لقد جرب ستة رؤساء أمريكيين، كل وفق طريقته، سياسة العصا والجزرة مع إيران، ولم يفلح أي منهم في إنهاء أزمة النظام مع المنطقة،
ضرب النظام الإيراني "شرا لا بد منه"، والدوافع قائمة ومتجددة، وكل نظام يواصل الإضرار بالآخرين، لا تكفيه العزلة والعقوبات لتقويم سلوكه. العمل العسكري الحل العادل والعلاج النهائي لإيقاف الأذى في حق جيرانه، سواء كانت مسيرة عشرين أم أربعين سنة.
وأمس، بعث المرشد علي خامنئي برسالة الحرب إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأخير حمّل رئيس الوزراء الياباني رسالة للتفاوض، وجاء الجواب قبل ساعات من الاستقبال باستهداف ناقلتي نفط في خليج عمان، وأضاف عليها رفضه تسلمها.
القرار المؤجل سيصدره الرئيس على مضض، وإن كرر رغبته في تجنب الحل العسكري قدر المستطاع، لكن لا أحد يعينه على الضفة الثانية، بل يستدرجونه إليها كل مرة، كما حصل مع زيارة رئيس الوزراء الياباني
لقد جرب ستة رؤساء أمريكيين، كل وفق طريقته، سياسة العصا والجزرة مع إيران، ولم يفلح أي منهم في إنهاء أزمة النظام مع المنطقة، بل أتت النتائج عكسية، إذ تمدد عبثه، وتنامت مليشياته، وصعد خطابه عنفاً. ومع الرئيس ترامب، بدأت طريقة جديدة هي العقوبات القاسية، العصا الغليظة، فيما الجزرة على مسافة بعيدة، وأدبيات "الملالي" لا تمكنهم من اللحاق بها، فما أن يستجيب للشروط، حتى تنتفي عنه صفة "الثورة"، وهو ما لا يقدر عليه، ولا يتمناه أيضاً.
العام الأول من العقوبات القاسية مضى، ومعه نصف عام من العقوبات الأقسى، والنتيجة تبدو محدودة في الظاهر، وما يبدو عليه الحال، أن النظام هيأ نفسه للأسوأ، أملاً برئيس جديد يدخل البيت الأبيض بعد عام ونصف العام.
يرى الرئيس ترامب أن العقوبات الاقتصادية، المربوطة بالعزلة الدولية، كفيلة بانهيار النظام من الداخل في أكبر التمنيات، أو أن تدفعه إلى التنازل الكبير لإنقاذ كيانه، وتلك أصغرها. والنتيجة تبدو واضحة في عام العقوبات الأول، إذ لم يتراجع أذى النظام الإيراني خطوة واحدة في المنطقة؛ ابتكرت مليشياته أساليب جديدة للاعتداء على المدنيين في السعودية، وعلى مواقع النفط ومساراته، وواصل وكلاؤه الآخرون إطباق سيطرتهم على الحياة السياسية والأمنية في العراق وسورية ولبنان، فقوضوا دور الدولة، وأبقوا على تهديدهم الصريح للسلم الأهلي.
إن رهان الرئيس الأمريكي الاقتصادي خاسر حتى الآن، وإشارات الحرس الثوري في مياه بحر العرب تؤكد النتيجة، وسيستمر الحال مع حوادث ناقلات النفط لفترة أطوال، طالما كان العالم يقف منتظراً حلول موعد سقوط النظام من الداخل، أو قبوله التراجع عن الأذى.
القرار المؤجل سيصدره الرئيس على مضض، وإن كرر رغبته في تجنب الحل العسكري قدر المستطاع، لكن لا أحد يعينه على الضفة الثانية، بل يستدرجونه إليها كل مرة، كما حصل مع زيارة رئيس الوزراء الياباني. نحن أمام حوادث إرهابية تتكرر وفق الأسلوب الإيراني، وتتماشى مع لغة تهديد مسؤوليه، ولذا لن تتأخر الحرب كثيراً، ولن يطول زمنها أيضاً، رغم تهويل الناطقين باسم "الملالي".
نقلاً عن "الحياة"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة