خرج نظام الملالي مرغما من اليمن وكردة فعل على هزيمته هناك سلم هذا النظام مقار الدبلوماسية اليمنية في طهران
على مدى أكثر من أربعة عقود عانى الشعب الإيراني ومعه أهل المنطقة من غطرسة نظام الملالي وثورته، وظلوا طوال هذه الفترة يعانون من التوتر في التعامل السياسي والإنساني مع أن الجوار الجغرافي بينهما ممتد عبر التاريخ وساهم في أكثر مراحله التفاعل المشترك بينهما، وعادت كل المحاولات في التهدئة من قبل دول مجلس التعاون الخليجي ومعها الدول العربية الأخرى مع هذا النظام بالفشل أو بالأصح بخيبة أمل كون أن هذا النظام لا يعرف العيش أو الاستمرار إلا بـ"الأزمات" أو بتصدير أزماتها الداخلية إلى الجوار واختلاق المشاكل أبرزها الحرب مع العراق، التي استمرت ثمانية أعوام.
مؤخراً خرج نظام الملالي مرغماً من اليمن وكردة فعل على هزيمته هناك سلم هذا النظام مقار الدبلوماسية اليمنية في طهران إلى أتباعه في اليمن الحوثيين في خطوة تدينه دولياً، وهو يواجه الآن ضغوطاً محلية في كل من لبنان والعراق لإجباره على الخروج منها ويبدو أن الأمر هذه المرة حقيقي وجاد ومختلف، فإذا كان في المرات السابقة يخرج شكلياً ولكن يعود من خلال "أذنابه" الذين يقومون بالأدوار الحقيقية من خلال اتباع سياسة تأزيم الوضع السياسي والاجتماعي الداخلي وزرع بذور الفتنة والانقسام بين شعب الدولة الواحدة باستخدام "سلاح الطائفية" فإن هذا الأمر تم كشفه من الشعوب العربية ومن الرأي العام الإيراني فاليوم يطالبون بعودة المظلة الوطنية لبلدانهم.
ما يحدث في الداخل الإيراني نسخة مكررة مما يحدث في لبنان والعراق، فالكل يريد أن يعيش بكرامة من خلال الحصول على حقوقه الاجتماعية وأمنه وألا يدخل في صراعات داخلية تؤدي إلى تهديد استقرار وطنه أو استخدام أراضيه في استعداء الآخرين وصرف أمواله في أجندات سياسية خاصة فاشلة
اليوم الدولة الإيرانية نفسها تواجه مطالب شعبية لا تقل أهمية عن تلك التي يطالب بها العرب ممن عانوا من تدخلات إيران في إشارة واضحة إلى أن الكل على نفس المستوى من المعاناة من سياسات هذا النظام، وأن هناك بالفعل فرقاً شاسعاً بين الشعب الإيراني والنظام الذي يخلق له عداءات مع الآخرين، وأن الجمع بينهما، الشعب والنظام في التعامل السياسي فيه ظلم. الأمر الآن تطور بأن صارت الأزمة الحقيقية في الداخل الإيراني وفي النظام نفسه وبدأ أتباعه إما بمحاولات التهدئة من خلال إعادة سياسة توجيه الاتهامات إلى الخارج وفق نظرية المؤامرة بأن هناك عدو متربص بالإيرانيين. وإما من خلال الاتهامات المتبادلة حول من يتحمل مسؤولية ما يتم حالياً في الوضع المأساوي الذي يعيشه النظام هذه الأيام.
وفي مقابل ما يواجه النظام الإيراني في الداخل والخارج، فإن هذا يعني بداية تعافي الجوار العربي وكذلك الشعب الإيراني بل يمكن القول إنه الإعلان عن بداية التخلص من الأوجاع السياسية التي يبثها النظام بين شعوب المنطقة، وربما التمهيد لأن يعيشوا في سلام واستقرار من التوترات ولغة التهديدات، كما أن تأزم النظام الإيراني يعني فشل سياسة الخداع المستمرة للشعوب على مدى أربعة عقود، وأن رهان دول الجوار على أن الإدارة بالأزمات ستكون يوماً سبباً في نهايته كان في محله.
ما يحدث في الداخل الإيراني نسخة مكررة مما يحدث في لبنان والعراق، فالكل يريد أن يعيش بكرامة من خلال الحصول على حقوقه الاجتماعية وأمنه وألا يدخل في صراعات داخلية تؤدي إلى تهديد استقرار وطنه أو استخدام أراضيه في استعداء الآخرين وصرف أمواله في أجندات سياسية خاصة فاشلة، في حين أن جواره العربي الذي يستهدفه منذ وصوله إلى السلطة ويتهمه بالخيانة يزدهر وينمو اقتصادياً وسياسيا ويحقق إنجازات وقصص نجاح إنسانية، التي هي اليوم: سلاحها الناعم ولكنه مؤثر وحقيقي في مواجهة غطرسة الملالي.
دول المنطقة، وعلى رأسها دولة الإمارات، تؤكد دائماً على الدبلوماسية والحوار كأداة لحل أية خلافات مع النظام الإيراني فهو جار جغرافي ولديه مصالح مشتركة، آخرها في "حوار المنامة 2019" في بداية الأسبوع، لأن دولة الإمارات على قناعة أنه في حالة التغلب على ما يهدد استقرار المنطقة وتخلي النظام الإيراني عن أنانيته ورؤيته الضيقة فإن المنطقة بأكملها ستتحول مصدر لخير العالم، فهي محور السياسة الدولية والكل يتنافس على ثرواتها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة