نهج إيران يهدد بتعميق الخلاف بين أمريكا وأوروبا
طهران تسعى لتعويضات أوروبية عن العقوبات الأمريكية
محاولة إيران لتفادي العقوبات الأمريكية تحمل مخاطر تعميق الانقسام الأمريكي-الأوروبي الذي امتد مؤخرا لما وراء الاتفاق النووي الإيراني.
قال مسؤولون أوروبيون، إن إيران تحاول استخدام الاتفاق النووي وتعهدها بالالتزام بالحد من نشاطاتها النووية كورقة مقايضة لدفع الاتحاد الأوروبي إلى تعويضها عن الخسائر التي ستتكبدها جراء العقوبات الأمريكية التي على وشك أن تتجدد بعد انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاقية هذا الشهر.
وأشار المسؤولون إلى النهج الإيراني من شأنه توسيع الخلاف المتعمق بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذي ضاعف جهوده لإنقاذ الاتفاق النووي؛ حيث أرسل مفوض الطاقة ميجيل أرياس كانيتي إلى طهران مطلع هذا الأسبوع بخطة من شأنها الحيال دون عزل إيران اقتصاديا وضمان التزامها بالاتفاقية.
إلا أن خطة الاتحاد الأوروبي تواجه عدة معوقات على رأسها أن تعويض إيران عن خسائر العقوبات الأمريكية سيكون عبر استمرار التكتل في شراء النفط والغاز من طهران على أن يتم ذلك بالدفع خارج النظام المالي العالمي الذي تسيطر عليه أمريكا، وسيتعين على التكتل أيضا حماية الشركات الأوروبية التي تستثمر في إيران وستشملها العقوبات الأمريكية.
لكن محاولات حماية الاتحاد الأوروبي للاتفاق النووي الإيراني رغما عن الولايات المتحدة تعمق الخلافات المتنامية بين بروكسل وواشنطن التي يستعد وزير خارجيتها مايك بومبيو هذا الأسبوع للإعلان عن إطار الخطة الأمريكية لبدء إعادة التفاوض على اتفاق جديد مع إيران، حسب ما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
ولا يتوقف الخلاف بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على الاتفاق النووي الإيراني، حيث هددت بروكسل بخوض حرب تجارية مع واشنطن إذا لم تستثن الأخيرة دول التكتل من الجمارك التي فرضتها على صادرات الحديد والألومنيوم، لكن تبقى قدرة أوروبا على تجنب العقوبات الأمريكية محل شك؛ نظرا لأن تلك المحاولة غير مسبوقة.
ويلقي خطر سحب الشركات الأوروبية الضخمة استثماراتها من إيران خوفا من العقوبات الأمريكية بظلاله على المناقشات القائمة بين الاتحاد الأوروبي وإيران بعد إعلان عملاق الطاقة الفرنسي "توتال" أنه بدون تنازل خاص من الولايات المتحدة قد تضطر للانسحاب من اتفاق قيمته مليار دولار أمريكي على غاز طبيعي إيراني.
ويعمل الاتحاد الأوروبي حاليا على تحديث قانون عام 1996، الذي لم يستخدم من قبل وتم سنه ضد العقوبات الأمريكية على كوبا وإيران وليبيا ومعروف باسم "حجب التشريع"، ويسعى القانون لمنع الشركات الأوروبية من الخضوع للعقوبات الأمريكية التي تتجاوز حدودها، كما يسمح للشركات بجمع الخسائر التي تنتج عن القيود الأمريكية ويحميها من أحكام المحاكم الأجنبية.
لكن قانون حجب التشريع قد يساعد فقط الشركات الأوروبية الصغيرة والمتوسطة التي لديها استثمارات أقل في الولايات المتحدة أو علاقات كافية لإقامة تجارة في إيران رغم الإجراءات الأمريكية، حسب ما قاله مسؤولون إيرانيون وأوروبيون.
وفي السياق نفسه، يخطط الاتحاد الأوروبي للسماح لبنك الاستثمار الأوروبي لتمويل نشاطات في إيران عن طريق فتح خطوط ائتمانية للأعمال التجارية الأوروبية الصغيرة، وهو ما يعطي الشركات الدولية الضخمة ذات الاستثمارات في أمريكا مثل توتال ووينترشال وماريسك للشحن راحة ضئيلة فقط.
وينشر الاتحاد الأوروبي أيضا إجراءات بناء الثقة مثل التعاون في الطاقة والمساعدة المالية، كما يحتمل أن يسمح للحكومات الأوروبية بتسهيل الدفع مقابل النفط الإيراني عبر بنوكهم المركزية، لكن الموافقة على مثل هذه التحويلات المالية لم تتم بعد.