دعاية أم خطوة للأمام؟ عفو خامنئي عن المحتجين بعيون المعارضين والمؤيدين
على أنغام الاحتجاجات التي اندلعت قبل قرابة 5 أشهر، فيما لا تزال وتيرتها لم تهدأ بعد، دخل النظام الإيراني على خط تلك المظاهرات، بقرار أثار الكثير من التساؤلات والجدل في آن واحد.
ذلك القرار تمثل، في موافقة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي على العفو أو تخفيف العقوبة الصادرة بحق "عدد كبير" من السجناء، بينهم بعض ممن تمّ توقيفهم على خلفية الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ وفاة الشابة مهسا أميني.
وأدى ذلك القرار إلى ردود فعل واسعة النطاق، بين مؤيدي ومعارضي النظام الإيراني؛ ففيما وصفه بعض المغردين المقربين من الحكومة الإيرانية بـ"العفو الأبوي" و"خطوة إلى الأمام، من أجل إحلال السلام"، اعتبره آخرون "دعاية".
إلا أن ذلك العفو محل الجدل، يخضع للكثير من الشروط؛ بينها: "عدم ارتكاب التجسس لصالح الأجانب، وعدم الاتصال المباشر بأجهزة المخابرات الأجنبية، وعدم ارتكاب القتل والإصابة المتعمدين، وعدم التدمير وإحراق المرافق الحكومية والعسكرية والعامة، والممتلكات الخاصة".
وعن ذلك، قال نائب رئيس السلطة القضائية الإيرانية صادق رحيمي، "إن أولئك الذين لا يبدون ندمًا أو لا يقدمون تعهدًا كتابيًا" لا يخضعون للعفو.
كيف رآه المعارضون؟
السياسي الإصلاحي عباس عبدي انتقد الحكومة الإيرانية بشأن قرار العفو، متسائلا في مقال له بصحيفة "اعتماد" الإصلاحية، اليوم الإثنين، "هل الاحتجاج والهتاف محكوم عليهما باعتبار العفو عملاً نافعًا؟".
وأضاف: "هل ندين أحدًا بسبب احتجاجه وترديده شعارات، واليوم نريد تقديم العفو عنه كعمل مثمر؟ بعد 44 عاما من الثورة التي كانت من أجل الحرية، هل يجب إدانة هذه الأعمال والعفو عنها؟".
وشدد السياسي الإصلاحي على أن "جذور هذه الاحتجاجات تعود إلى الداخل، بالطبع كثفت وسائل الإعلام الأجنبية تغطية الاحتجاجات، وهذا خطأ الحكومة التي دفعت بسلطة الإعلام إلى الجانب الآخر من الحدود، لكن على أي حال، فإن جذور هذه الأحداث هي النواقص الداخلية".
وتابع: "يمكن للوضع الحالي في البلاد أن يزيد من حدة هذه الاحتجاجات بأي شكل من الأشكال. لذلك فإن شرط فاعلية هذا التدبير هو اعتباره سباقا للتغييرات التي تهدف إلى تجفيف منابع استياء الناس والشباب".
بدورها، قالت الناشطة الإيرانية إلهام سعيدي في مقال لها بموقع "إنصاف نيوز"، إن "مرسوم العفو هذا صدر بعد فوات الأوان"، مضيفة: "هل سيعيد مرسوم العفو العام إحياء محسن شكاري أو يغير حقيقة انتهاكات حقوق الإنسان؟".
المحامي المعروف مهرانجيز كار، قال في تصريحات لـ"بي بي سي" فارسي: "أنا شخصياً لا أقدر إعلان خامنئي بالعفو، ولا أعتقد أنهم يريدون حقًا العفو عن أولئك الذين يرون أنهم ارتكبوا جرائم"، مضيفًا: "فهمنا لهذا الإعلان أنه تم اعتقال بعض الأشخاص الذين لم يرتكبوا أياً من السلوكيات التي تعتبرها إيران إجرامية".
وأشار إلى أن "الضغط الدولي وضغوط الإيرانيين الذين يعيشون في الخارج جعلوا من الحتمي لإيران، تغيير مسارها رغم كل أعمال العنف غير القانونية، ولكن كما هو الحال دائمًا، عندما تدرك إيران الضغط تتراجع ويحاول أن يفعل ذلك بنهج استبدادي".
العفو الدولية تعلق
وعلقت منظمة العفو الدولية على العفو، قائلة إنه يهدف إلى قمع الاحتجاجات، مضيفة أن "العديد من المتظاهرين ما كان ينبغي سجنهم ويجب إطلاق سراحهم".
وقالت نينا نافيد من منظمة العفو الدولية، في تصريحات لـ"بي بي سي" فارسي، إن "هذا العفو لا يشمل المحكوم عليهم بالإعدام"، مشيرة إلى أن "منظمة العفو الدولية وثقت العديد من الاعتقالات وأن هؤلاء الأشخاص تعرضوا للتعذيب والاغتصاب والضرب، ونتيجة لذلك اعترفوا بجرائم لم يرتكبوها أثناء مشاركتهم فقط في احتجاج غير عنيف".
وتابعت: "هذه الاتهامات يجب أن تلغى فعلاً، والأحكام بما فيها أحكام الإعدام بحق من شاركوا في التظاهرات السلمية ، يجب أن ترفع".
أركان النظام يعلقون
في الجهة المقابلة، اعتبر رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، اليوم الإثنين، أن العفو عن المتهمين بالحوادث الأخيرة كان أحد "مظاهر النهج الأبوي للقائد الأعلى علي خامنئي".
بدوره، اعتبر نائب رئيس السلطة القضائية للشؤون الدولية، كاظم غريب آبادي، اليوم الإثنين، العفو عن المتهمين "خطوة كبيرة في مجال حقوق الإنسان".
وقال كاظم غريب آبادي في تغريدة عبر حسابه بـ"تويتر": "بموافقة المرشد الأعلى ومقترح العفو المقدم من رئيس القضاء، سيتم العفو عن عشرات الآلاف من الأشخاص، وخاصة المتهمين والمحكوم عليهم في الأحداث الأخيرة، وسيتم إغلاق قضاياهم القضائية في أي مرحلة".
وأضاف: "العفو هو مبادرة غير مسبوقة، وهذا العمل الإنساني والإسلامي هو خطوة كبيرة في مجال حقوق الإنسان وعلامة على نزاهة الشعب والنظام".
اعتقال وأحكام
وفي سياق متصل، اعتقلت السلطات الأمنية الإيرانية في طهران في وقت متأخر من مساء الأحد، الصحفية الناز محمدي شقيقة الصحفية إله محمدي المعتقلة منذ أربعة أشهر.
وقالت وسائل إعلام رسمية إيرانية، اليوم الإثنين، إن قوات أمنية اعتقلت ألناز محمدي، الصحفية والسكرتيرة الاجتماعية في جريدة هم مين (إصلاحية)، فيما قال موقع صحيفة "اعتماد" الإيرانية، إنه "لم ترد أي معلومات عن سبب اعتقال الصحفية الناز محمدي".
وأعلن اتحاد الصحفيين الإيرانيين، في بيان مكتوب منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، اعتقال ما يقرب من 70 صحفياً على أساس ارتباطهم بمظاهرات مهسا إميني، وأن عدد الصحفيين المحتجزين كان 28 بعد الإفراج عن بعضهم بكفالة مالية.
السجن لصحفي
وفي سياق متصل، قضت محكمة الثورة بمحافظة قزوين شمال إيران، بالسجن ثماني سنوات و4 أشهر ضد الصحفي والناشط "بهرام بور" الذي قُبض عليه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي خلال احتجاجات عمت البلاد.
وقال موقع "إنصاف نيوز" الإيراني، إن "هذه الأحكام صدرت في قضيتين منفصلتين من قبل الفرع الأول لمحكمة الثورة والفرع 108 من المحكمة الجنائية في قزوين".
وأضاف: "حُكم على الصحفي والناشط بهرام بور بالسجن 5 سنوات بتهمة "إغواء الناس وتحريضهم على القتال وقتل بعضهم البعض بقصد الإخلال بأمن البلاد"، وحكم عليه بالسجن لمدة عامين بتهمة إهانة علي خامنئي والسجن لمدة عام بتهمة" الدعاية ضد النظام ".
aXA6IDM0LjIzOS4xNTMuNDQg جزيرة ام اند امز