للأسف الشديد تعمق في نفس الرأي العام الإيراني أن العالم، الغرب والعالم العربي، والسنة، لديهم «كراهية ثابتة» ضد إيران
هل نكره كل ما هو إيراني؟ للأسف الشديد، تعمق في نفس الرأي العام الإيراني أن العالم، والغرب والعالم العربي، والسنة، لديهم «كراهية ثابتة» ضد إيران.
والدارس للتاريخ والمطلع على الحقائق والوقائع يعلم أننا كعرب ليس لدينا حالة كراهية أو شعور بالتناقض مع الشعب الإيراني.
سياستنا مع إيران ليست مشكلة قومية عربية ضد قومية فارسية، أو مذهب سني ضد مذهب شيعي، وليست معتدلين ضد متشددين.
نقول للأشقاء في إيران رسالة: نحن لا نكرهكم، ولكن نكره تدخلاتكم في شؤوننا، وسنكون أسعد الناس لو جنحتم للسلم، واحترمتم سيادة وسلامة جيرانكم.. هل وصلت الرسالة؟!
إنه خلاف سياسي بالدرجة الأولى قبل أن يكون خلاف هوية، أو مذهب أو قومية.
إنه خلاف بين دولة لها نظام حكم، وهو القائم على مبدأ حكم الولي الفقيه، وهو النظام الوحيد في العالم الذي ينص في دستوره على هذا المبدأ من ضمن 212 نظاماً في العالم المعاصر.
خلافنا مع نظام الحكم في طهران، وليس مع أشقائنا الإيرانيين.
نحترم حق إيران في أن تصبح قوة عسكرية، وأن تسلح نفسها، شريطة أن يكون هذا التسلح للدفاع الشرعي عن حدودها وليس للقيام بالمغامرات في أراضي جيرانها.
خلافنا ليس لأن البعض في إيران اختار المذهب الشيعي، أو أن غالبية المواطنين هناك ينتمون إلى الطائفة الشيعية الكريمة.
خلافنا أن من يحكم إيران على طريقته ورؤيته ومذهبه يريد تصدير ذلك لنا، وفرضه بالقوة بجميع أشكالها، بدءاً من «المال السياسي» إلى السلاح، وصولاً إلى السعي لقلب أنظمة الحكم.
خلافنا أن من يحكم في طهران لا يكتفي بأن يمارس سيادته داخل حدود بلاده، لكنه يسعى إلى التدخل في شؤون الغير وعدم احترام اختيارات جيرانه.
القارئ للتاريخ يعلم أن إيران مهد مدارس الفكر والفنون، ومصدر صناعة السجاد، وتجارة اللؤلؤ، والفستق والبهارات.
لا يمكن أن نكره إيران التاريخ، والجغرافيا، والحضارة، وعلاقات التمازح الثقافي والمصاهرة والنسب، بالذات مع العراق وسوريا ودول الخليج العربي.
لا يمكن أن نكره إيران (82 مليون نسمة)، إحدى أكبر الدول الإسلامية المؤثرة في العالم الإسلامي، وصاحبة المساحة الجغرافية رقم 18 في جغرافية العالم؟
لا يمكن أن نكره إيران صاحبة ثاني أكبر مخزون للغاز في العالم ورابع أكبر احتياطي للنفط العالمي.
نحن فقط نرفض تماماً أن يُفرض علينا نظام حكم من الخارج، سواء كان من طهران أو واشنطن أو أنقرة أو تل أبيب.
نحن لا نسعى لقب نظام الحكم في إيران من الداخل أو الخارج، لأننا نؤمن بأن كل شعب هو وحده مصدر السلطات، وهو صاحب القرار في اختيار حكامه.
نحن أمة مسالمة نضع في أولوياتنا إعادة النهوض الاقتصادي الغائب وليس انتظار عودة الإمام الغائب.
من حق إيران وشعبها أن تختار ما تراه لنفسها فكرياً وسياسياً ومذهبياً، شريطة ألا تحاول فرضه علينا بالقوة.
نحن لا نريد النموذج الإيراني في الحكم ولا في التنمية ولا في العلاقات الدولية، خاصة أنه نموذج لم يثبت نجاحه في أي مجال من المجالات، بدليل الثورات الشعبية المكتومة من الشعب الإيراني نفسه، والتي يتم قمعها بالقوة المسلحة.
نقول للأشقاء في إيران رسالة: نحن لا نكرهكم، ولكن نكره تدخلاتكم في شؤوننا، وسنكون أسعد الناس لو جنحتم للسلم، واحترمتم سيادة وسلامة جيرانكم.. هل وصلت الرسالة؟!
رحم الله الإمام «شمس الدين التبريزي» الذي كتب: «لا يوجد فرق كبير بين الشرق والغرب، ولا بين الشمال والجنوب، فمهما كانت وجهتك فيجب أن تجعل الرحلة التي تقوم بها في داخلك».
نقلاً عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة