تورطت إيران في دول عربية متعددة وكانت تدير عمليات التخريب بكل أشكالها السياسية والعسكرية وكانت تمارس عمليات تسهيل للإرهاب عبر أراضيها
لا يمكن لأحد أن يقرأ المشهد الأمريكي بعيدا عن الاعتقاد بأن الرئيس ترامب كان يدرك ما يقوم به، فلو لم تتخذ أمريكا هذا الإجراء بإزاحة سليماني من على خارطة النظام الإيراني، لكان من الصعب مستقبلا السيطرة على تلك النتائج التدميرية التي كان سليماني يخطط لها وينتظر حدوثها.
إيران قبل مقتل سليماني لن تكون إيران بعد مقتله، ولأن الصفعة قوية ومؤثرة فلن تجرؤ على القيام بأي ردة فعل لأنها تعرف أن ثمن ردة الفعل تلك ستكون وخيمة، وهذا ما سوف يعيد شكلا من الاستقرار في المنطقة العربية والشرق الأوسط
النظام الإيراني وتحديدا شخص المرشد الأعلى كان يعتمد وبشكل كبير على ما يقوم به سليماني من أعمال وأنشطة، وهذا يعطي الاستنتاج المؤكد بأن كل المشهد السياسي الإيراني يرتكز أولا وأخيرا على توجيهات المرشد الأعلى، وقد ثبت بالأدلة الواضحة أن المشروع الإيراني التخريبي في المنطقة تنامى بشكل خطير خلال العقد الماضي.
لقد تورطت إيران في دول عربية متعددة وكانت تدير عمليات التخريب بكل أشكالها السياسية والعسكرية، وكانت تمارس عمليات تسهيل للإرهاب عبر أراضيها، ولو فتحت الفرصة لحصر الأعمال التخريبية وحجم الدمار والقتل والإرهاب الذي تسببت به إيران في المنطقة والعالم، لكنا أمام مجلدات من الكتب.
أمريكا قررت بعد أربعة عقود من التفلت الإيراني في المنطقة أن تقوم بعمل حقيقي تجاه النظام الإيراني، خصوصا عندما اعتقدت إيران أنه يمكنها تجاوز الخطوط الحمراء مع أمريكا، فلم يكن المرشد الأعلى وسليماني على وعي كافٍ بالمسافة التي يجب أن يذهبوا إليها تجاه أمريكا، لذلك تجاوزت إيران حجمها السياسي والاستراتيجي مما استوجب التصحيح.
إزالة سليماني من على خارطة النظام الإيراني ستمكن المنطقة من استعادة أنفاسها من جديد، ومهما كان بديل سليماني فإيران قبل مقتل سليماني لن تكون إيران بعد مقتله، ولأن الصفعة قوية ومؤثرة فلن تجرؤ إيران على القيام بأي ردة فعل، لأنها تعرف أن ثمن ردة الفعل تلك ستكون وخيمة، وهذا ما سوف يعيد شكلا من الاستقرار في المنطقة العربية والشرق الأوسط.
خيارات إيران لن تكون كلها في الاتجاه الذي كانت تحاول الحصول عليه قبل مقتل سليماني، فليس أمامها سوى مسارات محدودة إما المواجهة مع أمريكا، وهذا تدمير مباشر للنظام والمشروع كله، بالإضافة إلى كونه سوف يدخل المنطقة في حرب إقليمية، الخيار الثاني أن تستثمر إيران هذه الأزمة لتعود إلى طاولة المفاوضات لتستمع إلى ما تريده أمريكا وحلفائها في المنطقة من جديد.
الخيار الثالث أن تفهم إيران الرسالة الأمريكية وتنسحب بشكل تدريجي من العراق وتتوقف عن التحريض السياسي بضرورة إخراج القوات الأمريكية من العراق، لأن أي دفع بهذا الاتجاه سوف يدفع أمريكا إلى القيام بعمل ما، فأمريكا لن تسمح لنفسها بأن تخسر ما حققته ووضعته في العراق تحت تهديدات إيران.
الخيار الرابع أن تؤمن إيران بأن اختفاء سليماني هو الفرصة الوحيدة لدفعها نحو الانكفاء إلى الداخل وتحسين الأوضاع الاقتصادية والتنموية.
أما الأخير وهو الأقسى فهو يعتمد على أن فرص الثورة الداخلية في إيران أصبحت أعلى عطفا على الأحداث القائمة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة