقة السحب".. فزاعة إيران لدرء الجرائم البيئية للحرس الثوري
عقلية النظام الإيراني، تعتمد على خلق فزاعات وعدو خارجي للهروب من الأزمات التي تعصف به داخليا
في محاولة يائسة للهروب من مسؤولية التداعيات البيئية القاتلة لمشاريع الحرس الثوري، زعم غلام رضا جلالي، المسؤول العسكري ورئيس منظمة الدفاع المدني الإيراني، أن دولا أجنبية تتحكم بالطقس في بلاده.
تصريحات أثارت سخرية عارمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتأتي بالتزامن مع اندلاع احتجاجات بمحافظة خوزستان جنوبي إيران، تنديدا بتلوث مياه الشرب، وتفاقم الأزمات البيئية إلى حد غير مسبوق بالبلاد، على غرار الجفاف.
وفيما بدا أنه محاولة للهروب من مسؤولية التداعيات البيئية لمشروعات الحرس الثوري الفاشلة لتحويل مجرى الأنهار، وتدشين السدود دون دراسة، بالعديد من المناطق وخصوصا في الأحواز، اعتبر جلالي، أن التغيرات المناخية التي تحدث في إيران مؤخرا، ناجمة عن تدخلات أجنبية.
وأضاف جلالي، في كلمته بمؤتمر للدفاع المدني يتعلق بالشؤون الزراعية، أن "التدخل الأجنبي" يرمي للسطو على عمليات "تلقيح السحب" التي كانت تضطلع بها مليشيات الحرس الثوري الإيراني قبل عام بزعم مكافحة الجفاف.
ووفق المسؤول العسكري الإيراني، فإن مراكز بحث إيرانية تجري دراسات حول هذا الأمر، دون أن يشير إلى توقيت تلك الدراسات، زاعما أن الأخيرة توصلت إلى وجود تدخلات أجنبية لتغيير المناخ في إيران.
وفي ذات الصدد، اتهم إسرائيل ودولة مجاورة لم يسمها، بـ "سرقة السحب غير الملقحة".
كما زعم جلالي أن بلاده تواجه أيضا سرقة "الغيوم"، و"الثلوج"، بدعوى وجود ثلوج على كافة المرتفعات الشاهقة الممتدة من أفغانستان شرقا حتى البحر المتوسط ما عدا إيران.
تصريح يتناقض بشكل فج مع ما أشار إليه ردايو "زمانه"، الناطق بالفارسية، من أن وزارة الطاقة الإيرانية كشفت في الشتاء الماضي، عن قيام الحرس الثوري باختبارات استمطار، وتلقيح سحب في سماء البلاد.
وأضافت الإذاعة الإيرانية أن تلك الاختبارات والمشروعات التي اضطلعت بها المليشيات لم تسفر عن جدوى في سبيل حل أزمة الجفاف التي تضرب البلاد مؤخرا.
وتعيد تلك التصريحات التي أدلى بها رئيس منظمة الدفاع المدني الإيرانية إلى الأذهان واقعة الوفاة الغامضة التي تعرض لها كاووس إمامي، عالم البيئة الإيراني الكندي، في زنزاته بمعتقل "إيفين" سيئ الصيت شمال طهران.
وأعلنت السلطات الإيرانية وفاة إمامي بعد أسبوعين من اعتقاله ضمن نشطاء بيئيين آخرين، بدعوى تجسسهم لصالح جهات غربية.
وفي السياق ذاته، أشارت صحيفة "كيهان" اللندنية، في تقرير مطول لها في فبراير/ شباط الماضي، إلى أن هؤلاء النشطاء المعتقلين أجروا أبحاثًا تناولت التداعيات السلبية على البيئة جراء اختبارات الاستمطار وتلقيح السحب التي يقوم بها الحرس الثوري بزعم مكافحة الجفاف.
وتوصل هؤلاء العلماء -بحسب الصحيفة- إلى نتائج خطيرة مثل تفاقم أزمة الجفاف في البلاد، إلى جانب المبالغ الطائلة التي يجنيها بعض قادة الحرس الثوري وشركاتهم من خلال تلك المشاريع، حيث تدفع وزارة الطاقة الإيرانية مليارا و500 مليون ريال إيراني شهريا لكل طلعة تقوم بها كل طائرة لاختبارات الاستمطار.
مشاريع ضخمة يقودها الحرس الثوري في وقت تؤكد فيه تقارير عدة أن مناطق متفرقة في إيران باتت على أعتاب أزمة بيئية دامية، جراء ارتفاع معدلات الجفاف، حيث تشير التوقعات إلى أن العام الحالي سيكون الأكثر جفافا في تاريخها.
وفي الوقت الذي تواجه فيه نحو 1240 مدينة إيرانية أزمات طاحنة بسبب تلوث وشح مياه الشرب، حيث يتعرض نحو 35 مليون مواطن لخطر "التوتر المائي"، يواصل رئيس منظمة الدفاع المدني مزاعمه حول استهداف دول أجنبية بلاده من خلال حرب وصفها بـ "بيولوجية سيبرانية" ضد الحياة البرية والزراعية والاقتصاد، لتغيير نمط الاستهلاك، والنظام الغذائي، على حد تعبيره.
وتعتمد عقلية النظام الإيراني، بحسب أدبياته السياسية، على خلق فزاعات وعدو خارجي للهروب من الأزمات المختلفة التي تتورط بها مؤسسات داخلية.
فزاعات يواجه بها التذمر الشعبي، حيث ادعى حسن فيروز عبادي، المستشار العسكري للمرشد الإيراني علي خامنئي، في فبراير/ شباط الماضي، أن دولا غربية من بينها الولايات المتحدة، تتجسس على بلاده باستخدام "الزواحف".