فزع في إيران.. جولة ولي العهد السعودي تخنق أكبر دولة راعية للإرهاب
الجولة الآسيوية لولي العهد السعودي شملت باكستان والهند والصين، ونجحت في زيادة عزلة إيران الاقتصادية.
نجحت الجولة الآسيوية للأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والتي شملت كلا من باكستان والهند والصين على التوالي، في زيادة عزلة إيران الاقتصادية، وخنق أكبر دولة راعية للإرهاب.
ومن هنا يمكن فهم الفزع الإيراني من جولة ولي العهد السعودي، والتي لم تستطع طهران أن تخفيه، فحاولت التشويش عليها مرارا، عبر توجيه اتهامات لباكستان الإثنين - بالتزامن مع زيارة ولي السعودي لها - بالضلوع وراء الهجوم الذي استهدف الحرس الثوري الإيراني في مدينة زاهدان مؤخراً.
- السعودية والصين شراكة استراتيجية في الصناعة والتجارة والتكنولوجيا
- إنشاء "مجلس الشراكة الاستراتيجية" لتدعيم العلاقات بين السعودية والهند
كما هرول وفد إيراني بقيادة رئيس البرلمان علي لاريجاني إلى الصين، مساء الأربعاء، عشية وصول ولي العهد، في محاولة استباقية للزيارة وما قد تسفر عنه.
أهمية خاصة.. التوقيت والمواقع
وتحظى جولة ولي العهد السعودي بأهمية خاصة، سواء من حيث التوقيت أو العواصم التي تشملها، وكذلك موضوعات ومجالات المباحثات التي تتناولها.
فمن حيث التوقيت تأتي الجولة بعد أيام قليلة من مؤتمر وارسو، الذي اختتم أعماله، مؤخراً، بإجماع دولي على ضرورة التصدي للتهديدات الإيرانية.
كما أن الجولة تشمل دولا تعد طوق نجاة لاقتصاد إيران الذي يئن تحت وطأة العقوبات الأمريكية، حيث لا يزال نفطها يحتفظ بالسوقين الهندي والصيني.
وتطمح طهران للانضمام إلى مشروع الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني، والذي كانت تراهن على الانضمام له في محاولة لإحداث نوع من التوازن لاقتصادها المتعثّر بحكم العقوبات المتواترة أو بفعل الضغوط الداخلية .
أما ما يرتبط بمحاور وموضوعات المباحثات التي تشملها جولة الأمير محمد بن سلمان، فيأتي على رأسها محاربة الإرهاب وتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين المملكة والدول الثلاث.
ومن هنا تكمن حكمة وفطنة ولي العهد السعودي في تحديد توقيت الجولة ومحاور مباحثاتها والدول التي تشملها، الأمر الذي أسهم في تعظيم نتائجها، وتحقيق أهداف مزدوجة، عبر تعزيز العلاقات الثنائية من تلك الدول من جانب، ومحاصرة أكبر دولة راعية للإهاب في العالم من جانب آخر.
عزل طهرن عن طريق الحرير
يعد حرمان طهران من الانضمام إلى مشروع الممر الاقتصادي الصيني – الباكستاني أبرز النتائج المباشرة لتلك الجولة، حيث إن تلبية تلك الرغبة أصبحت أمرا بعيد المنال.
والأسبوع الماضي، صرّح السفير الإيراني لدى باكستان مهدي هوناردوست، بأن بلاده متحمسة للانضمام إلى هذا الممر.
وسيربط الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني، الذي تبلغ تكلفته 64 مليار دولار، منطقة شمال غرب الصين بميناء "غوادر" جنوب غربي باكستان عبر شبكة من الطرق والسكك الحديدية وخطوط الأنابيب لنقل البضائع والنفط والغاز، في إطار مبادرة بكين المعروفة "الحزام والطريق" الأوسع نطاقا.
وسيوفر المشروع للصين وصولا أقل تكلفة إلى أفريقيا والشرق الأوسط، وسيعود على باكستان بمليارات الدولارات لتوفيرها تسهيلات العبور لثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وفي سبتمبر الماضي، وجهت إسلام آباد دعوة رسمية إلى الرياض للانضمام لمشروع "الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني" لتصبح شريكا استراتيجيا ثالثا.
وللمملكة قدرة تجارية وأخرى اقتصادية تمكنها من أن تلعب دورًا حيويًا ومحوريًا لتنشيط طريق مبادرة الحزام والطريق، نظرا لموقعها المتميز الذي يربط بين 3 قارات رئيسية (آسيا وأوروبا وأفريقيا).
وبعد الزيارة الناجحة لولي العهد السعودي لباكستان وما أسفرت عنه من اتفاقيات بلغت قيمتها 20 مليار دولار، ومع توجه المملكة للاستثمار في مشروع الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني، يبقى حلم إيران بالانضمام للمشروع بعيد المنال.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد انسحب، العام الماضي، من الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 مع إيران، وأعاد فرض العقوبات عليها.
وبعد بضعة أشهر فقط من فرض الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية التي استهدفت صادرات النفط، ودخلت حيز التنفيذ في نوفمبر الماضي، أصبح الاقتصاد الإيراني في حالة بائسة، لكنه لا يزال يتربح من دول مثل الهند والصين .
تعزيز الزعامة السعودية
وإضافة إلى عزل إيران عن مشروع طريق الحرير، فقد أعرب مسؤول أمريكي سابق عن اعتقاده بأن جولة ولي العهد السعودي في الهند وباكستان ستحد من طموحات إيران في تلك الدولتين الآسيويتين بعد التقارب الذي حدث في الآونة الأخيرة.
وقال جيرالد فيرستين الذي تولى أيضا منصب سفير الولايات المتحدة لدى اليمن، ومناصب دبلوماسية عليا في المملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى، في تقرير نشره معهد سياسات الشرق الأوسط بواشنطن: إنه "من المؤكد أن جولة الأمير محمد بن سلمان الآسيوية ستدعم مركزه العالمي، وتعزز العلاقات بين السعودية والهند وباكستان، وفي الوقت ذاته تحد من محاولات إيران تحقيق بعض المصالح والأهداف مع هاتين الدولتين بعد التقارب النسبي بينها".
وأشار فيرستين إلى اتفاقات التجارة والاستثمار التي وقعها ولي العهد السعودي في باكستان، والتي رأى بأنها تشكل عقبة أمام تطور العلاقة بين إسلام آباد وطهران.
وأوضح أن من ممصلحة طهران أن تحافظ على علاقة قوية مع الهند على أساس أنها من أكبر مستوردي لنفطها، وكانت من الدول التي حصلت على إعفاءات من واشنطن للاستمرار في شرائه.
وقال فيرستين: "الحقيقة أن جولة الأمير محمد بن سلمان تشكل فرصة قوية للحد من المكاسب التي حققتها إيران على صعيد علاقاتها مع باكستان والهند.. الزيارة تمثل فرصة حقيقية أيضًا لإثبات أن تقارب الدولتين مع السعودية يمكن أن يحقق لهما مكاسب وفوائد أكثر من تقاربهما مع طهران".
مكافحة الإرهاب
لعل تصدر محور مكافحة الإرهاب محادثات ولي العهد السعودي، خلال جولته الآسيوية، بات أمرا يؤرق إيران، ففي أول محطات الجولة في باكستان، استغل وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير مزاعم طهران نحو إسلام آباد، لتجديد التأكيد على أن نظام الملالي "ملاذ الإرهابيين.. وأنها طالما حرضت على الإرهاب وتمارسه في الدول الأخرى مثل اليمن وسوريا".
كما اتفق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، خلال لقائهما في نيودلهي على تعزيز الضغوط على الدول التي تدعم الإرهاب.
وأكد الأمير محمد بن سلمان أن المملكة ستعمل مع الدول المجاورة بشأن مواجهة هذه القضية لضمان مستقبل أكثر إشراقاً للأجيال القادمة.
ومع تزايد فرص التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وتعميق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين السعودية من جانب، والصين والهند وباكستان من جانب آخر، وخصوصا في مجالات تخدم أغراض ومستهدفات رؤية المملكة 2030 التي من بينها الطاقة والتقنية الصناعية والسياحة والترفيه، والصحة والتعليم والخدمات المالية والتجارية واللوجستية، يتوقع أن يكون لهذا الأمر تأثيرات إضافية سلبية على إيران في ظل استمرار ممارساتها الداعمة للإرهاب.