إيران من ضمن المزايدين المتاجرين الرابحين في مزاد القضية الفلسطينية.
لم يتاجر العرب المسلمون بقضية كما تاجروا بالقضية الفلسطينية، وحققوا من ورائها أرباحاً طائلة، مادية أحياناً وسياسية أحياناً أخرى، وعلى كل من أراد ركوب ظهر الشعوب أو السيطرة عليها أن يحمل لواء الدفاع عن فلسطين؛ لأنه الباب الأمثل لتحقيق الأهداف والأربح والأضمن والأسرع!!
إيران من ضمن المزايدين المتاجرين الرابحين في مزاد القضية الفلسطينية، فهي تحمل لواء الدفاع عن الأراضي الفلسطينية، وما زال عرّابوها يصيحون "الموت لأميركا الموت لإسرائيل"، وهدفها من ذلك ركوب ظهر الشعوب العربية نحو التوسع والتغلغل في بلادهم للسيطرة عليها.
عندما قرر السادات إبرام معاهدة السلام مع إسرائيل قرر ما هو مقرر أصلاً ولم يأت بجديد أبداً، كان الشعار وقتها الذي يسوقه الثوار العرب حكومات وشعوباً هو شعار "اللا سلم واللا حرب"، كانت الأمة معترفة بأنها عاجزة عن حرب إسرائيل وهي في الوقت ذاته ترفض السلم معها على اعتبار أنه سيأتي من الأجيال القادمة من يستطيع محاربة إسرائيل!.
ويكفينا هنا للتدليل على هذه الحقيقة أن نقول إن تعداد إسرائيل لا يتجاوز بحال 8 ملايين نسمة، منهم قرابة 250 ألف عربي وتعداد اليهود في العالم كله لا يزيد على 13 مليوناً، وجيشها النظامي لا يزيد عدده عن 176 ألف عسكري، يضاف إليهم نحو نصف مليون من قوات الاحتياط، في حين يبلغ عدد العرب 422 مليون نسمة وعدد المسلمين يزيد على المليار ونصف المليار، ومع كل هذا عجزنا عن نصرة القضية الفلسطينية عرباً ومسلمين!! ولا أحد يستطيع إلى الآن الاعتراف بهذا العجز أو بهذا التعاجز المقصود!!
إيران من ضمن المزايدين المتاجرين الرابحين في مزاد القضية الفلسطينية، فهي تحمل لواء الدفاع عن الأراضي الفلسطينية وما زال عرّابوها يصيحون "الموت لأميركا الموت لإسرائيل"، وهدفها من ذلك ركوب ظهر الشعوب العربية نحو التوسع والتغلغل في بلادهم للسيطرة عليها، فهي تهدف إلى خلخلة النسيج الاجتماعي العربي بفرض حرب طائفية بصفتها- كما تزعم- حامية المظلومين من أبناء الشيعة والشعوب، وخطتها في هذا الهدف هي خلق كيانات سياسية داخل الدول العربية، تتكفل هي بسلاحها وتدريبها ورواتبها بل حتى لبسها وأكلها– كما صرح أمين عام حزب الله في لبنان– وتؤمن هذه الأحزاب بقيادة إيران للأمة وبولاية السيد الفقيه ومرجعيته في كل شؤون الحياة.
ولهذه الأحزاب شروط منها: ألا يكون عندها أي مسؤولية تجاه أوطانها والشعوب، بل المسؤولية فقط تجاه "الجمهورية الإيرانية"، وألا يكون لديها أيضاً أي خطوط حمراء، فهي على استعداد لحرق كل شيء من أجل شيء واحد هو سياسة السيد الولي الفقيه أو السيطرة على هذه البلاد! والغطاء الأهم والأكبر والأربح للتضليل هو: الدفاع عن القضية الفلسطينية ومحاربة إسرائيل والإمبريالية الغربية... إلخ، هذا هو الهدف وهذه هي الخطة... وطابق ذلك بما يحدث في العراق واليمن ولبنان وسورية تجده متطابقاً له تماماً!!
في عام 1982 أسست إيران "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق" ليكون بديلاً للحكم في العراق وتصدير الثورة الإيرانية إليه، ومن ثم السيطرة عليه، وقد تحول هذا المجلس إلى "المجلس الأعلى الإسلامي العراقي" بعد سقوط نظام صدام حسين، وفي تاريخ مقارب أيضاً أرسلت إيران 4000 عسكري إيراني إلى سورية للدفاع عن لبنان أثناء الاجتياح الإسرائيلي لها، وقتها فطن حافظ الأسد لخطورة الموقف الإيراني ورفض دخول هذه القوات للبنان، ثم دخلت إلى البقاع بحجة صد العدوان الإسرائيلي، وانتهى هذا الاجتياح لكن بقيت السيطرة الإيرانية بمخالبها، فالخطة واضحة وأهدافها أيضاً واضحة والحجج كلها هي "الدفاع عن فلسطين"، وليس اليمن– كمثال حي جديد– ببعيد عن كل هذا.
يبقى أن أخطر منزلق يمكن أن تنزلق فيه دولنا، وهي تواجه الرغبة الإيرانية الجموحة في التمدد والسيطرة، خصوصاً أنها تتاجر بالقضية الفلسطينية وترفع لواء الدفاع عنها، وهي بلا شك- كما هي حال الأحزاب التابعة لها– لا تتصرف بمسؤولية وليس لديها خطوط حمراء، وتريد فرض الحرب الطائفية في المنطقة، فأخطر منزلق بعد كل هذا أن تنزلق دول المنطقة في الحرب الطائفية، وتتخلى عن قرارها المسؤول عن شعوبها، وهو بالضبط ما تريده إيران، فمخالبها في دولنا تريدنا أن نسقط في فخ الطائفية واللا مسؤولية!! وتبقى القضية الفلسطينية سلعة للبيع والشراء عند هؤلاء المتاجرين!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة