من غير المقبول الاعتراض على أي قمة أو اجتماع ثنائي كان أو خماسي أو أيا يكن إذا كانت الغاية منه خدمة الأمة الإسلامية التي تعيش ظروفا استثنائية
من غير المقبول الاعتراض على أي قمة أو اجتماع ثنائي كان أو خماسي أو أيا يكن إذا كانت الغاية منه خدمة الأمة الإسلامية التي تعيش ظروفا استثنائية، ولعلّ البلدان العربية أكثر المتأثرين بحالة عدم الاستقرار السياسي والأمني الذي يعصف ببلدان كثيرة كاليمن وسوريا والعراق وليبيا وكذلك لبنان.
مثل هكذا اجتماعات وقمم لا غاية منها سوى التعبير عن سياسة محاور داخل منظمة المؤتمر الإسلامي التي لا شكّ أنها تمثل واجهة العمل الإسلامي المشترك، وهذا ما يشكل انتكاسة جديدة تضاف إلى كم الخذلان والحرمان الذي يعيشه المسلمون في الوقت الراهن ويدفع لتكرار السؤال عن ماهية الإسلام الذي ستمثله "قمة" ماليزيا؟
ولكن الذي لا يمكن القبول به هو اختصار هذا العالم الكبير بقمة نسبت للإسلام، واختيار دول بعينها لها من دون معايير واضحة، وهذا ما يقودنا لطرح جملة من الأسئلة على من دعا لهذه القمة وهو رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمّد والتي ستعقد في العاصمة كوالالمبور في 19 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وتضم خمس دول هي: ماليزيا وقطر وإندونيسيا وتركيا وباكستان.
أولا: ما هي أهداف هذه القمة؟
هل غايتها جمع شتات دول العالم الإسلامي؟ وإذا كان الجواب نعم، أليس من المفترض على من دعا إليها على الأقل استئذان باقي الدول أو إخبارها عبر منظمة التعاون الإسلامي الإطار الجامع والأشمل للدول الإسلامية بغاية الاجتماع وإيضاح تفاصيله كاملة؟ وهذا ما لم يحصل وهنا إشارة الاستفهام الأولى.
ثانيا: على أي أساس تم اختيار الدول الخمس؟
لا يمكن التنبؤ بطريقة تفكير مهاتير محمّد باني ماليزيا الحديثة عن الآلية التي تم بها اختيار الدول الخمس للقمة، وفيما إذا كان الرابط هو الإسلام السياسي (تيار الإخوان المصنف إرهابيا من أغلب الدول العربية) الذي تنتهجه بعض هذه الدول واستثناء دول أخرى فاعلة وقادرة وتمتاز بمقبولية ومشروعية أكثر تأثيرا من غيرها.
لذلك يمكن استخلاص ما يلي من طريقة وشكل وعناصر هذا الاجتماع المسمى "قمة إسلامية":
أولاً: تسميتها بالقمة تسمية جوفاء لا يمكن لها أن تحمل أية قيمة منطقية، لا سيما وأن الواقع لبعض هذه الدول يشي بأنها غير قادرة على حلّ مشاكلها الداخلية والخارجية فكيف لها العمل في إطار أوسع؟
فعلى سبيل المثال تعيش قطر حالة عزلة من شقيقاتها العربيات بسبب سياستها الخارجية المصنفة بغير السوية تجاه البلدان العربية بدعمها تنظيمات عاثت -ولا تزال- فسادا وتخريبا في معظم الأقطار العربية كجبهة النصرة وتنظيم الإخوان المسلمين، هذا غير اتهامها بشق الصف العربي وتحويل دوله إلى ولايات ترتهن بأحلام السلاطين والمرشدين.
وتركيا ليست أفضل حالا من قطر هي الأخرى تحت وطأة العقوبات الاقتصادية، كما تعيش حالة العزلة عن الدول المرتبطة بها إقليمياً ولا سيما الدول العربية بعد أن مارست كل أشكال التدخل السياسي والعسكري والإرهابي لضرب استقرار الدول العربية وتهديد أمنها عدا عن تجنيد الجماعات المتطرفة وشذاذ الآفاق لتمرير أجنداتها الهدامة لتقويض أنظمة الحكم وضرب السلم والأمن الأهليين فيها.
ثانياً: وصفها بالإسلامية، فلا شك أن الإسلام دين التسامح والإعمار لا الخراب، وأنه يدعو إلى وحدة الكلمة والتمسك بنهج قويم موحد، وأنه لا يقتصر على مذهب أو فرقة دينية ولكن هذه القمة اقتصرت على تيار بعينه، وما تطعيم "القمة" بدول كباكستان إلا محاولة لتسويق هذا الاجتماع على أنّه يمثل ثقلا إسلاميا لا يستهان به .
في واقع الأمر يحتاج المسلمون قمة تجمعهم وتعمل على توحيد صفوفهم لا لخدمة المسلمين فحسب، بل البشرية جمعاء في ظل ظروف استغل فيها "دعاة" التطرف الكثير من الشباب المسلم للزج به في حروب لا طائل منها سوى المزيد من سفك دم الأبرياء في البلدان المسلمة وغيرها، وهذا ما يجب التنبه إليه قبل بلوغ هذه التيارات حدا لا يمكن محاربته أو الحدّ من تأثيره وسلوكه المتطرف، والخوف كل الخوف أن مثل هكذا اجتماعات وقمم لا غاية منها سوى التعبير عن سياسة محاور داخل منظمة المؤتمر الإسلامي التي لا شكّ أنها تمثل واجهة العمل الإسلامي المشترك وهذا ما يشكل انتكاسة جديدة تضاف إلى كم الخذلان والحرمان الذي يعيشه المسلمون في الوقت الراهن ويدفع لتكرار السؤال عن ماهية الإسلام الذي ستمثله "قمة" ماليزيا؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة