500 مليار دولار.. نووي إيران يفقر الشعب ويهدد الجوار
التقديرات تشير إلى أن التكلفة الإجمالية المباشرة وغير المباشرة للبرنامج النووي الإيراني تخطت 500 مليار دولار أمريكي منذ عام 2006.
تشير تقديرات المنتدى الاستراتيجي العربي إلى أن التكلفة الإجمالية المباشرة وغير المباشرة للبرنامج النووي الإيراني تخطت 500 مليار دولار أمريكي بداية منذ عام 2006.
ولم تعلن إيران تكلفة برنامجها النووي بدقة على الإطلاق، غير أن تصريحات لرئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، في 6 يونيو/ حزيران 2018، قال فيها أن طهران أنفقت 6.5 مليار دولار أمريكي على مدار 30 عاما لصالح تطوير برنامجها النووي.
- اتفاق إيران النووي في 2019.. انتهاكات ومآلات متوقعة
- "إندبندنت": إيران تستغل كورونا وتواصل أنشطتها النووية
وتوقعت تقارير إخبارية إنفاق النظام الإيراني 300 مليار دولار أمريكي على البرنامج النووي، كما أعلنت طهران عن ميزانية سنوية للطاقة النووية تبلغ نحو 200 مليون دولار.
ووفقا لتلك الميزانيات الضخمة، يعد البرنامج النووي الإيراني أحد أكثر البرامج النووية تكلفة عالميا على الرغم من قدراته التقنية المحدودة.
وتعتبر العقوبات الاقتصادية الدولية التي فرضت على إيران وتبعاتها ضمن التكاليف غير المباشرة للبرنامج النووي التي بلغت 500 مليار دولار أمريكي.
وتجاوزت التكلفة المباشرة التي تتضمن تدشين البني التحتية، والمرافق النووية وتشغيلها نحو 50 مليار دولار أمريكي سنويا، وفق تقرير صادر قبل عامين عن المنتدي الاستراتيجي العربي (مقره دبي).
وأثر سلبيا تدشين مشروعات البنية التحتية النووية، وتشغيل مفاعل بوشهر (جنوب غرب إيران وأول مفاعل مخصص للطاقة النووية في البلاد)، وكذلك استخراج وتخصيب واستيراد خام اليورانيوم بالإضافة إلى العقوبات الدولية التي فرضت على إيران منذ اكتشاف أنشطتها النووية السرية مطلع القرن الحادي والعشرين على الاقتصاد الإيراني المحلي.
وانعكست التكلفة المرتفعة للبرنامج النووي الإيراني سلبا أيضا على مستوى معيشة الشعب، حيث تصاعدت الاحتجاجات العامة منذ أواخر عام 2017.
وزادت حدة الاحتجاجات الشعبية بعد تداعيات الانسحاب الأمريكي الأحادي، في مايو/ أيار 2018، من الاتفاق النووي الإيراني الموقع مع قوى عالمية في عام 2015، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية شملت قطاعات عدة أبرزها النفط والمصارف والشحن.
وأعادت واشنطن بعد انسحابها من الاتفاق النووي فرض حزمتي عقوبات على طهران أولهما كانت في أغسطس/ آب 2018، وشملت مجالات الذهب والمعادن النفيسة الأخرى، وبيع أو شراء أو تحويل المعادن كالصلب، والألومنيوم، والفحم، وفرض عقوبات على التعاملات الكبيرة لشراء أو بيع الريال الإيراني أو الاستثمار في السندات الإيرانية بالخارج، والسيارات المحلية.
وتضمنت الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، قطاع الطاقة الإيراني لاسيما النفط والمكثفات الغازية فضلا عن الشحن البحري والموانئ والبنك المركزي والمصارف المحلية.
وسرعان ما زادت العقوبات من تردي الأوضاع الاقتصادية في إيران، وبالتالي اندلاع احتجاجات شعبية داخل مدن كبيرة بشكل متكررة خلال السنوات الأخيرة تنوعت شعارتها بين التنديد بارتفاع نسب البطالة والتضخم والفقر والفساد، والهجوم على رموز النظام الإيراني.
وفي إشارة إلى التداعيات الاقتصادية السلبية التي نجمت عن الإنفاق النووي الإيراني المبالغ فيه، بلغت معدلات البطالة حوالي ثلثي الشباب داخل البلاد، وانهارت قيمة الريال الإيراني أمام الدولار الأمريكي بنسبة تجاوزت 70 %.
وانسحبت شركات أجنبية من السوق المحلي وبخاصة في القطاع النفطي الذي تدهور كثيرا وبات في حاجة لاستثمارات أجنبية تناهز 300 مليار دولار أمريكي لاستعادة عافيته مجددا.
في دلالة على عمق الأزمة الاقتصادية التي تعانيها إيران منذ العام قبل الماضي، أقر الناطق باسم حكومة طهران علي ربيعي بأن أكثر من 60 مليون إيراني بحاجة إلى مساعدات معيشية (سكان إيران 81 مليون نسمة).
وأقر المتحدث الرسمي باسم حكومة روحاني، نهاية العام الماضي، أن بعض المناطق داخل بلاده محرومة بالكامل، فضلا عن وجود عديد من متلقي الإعانات بينهم نساء معيلات، وذوو أجور ثابتة مثل العمال والمتقاعدين.
في الوقت نفسه، تشير بيانات صادرة عن لجنة الخميني للإغاثة التي تنشط كمؤسسة خيرية رسمية إلى أن ما لا يقل عن 16 مليون إيراني باتوا تحت خط الفقر فعليا، غير أن أرقاما أخرى تؤكد وصول أعداد الفقراء إلى نحو 40 مليون إيراني.
وخفضت طهران التزاماتها النووية المنصوص عليها في الاتفاق النووي خلال 5 خطوات بدأتها في مايو/ أيار 2019، بزعم الرد على إعادة فرض العقوبات الأمريكية ضدها.
وكانت إحدى هذه الخطوات الإيرانية تركيب أجهزة طرد مركزي أكثر تقدما في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم بينما لم يقلق هذا الأمر الولايات المتحدة وحدها بل أقلق بريطانيا وفرنسا وألمانيا، باعتبارها الأطراف المتبقية ضمن الاتفاق النووي الإيراني المبرم قبل 5 سنوات.
وأدى تخفيض إيران التزاماتها النووية إلى فرض مزيد من العقوبات عليها من قبل واشنطن، لكن مع ذلك تتخذ منظمة الطاقة الذرية الإيرانية خطوات سريعة لزيادة قدرتها على التخصيب بأوامر من المرشد الإيراني علي خامنئي.
وتضمنت انتهاكات إيران بالترتيب تجاوز الحد الأقصى المنصوص عليه ضمن الاتفاق النووي لتخزين اليورانيوم المخصب عند كمية 300 كجم بنسبة 3.67%، وعدم بيع فائض اليورانيوم المخصب والماء الثقيل، في مايو/أيار 2019.
وشملت الخطوتان الثانية والثالثة في يوليو/تموز، وسبتمبر/أيلول 2019، رفع إيران مستوى تخصيب اليورانيوم عند 3.67%، وتشغيل أجهزة طرد مركزي متقدمة لتسريع تخصيب اليورانيوم، بغية التوصل إلى تصنيع قنبلة نووية.
واستكملت طهران انتهاكاتها لاحقا باستئناف العمل داخل منشأة فوردو، مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2019، رغم تعليق عملها بموجب الاتفاق النووي حتى 15 عاما مقبلة.
في حين زعم مسؤولون إيرانيون أن رفع مستوى تخصيب اليورانيوم بفوردو إلى 9500 سو "وحدة قياس نووية" يعني عودة طهران نوويا إلى ما قبل عام 2015.
وضخت إيران في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، 2000 كجم من غاز سداسي فلورايد اليورانيوم لـ1044 جهاز طرد مركزيا داخل موقع فوردو النووي لإعادة تخصيب اليورانيوم بغرض التوصل إلى تصنيع أسلحة نووية.
ويشكل مفاعل "بوشهر" الإيراني القريب من سواحل الخليج العربي مخاطر عديدة، وخاصة في ظل وقوعه على خط زلزالي نشط.
ويقع مفاعل "بوشهر" على بعد لا يزيد عن 200 كلم من سواحل الخليج العربي وبالتالي يمكن أن يتسبب حدوث تسرب إشعاعي في تعريض المنطقة إلى خطر جسيم ومُحدق على الهواء والغذاء، ومحطات تحلية المياه.
وتعد أنشطة إيران في تطوير قدراتها النووية في ظل أعمالها التخريبية إقليميا ودعمها للجماعات الإرهابية بأنواع استراتيجية من الأسلحة والصواريخ الباليستية مصدر قلق كبير للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.
ويرى مراقبون أن النظام الإيراني بهذا التصعيد وضع نهاية لاتفاق نووي مشوه منذ الإعلان عنه، حيث لم تتضمن بنوده إلزاما واضحا لنظام طهران بالتخلي عن البرنامج الصاروخي الباليستي، والتدخلات العسكرية بواسطة مليشيات مسلحة تقاتل بالوكالة في بلدان مجاورة بهدف بسط السيطرة والنفوذ، إضافة إلى تصدير الإرهاب إقليميا ودوليا.
وتثار شكوك دولية بشأن مدى التزام طهران بالاتفاق النووي الذي وقعت عليه مع القوى الكبرى، حيث سعت تحت مظلته إلى توسيع نفوذها العسكري في بلدان مجاورة من خلال تطوير برامج صواريخ باليستية، فضلا عن تمويل مادي ولوجستي لمليشيات مسلحة وطائفية تقاتل بالوكالة.