إيران وسباق الرئاسة.. فتور أم مناورة مع الغرب؟
لا تبدو أطراف العملية السياسية في إيران على عجلة من أمرها، على الرغم من أن موعد انتخابات الرئاسة قاب قوسين أو أدنى.
فعلى بعد شهرين فقط من انتخابات الرئاسة، يلف الغموض خارطة المرشحين للمنصب الأهم في السلطة التنفيذية من معسكري المتشددين والإصلاحيين.
التيار المتشدد حتى الآن يبدي حماسا غير مسبوق في إعلان مرشحيه، حيث يبرز رقما ضخما من المرشحين لخوض غمار الرئاسة، وهم 10 من الصف الأول في التيار المحافظ الذي يتزعمه المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.
10 مرشحين يجمعهم التشدد
وسائل إعلام إيرانية سربت حتى الآن الأسماء العشرة عبر كشفها عن رسالة بعثها رئيس ما يسمى "علماء الدين المجاهدين" محمد علي موحدي كرماني، الذي يوصف بأنه أعلى هيئة سياسية دينية في قيادة التيار المحافظ.
رسالة كرماني تضمنت دعوة إلى توحيد الصف خلف مرشح واحد من بين العشرة المعلنين الذين يغلب عليهم حملة النياشين العسكرية من جنرالات الحرس الثوري؛ عصب التيار المتشدد في إيران.
ومن بين مرشحي التيار المتشدد حسب الإعلام الإيراني الجنرال المتقاعد في الحرس الثوري حسين دهقان، المستشار الحالي لخامنئي.
وتضم القائمة رئيس السلطة القضائية، إبراهيم رئيسي، ورئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، والأمين العام لجهاز تشخيص مصلحة النظام، محسن رضائي، (يترشح للمرة الرابعة) وسعيد جليلي، ممثل المرشد الإيراني في المجلس الأعلى للأمن القومي.
ومن بين الجنرالات السابقين المرشحين للرئاسة أيضا رستم قاسمي، وهو مسؤول اقتصادي في فيلق القدس؛ ذراع الحرس الثوري الخارجية، ومستشار قائد الحرس الثوري سعيد محمد وقدم استقالته الشهر الماضي، من قيادة مجموعة ما يسمى "خاتم الأنبياء".
وتقدم المؤسسة التشريعية التي يسيطر عليها التيار المتشدد أيضا نائبي رئيس البرلمان الحالي، حسين قاضي زاده هاشمي وعلي نيكزاد، إلى منصب الرئاسة؛ ما يعني أن أضلاع مؤسسات المحافظين اكتملت في السعي إلى الترشيح لرأس السلطة التنفيذية.
تردد الإصلاحيين
ومع وضوح إصرار المتشددين على الوصول للرئاسة بالكم الكبير من المرشحين، ما يزال التيار الإصلاحي والمعتدل يقدم رجلا ويؤخر أخرى في إعلان صريح لمرشحيه؛ في ظل انتهاء الولايات الدستورية للرئيس الحالي حسن روحاني (معتدل/ إصلاحي).
وعلى استحياء يبرز اسم الرئيس السابق محمد خاتمي، وهو ممنوع من الترشح، ووزير الخارجية الحالي محمد جواد ظريف، الذي لم يبدِ أي اهتمام بالرئاسة، كما انسحب حفيد آية الله الخميني حسن خميني، بعد ضغط من المرشد الأعلى.
الخصم والحكم
التيار المتشدد وهو يقدم هذا الفيلق من المرشحين لمنصب الرئاسة يسنده جهاز مصلحة صيانة الدستور، الذي يسيطر عليه المرشد الأعلى؛ وهو الجهة الوحيدة المخولة بتزكية المترشحين، ولها سجل واسع في شطب مرشحي الإصلاحيين.
الحال هذه وصفها مسؤول إيراني، في حديث سابق لوكالة "رويترز" بالقول، إنه "لا يمكن إطلاق اسم سِباق على الانتخابات المقبلة، فالتيار المتشدد يسعى إلى الرئاسة في 2021 وستكون هذه نهاية التيار المعتدل على الأقل لعقد مقبل إن لم يكن أكثر".
لكن وللمفارقة فإن أي قائد عسكري لم يستطع الوصول لمنصب الرئاسة في إيران منذ ثورة الخميني عام 1979.
لذلك قد يفهم هذا السباق نحو إعلان ترشيح جنرالات الحرس الثوري في سياق المناورة مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية حول البرنامج النووي الإيراني، حيث تجرى مفاوضات في فيينّا هذه الأيام.
فالتلويح بمرشحي المتشددين أسلوب إيراني أصيل لكسب تنازلات من الغرب، في لحظات الأزمات، فقد اكتسح المتشددون السلطة التشريعية في انتخابات العام الماضي إثر انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام 2018.
داخليا يدرك التيار الأصولي المتشدد والإصلاحي على حد سواء، فتور إقبال الإيرانيين على أي انتخابات في الوقت الحالي، لعدة أسباب.
فالناخب الإيراني -حسب المتابعين- تشغله أزماته المعيشية والتردي الاقتصادي في ظل أزمة جائحة كورونا الخانقة.
كما تسيطر حالة من اليأس والخوف على الإيرانيين، في ظل تغول مؤسسة الحرس الثوري، وهيمنتها على مفاصل الاقتصاد، وتحويله إلى التوسع بالخارج، والتدخل في شؤون المنطقة.
ولعل هذه العوامل مع العامل الخارجي، تفسر مجتمعة الغموض الذي يكتنف الانتخابات والمرشحين لمنصب الرئاسة، رغم قرب موعد الاقتراع المقرر في 18 يونيو / حزيران المقبل، أي قبل شهرين من الآن.
aXA6IDMuMTQ5LjIzLjEyMyA= جزيرة ام اند امز