طالما هددت إيران محيطها والعالم بإغلاق مضيق هرمز وتحويله إلى نار ملتهبة بهدف قطع إمدادات الطاقة من الخليج إلى العالم
الإيرانيون ومن قبل حكم الخمينيين يسكنهم هاجس الاستحواذ على الخليج العربي، فلم يكن شاه إيران رضا بهلوي ينظر إلى الخليج بغير أنه (الشرطي) الآمر الناهي والحامي لهذا الجزء من الجغرافيا العربية، تاريخ طويل من التأزيم لمنطقة الخليج أصاب المنطقة بالتهاب دائم، عرف مضاعفات متزايدة مع الثورة الخمينية، التي واصلت النهج الإيراني المُعادي للعالم العربي، حتى وصلت الحالة إلى حافة الهاوية تماماً.
قد تبدو المعارك في الضالع محلية في بعدها اليمني، الذي اعتاد على الصراع العسكري منذ سنوات سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، ورغم ما يبدو عليه الصراع فإن معركة الضالع في 2019 هي ذاتها المعركة الرئيسية في اليمن
لطالما هددت إيران محيطها والعالم بإغلاق مضيق هرمز وتحويله إلى نار ملتهبة، بهدف قطع إمدادات الطاقة من الخليج إلى العالم، أي أن ما نسبته 40% من النفط سيتوقف، ما يعني ارتفاعاً هائلاً في أسعار الوقود، ما سيترتب عليه نتائج كارثية على اقتصادات العالم، ولكن هذا التهديد الإيراني لا يبدو واقعياً، ليس لتكرار التهديدات التي باتت متلازمة إيرانية مرتبطة مع أزمات إيران الدائمة، فالتاريخ يتحدث عن عملية «دعاء المانتس» التي شنتها البحرية الأمريكية على السفن الحربية الإيرانية، بعد أن هاجمت الأخيرة سفينة عسكرية أمريكية في أبريل 1988، وكانت نتيجتها أن أغرقت البحرية الأمريكية ثلاث سفن حربية إيرانية، وخمس طرادات أخرى، واضطرت إيران بعد الخسارة لقبول الهزيمة من العراق.
بعد أن أعلن البيت الأبيض وقف كل الإعفاءات للدول المستثناة من استيراد النفط الإيراني مباشرة أوعزت إيران لذراعها في اليمن، مليشيا الحوثي، للسيطرة على باب المندب، التي طردوا منها في عام 2015، الاستراتيجية الإيرانية تنطلق من نقل الصراع إلى أبعد نقطة عن حدودها، ولهذا عملت على السيطرة على باب المندب من خلال وكلائها الحوثيين في اليمن.
على مدار أسابيع تكبد الحوثيون خسائر فادحة في معارك الضالع، مع استمرار محاولاتهم البائسة لكسر إرادة قوات الحزام الأمني والمقاومة الجنوبية، ورغم تواطؤ القيادات الإخوانية التي سلمت للحوثيين المعسكرات في محافظة إب، إضافة إلى أنواع السلاح المتوسط والخفيف، حققت المقاومة -المسنودة من ألوية العمالقة الجنوبية ومن القوات الإماراتية العاملة ضمن تحالف دعم الشرعية في اليمن الذي تقوده السعودية- انتصارات مشهودة، وتمكنت من دحر المليشيا، وردها على أعقابها.
قد تبدو المعارك في الضالع محلية في بعدها اليمني، الذي اعتاد على الصراع العسكري منذ سنوات سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، ورغم ما يبدو عليه الصراع فإن معركة الضالع في 2019 هي ذاتها المعركة الرئيسية في اليمن، فالحوثيون الذين خسروا مدينة عدن وباب المندب يدركون أن لا معنى لسيطرتهم على شمالي اليمن دون إخضاع عدن لإرادتهم، تنفيذاً لأوامر حكام طهران.
نقلاً عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة