إيران بأسبوع.. سابقة تاريخية وتطور مفاجئ في التوتر مع واشنطن
شهد الأسبوع الماضي عدة أحداث في إيران أبرزها موافقة مبدئية على مقابلة وزير الخارجية الأمريكي وإعدام وشيك لأكاديمي سويدي.
شهد الأسبوع الماضي عدة أحداث في إيران، كانت أبرزها سابقة تاريخية على مستوى التوترات بين طهران وواشنطن؛ إذ أبدت حكومة طهران موافقة مبدئية على إجراء محطة إخبارية رسمية مقابلة مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في الوقت الذي تطورت بشكل مفاجئ قضية أكاديمي سويدي محتجز بتهمة الجاسوسية في معتقل محلي منذ عام 2016.
وأعلنت حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني، على لسان الناطق الرسمي باسمها علي ربيعي، موافقتها على مقترح لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، منتصف الشهر الماضي، بإجراء مقابلة تلفزيونية مع إحدى المحطات الإخبارية الإيرانية الرسمية.
غير أنها اقترحت أن تدير الحوار مع الوزير الأمريكي مراسلة إيرانية تدعى مرضية هاشمي رحّلتها السلطات الأمريكية من أراضيها مطلع العام الجاري، بعد سماع شهادتها في قضية تتعلق بالأنشطة الإعلامية الإيرانية داخل الولايات المتحدة.
وحال إتمام تلك المقابلة التي يرغب من خلالها بومبيو في التحدث علانية للمرة الأولى إلى الشعب الإيراني عبر إحدى محطات التلفزيون الرسمي الناطقة بالإنجليزية ستكون سابقة لم تحدث من قبل بالنسبة لإيران التي يتحدث مسؤولوها مرارا لوسائل إعلام أمريكية، أبرزهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.
وفي حين تهدف واشنطن إلى الاستفادة من خيار الدبلوماسية كحل يخفض مستوى التوتر القائم مع إيران إقليميا، يرى مسؤولو طهران الأصوليون والمعتدلون، حسب تركيبة النظام الإيراني، أن أولى خطوات قبول بلادهم خطوة الجلوس إلى طاولة تفاوض هي عودة الولايات المتحدة إلى مظلة الاتفاق النووي الموقع مع قوى عالمية في عام 2015، وتخفيف حدة العقوبات المفروضة على إيران منذ العام الماضي.
كواليس جديدة
وعلى صعيد احتجاز ناقلة نفطية لدى عبورها في مضيق هرمز، 19 يوليو/تموز الماضي، من قبل القوة البحرية التابعة لمليشيا الحرس الثوري الإيراني كشفت لجنة الأبحاث الدفاعية والاستراتيجية التابعة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (مقره باريس) عن كواليس جديدة تتعلق بالعملية برمتها.
ووفقا لمراقبين، يعتبر المرشد الإيراني علي خامنئي هو المسؤول الأول عن قرار توقيف ناقلة النفط "ستينا إمبيرو" البريطانية بغية الانتقام من احتجاز الناقلة "جريس- 1" الإيرانية في مضيق جبل طارق الخاضعة لحكم التاج البريطاني، لانتهاك الناقلة النفطية الإيرانية العقوبات الأوروبية المفروضة منذ عام 2011 على نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وبحسب المعلومات الواردة في التقرير الدفاعي والاستراتيجي للمقاومة الإيرانية الصادر حديثا، نفّذ لواء "أبو عبدالله" الذي يضم عناصر خاصة من المغاوير بجزيرة فارور، ولواء "ذو الفقار" في جزيرة قشم (إدارتها تابعة للمنطقة البحرية الأولى بالحرس الثوري)، عملية الاحتجاز لناقلة لندن عبر إنزال عناصر مسلحة بواسطة هليكوبتر وزوارق سريعة.
ويقع مركز قيادة المنطقة البحرية الأولى لعناصر مليشيا الحرس الثوري الإيراني في ميناء باهنر، حيث يتولى قيادتها حاليا علي عظمائي ونائبه علي غلام شاهي، و تمتد السلطات المخولة لها بداية من ميناء سيريك حتى الطرف الغربي لجزيرة قشم.
ويضطلع لواء "ذو الفقار" البحري تحت قيادة مهدي هاشمي في جزيرة قشم بمهمة رئيسية هي السيطرة على حركة الناقلات والسفن التجارية لدى إبحارها في مضيق هرمز.
وتدير بحرية مليشيا الحرس الثوري عدة منشآت سرية داخل نطاق جزيرة قشم، وعلى امتداد سواحلها كترسانة لتخزين صواريخ بحرية من طراز "كروز"، فضلا عن اتخاذها نقطة انطلاق لإرسال الصواريخ للمليشيات الموالية لطهران في نطاقات إقليمية مختلفة.
تطور مفاجئ
وفي تطور مفاجئ، نقلت السلطات الإيرانية أكاديميا سويديا محتجزا بأحد السجون المحلية، منذ عام 2016 على خلفية اتهامات له بالجاسوسية، إلى زنزانة انفرادية تمهيدا ربما لتنفيذ حكم بإعدامه، بحسب عائلته بينما لم تعلق جهات رسمية حتى الآن على النبأ المتداول.
وذكر أحد أفراد عائلة الطبيب والباحث الأكاديمي السويدي من أصل إيراني أحمد رضا جلالي أن الأخير قد جرى إيداعه رهن زنزانة انفرادية قبل عدة أيام بسجن إيفين الواقع شمال العاصمة طهران، دون مزيد من التفاصيل حول الأسباب وراء هذه الخطوة المباغتة.
وقضت ما تعرف بمحكمة الثورة في طهران بإعدام أحمد رضا جلالي للمرة الأولى، أكتوبر/تشرين الأول عام 2017، بعد عام واحد من اعتقاله، حيث ظل لنحو 7 أشهر رهن الاحتجاز داخل زنزانة انفرادية بالجناح رقم 209 في سجن إيفين، والذي يخضع لسيطرة تامة من جانب وزارة الاستخبارات الإيرانية.
يشار إلى أن أحمد رضا جلالي كشف في رسالة مسربة من داخل محبسه قبل عامين عن إخضاعه لتعذيب جسدي ونفسي على أيدي محققين بعد اعتقاله، بهدف إجباره على الإدلاء باعترافات قسرية والتي أدت إلى إصدار حكم بإعدامه لاحقا.
وذكر جلالي، في رسالته المسربة حينها، أن الخطأ الوحيد الذي يمكث بسببه في السجن هو رفضه التجسس على زملائه والمؤسسة العلمية التي كان يعمل بها في أوروبا لصالح أجهزة استخباراتية في إيران.
توتر إيراني - نمساوي
وفي توتر بين طهران وفيينا، طالبت النمسا إيران بالإفراج عن تاجر من أصول إيرانية محتجز لديها منذ مطلع العام الجاري، وسط غموض حول طبيعة الاتهامات الموجهة إليه، خاصة أن طهران تنظر للقضية على أنها شأن داخلي.
وذكرت النسخة الفارسية لشبكة "دويتشه فيله" الألمانية، نقلا عن وسائل إعلام في فيينا، أن السفارة النمساوية في إيران تولي اهتماما كبيرا لقضية اعتقال التاجر النمساوي مسعود مصاحب (72 عاما) بعدما أكدت الخارجية النمساوية نبأ القبض عليه في طهران.
وبعث وزير الخارجية النمساوي ألكسندر شالينبرج برسالة خطية إلى نظيره الإيراني محمد جواد ظريف طالب فيها بإطلاق سراح مصاحب الذي يتولى منصب أمين عام الجمعية النمساوية-الإيرانية (تضطلع بتنشيط العلاقات الثنائية بين البلدين).
وكشفت الخارجية النمساوية على لسان الناطق باسمها بيتر باور أن أسباب اعتقال المواطن النمساوي الحاصل على جنسيتها منذ عام 1980 لا تزال مجهولة حتى الآن، بجانب طبيعة الاتهامات الموجهة له، حيث كان الرجل أحد الساعين إلى توطيد العلاقات بين موطنه الأصلي (إيران) ووطنه الجديد (النمسا) على مدار ربع قرن تقريبا.
وبحسب المعلومات المتوافرة، يمكث مسعود مصاحب رهن الاعتقال في سجن "إيفين" شمال العاصمة الإيرانية طهران منذ يناير/كانون الثاني الماضي.
وأوردت "دويتشه فيله"، نقلا عن صحيفة "دير ستاندرد" النمساوية، أن مصاحب اعتقل خلال زيارته إلى إيران برفقة وفد يضم باحثين من شركة تدعى "مد آسترون" يقع مقرها الرئيسي شمال النمسا، وهي متخصصة في العلاج الأيوني، في حين لم يعرف بعد هل جرى القبض عليه بسبب أنشطته التجارية في إيران أم لا؟
وترفض السلطات الإيرانية الاعتراف بحاملي الجنسيات المزدوجة، حيث تنظر لهم الأجهزة الأمنية بعين الريبة ويكونون عادة عرضة للاعتقال من جانب جهاز استخبارات الحرس الثوري، إلى جانب رفض الجهات الحكومية تقديم الخدمات القنصلية إليهم لاحقا.