تبرز في هذه الفترة التجاذبات الحادة والتحالفات المستجدة العاجلة في مرحلة ما قبل التوقيع "المفترض".
على الاتفاق النووي الإيراني بشكله الجديد، الذي يأخذ في عين الاعتبار تحفظات الدول الأوروبية خاصةً واشتراطات دول الجوار العربي، مع ما يحدث من تنسيق سري تركي إيراني، وتوزّع الأدوار في ساحات الإقليم من سوريا والعراق إلى اليمن وأوكرانيا خاصةً، وتؤسس لقطف ثمار الإفراج الأمريكي عن الأموال والودائع الإيرانية والسماح لإيران بتصدير النفط بدون عراقيل.
فمن البديهي تسليط الضوء على المحاولات الإيرانية لكسب المزيد من التنازلات والمماطلة في كسب الوقت وصولاً إلى تحسين شروط التفاوض الإقليمي، لعلم هذا النظام يقيناً بأن الاتفاق النووي لم ولن يكون مفصولاً عن مسار تفاوضي يضع حلولا شبه نهائية لتمرير التفاهمات النهائية بين الدول الكبرى، حفظا لمصالحها الاقتصادية والجيواستراتيجية بعيداً عن لعب الصغار وألاعيبهم.
فنحن اليوم أمام مشهد تمثيلية إيرانية وأدوار يلعبها بإتقان المفاوضون الإيرانيون، نيابةً عن أعلى رأس هرم السلطة والقرار ممثلاً بخامنئي نفسه؛ إذ نرى بوضوح سياسة المواربة سعيا لكسب الوقت في ربط التقدم في مفاوضات الاتفاق النووي في فيينا بتسريع عملية تخصيب اليورانيوم المزعومة "والتي قد لا تكون حاصلةً أصلاً، خاصةً مع الضرر اللاحق بمنشأة نطنز مؤخرا".
وبين واقع محاولات إيران المستميتة لتخصيب اليورانيوم استعدادا لتهديد الإقليم بقنبلتها النووية، ومواربة الفريق المفاوض في فيينا، يمكننا الجزم بأن النظام الإيراني يسعى إلى استخدام كل الأوراق التي بحوزته لتحصيل أكبر قدر من التسهيلات التي تسمح له بتسويق انتصار وهمي في الداخل الإيراني؛ حيث أنه بأمس الحاجة إلى مثل ذلك في ظل عجزه عن ضبط أمن منشآته النووية ورموز مشروعه النووي، وفشله في إدارة ملف مكافحة كورونا والملفات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية التي تظهر عجزه الواضح، وعدم رضا أبناء الشعب الإيراني عنه على الإطلاق.
أما عن كسب الوقت فهي ممارسة إيرانية قديمة لم ولن تجدي نفعاً في ظل قناعة إقليمية دولية أكيدة بضرورة توفير آلية عالمية موحدة تكف يد إيران عبر مليشياتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وتمنعها من مواصلة جهودها لتطوير صواريخها الباليستية وطيرانها المسير وبرنامجها النووي العسكري.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة