واشنطن بوست: إيران تعاني لإبقاء نفوذ مليشياتها بالعراق
إيران تعاني من أجل الاحتفاظ بسيطرتها على الميليشيات العراقية بعد 6 أشهر من مقتل الجنرال سليماني ونائب قائد مليشيات الحشد الشعبي
كشفت صحيفة أمريكية أن النظام الإيراني، يسعى جاهدا للحفاظ على سيطرته على وكلائه والمليشيات الموالية له في العراق، في ظل أزمة اقتصادية خانقة.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست"، إن المليشيات العراقية توقعت الحصول على الدعما المادي المعتاد، عندما قام، الجنرال إسماعيل قاآني، القائد الجديد لفيلق "القدس" في الحرس الثوري الإيرانية بزيارته الأولى لبغداد في وقت سابق هذا العام.
لكنهم أعربوا عن خيبة أملهم، بعد أن أحضر لهم خليفة الجنرال القتيل قاسم سليماني خواتم فضية.
وفي زيارته الثانية، وفقا للصحيفة، اضطر قاآني للتقدم بطلب للحصول على تأشيرة، وهو أمر غير مألوف في عهد سليماني، وتعد خطوة جريئة من قبل حكومة بغداد الجديدة التي تقيد فعليًا حرية إيران ومسؤوليها في التنقل داخل العراق.
واعتبرت الصحيفة أن هذه الحوادث، التي حكاها عدة مسؤولين عراقيين إلى وكالة "أسوشيتدبرس"، تظهر جليا أن إيران تعاني من أجل الاحتفاظ بسيطرتها على المليشيات العراقية بعد 6 أشهر من مقتل الجنرال سليماني، ونائب قائد مليشيات "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار في بغداد يناير/ كانون الثاني الماضي.
ولفتت إلى أن النظام الإيراني يعاني في الوقت نفسه من التداعيات الاقتصادية جراء العقوبات الأمريكية المفروضة عليه، فضلا عن تفشي فيروس كورونا المستجد كوفيد-19 الذي يجتاح العالم.
ورجحت الصحيفة، أنه بدون فرض قيادات قوية على غرار سليماني والمهندس لتوحيد الفصائل المتباينة، ظهرت انقسامات في صفوف قوات "الحشد الشعبي"، كما عطل مقتلهما مسار إضفاء الطابع المؤسسي على المليشيات، الذي كان يخطط له المهندس بدقة بمباركة سليماني.
وفي هذا السياق، قال الباحث العراقي، فنار حداد، إنه "مع رحيل المهندس، لا يوجد مرساة تدور حولها سياسة قوات الحشد الشعبي.
تقلص التمويل والنفوذ
ونوهت الصحيفة أن سليماني كان يحظى بـ"مكانة" بين الفصائل السياسية والمليشيات الطائفية في العراق، بصفته كبير مهندسي الجماعات الموالية لإيران في جميع أنحاء المنطقة.
وأشارت إلى أنه كان لسليماني علاقة كبيرة بالمسؤولين العراقيين، يدخل ويخرج من العراق بانتظام للتخطيط والوساطة وتقديم المساعدات النقدية، وإحدى زياراته المفاجئة كانت كافية للتوصل إلى اتفاق بين الفصائل المتنافسة، وفقا لمسؤولين.
لكن منذ مقتله، انقسمت الفصائل الطائفية، وتجادلت حول المرشح لرئيس الوزراء مرتين قبل أن تستقر على مصطفى الكاظمي.
ويبدو أن خليفة سليماني، الجنرال قاآني، أقل دراية بقادة الميليشيات العراقية ويتحدث إليهم من خلال مترجم، وهو ما جعل السفير الإيراني لدى بغداد، إيرج مسجدي، وهو نفسه عضو سابق في فيلق "القدس" يتولى التعامل مع الاجتماعات في العراق بشكل متزايد.
وقال 3 مسؤولين، إن هدية قاآني من الخواتم الفضية -ذات الأهمية الرمزية- بدلاً من الدعم النقدي، جاءت خلال اجتماع في أبريل/نيسان مع قادة عدة مليشيات.
وذكر المسؤولون الذين تحدثوا، بشرط عدم الكشف عن هوياتهم، إن قاآني قال لهم إنهم سيضطرون في الوقت الحالي إلى الاعتماد على تمويل الدولة العراقية، في إشارة إلى الأزمة الاقتصادية الإيرانية.
وتغطي الدولة العراقية معظم مستحقات عناصر "الحشد الشعبي"، التي بلغت قيمتها 2 مليار دولار في ميزانية عام 2019، لكن الأموال ليست موزعة بالتساوي.
وقال مسؤولان عراقيان مقربان من المليشيات إن الجماعات الأصغر حجما المدعومة من إيران تعتمد على وسائل أخرى غير رسمية للدخل وتتلقى دعما إضافيا من إيران، يقدر بنحو 3 إلى9 ملايين دولار.
وتأسست قوات "الحشد الشعبي" في عام 2014 كإطار لتنظيم ودفع الآلاف الذين تطوعوا لمحاربة تنظيم "داعش" بعد فتوى أصدرها رجل الدين العراقي علي السيستاني، لكن قوتها السياسية والعسكرية تزايدت تحت قيادة المهندس الموالي بشدة لإيران، وأصبحت قناة نفوذ لطهران.
لكن موت المهندس فتح الباب أمام فصائل معارضة لهذا النفوذ -خاصة تلك المرتبطة بالسيستاني- للانفصال عن قيادة "الحشد الشعبي"، حيث تشكو الميليشيات من أن الجماعات الصديقة لإيران تتلقى معاملة تفضيلية.
يأتي ذلك في وقت يستعد الجمهوريون في الكونجرس للكشف عن حزمة عقوبات أخرى ضد النظام الإيراني.
وتصاعدت التوترات بين الجانبين إلى مستويات جديدة الصيف الماضي، وسط سلسلة من الهجمات والحوادث بين إيران والولايات المتحدة بلغت ذروتها بغارة في 3 يناير/كانون الثاني قرب مطار بغداد الدولي قتل فيها الجنرال قاسم سليماني، المصنف على قوائم الإرهاب الأمريكية.
واتهمت الولايات المتحدة سليماني بتدبير هجمات لفصائل مسلحة متحالفة مع إيران على القوات الأمريكية في المنطقة.