ضربة ترامب لسوريا تشعل النيران في عمائم إيران
الانشقاقات والخلافات ضربت القوى السياسية في إيران بسب الجدل حول المواجهة مع أمريكا بعد قصفها لسوريا.
في 4 إبريل تعرضت مدينة خان شيخون السورية لهجوم جوي بالسلاح الكيميائي، ليسجل نقطة جديدة في سجل جرائم النظام السوري، حيث أدى الهجوم إلى وقوع 100 قتيل معظمهم من الأطفال، ونحو 400 مصاب.
هجوم كيماوي تلاه ضربة أمريكية عقابية استهدفت المطار العسكري في ريف حمص بـ59 صاروخًا من طراز توماهوك، أسفرت عن دمار شبه كامل في المطار العسكري وقلصت القدرات الكيماوية للنظام السوري.
ضربة أمريكية حولت معادلة الحرب في سوريا، حيث وجدت الضربة تأييدا عالميا وسط معارضة من جانب حلفاء النظام السوري، ولكن كشفت أيضًا عن صراع داخلي وانشقاقات في المعسكر الداعم للرئيس السوري بشار الأسد على أساس طائفي.
صراع بين أذرع إيران
إيران الداعم القوي للنظام السوري، والشريك الأول له في جرائمه ضد الشعب، وتدعم إيران وأذرعها في المنطقة الأسد، بآلاف المقاتلين منذ اندلاع الثورة السورية.
ولكن الضربة الأمريكية الأخيرة أظهرت خلافات كبيرة داخل المعسكر الإيراني وأتباعه، فبعد قصف مطار الشعيرات، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية أنها تدين "بشدة أي تدخل عسكري منفرد"، وقالت إن "هذه الضربات هي في صالح تقوية الإرهابيين وتسهم في تعقيد الأوضاع في سوريا والمنطقة"، وفقا لوصفها.
أما حزب الله الإرهابي أحد أذرع إيران في المنطقة، وصف الضربة الأمريكية بالخطوة الحمقاء، وأضاف أن إدارة ترامب ستكون فاتحة توتر كبير وخطير على مستوى المنطقة، وستزيد من تعقيد الأوضاع على مستوى العالم، حسب زعمه.
مقتدى الصدر، سارع لإطلاق تصريح فريد من نوعه، ويكشف مدى الاضطراب الذي أصاب طهران وأعونها، حيث طالب بشار الأسد، بالاستقالة "قبل فوات الأوان".
تصريح الصدر هز الكيانات الطائفية والأذرع الإيرانية، فيوجد في سوريا قرابة 15 - 20 ألف عراقي من المقاتلين الطائفيين، وما يقرب من 7 - 10 آلاف مقاتل من حزب الله اللبناني، و5 - 7 آلاف مقاتل من الأفغان والإيرانيين، بحسب ما تشير آخر إحصائيات "الشبكة السورية لحقوق الإنسان".
عاصفة من الهجوم الطائفي الإيراني على تلك التصريحات، ليعود الصدر بتصريح آخر ضد بشار الأسد ويطالبه بالتنحي حتى لا يكون مصيره مثل مصير الزعيم الليبي معمر القذافي.
الصدر والصدام الإيراني - الإيراني
تصريحات مفاجئة لمقتدى الصدر، سبقها تصريح مماثل في مارس العام الماضي، عندما طالب الصدر أنصاره بالعودة إلى التظاهر ضد العملية السياسية في العراق، التي يقودها أحزاب طائفية تدين بالولاء لإيران، بسبب الفساد.
كما أعلن تلقّي رسائل تهديد بالقتل بسبب "تبنيه مشروع الإصلاح"، وخرج الصدر في الـ 24 من مارس ، بـ"مليونية"، وتجمهر أنصاره بساحة التحرير وسط بغداد، وأنصتوا لندائه: "أبلغكم ببعض النقاط المهمة تسيرون عليها، أولها استمرار الثورة الإصلاحية بلا كلل أو ملل، حتى وإن قتلت".
بدت نبرة الهجوم على إيران وحلفائها لدى الرئيس الأمريكي الجديد، مصدر قلق لافت تواجهه طهران وحلفاؤها، خصوصاً مع قرب الانتخابات الرئاسية الإيرانية، التي تتزامن مع هزائم تتلقاها مليشياتها في ساحات القتال السورية واليمنية، وهو ما قد يكون الصدر قد تأثر به.
ترامب وبداية مواجهه تمدد إيران
تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد إيران، بخلاف الخطوات الفعالة ضدها عن طريق فرض عقوبات اقتصادية على عشرات الشركات والشخصيات الإيرانية رداً على تجربة الصاروخ الباليستي، ووصفها بـ"الراعي الأكبر للإرهاب في العالم"، يقلص من تمددها في المنطقة.
تصريحات وخطوات نشرتها الصحف الإيرانية الرسمية، وكانت أغلبها منقسمة بين مؤيدة لمواجهة الولايات المتحدة الأمريكية ورافضة لأي صدام مع ترامب.
وشارك العشرات من الخبراء الإيرانيين في لقاءات مع الصحف الإيرانية، معبرين عن هواجسهم وتخوفهم من عهد ترامب على رأس السلطة الأمريكية.
التظاهرات تضرب قلب طهران
أوضاع اقتصادية صعبة تزيد من غضب الشارع الإيراني ضد سياسة بلاده الخارجية، ولا سيما التدخل في سوريا.
هتافات أطلقها متظاهرون في مدينة أصفهان ضد تدخل نظام طهران بسوريا، بسبب التكلفة الاقتصادية لدعم إيران لنظام الرئيس السوري، بشار الأسد.
"اخرجوا من سوريا وفكروا بوضعنا المالي".. هكذا كان هتاف الموظفين الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ أشهر في إيران، يطالبون الحكومة الإيرانية بمعالجة المشاكل الداخلية عوضا عن التدخل بسوريا، كما شهدت مدن أخرى حركات احتجاجية تطالب بوقف "سرقة أموال الشعب الذي يعاني من الفقر".
كما انتقد موقع "عصر إيران" سياسة الحرس الثوري والمرشد الإيراني في الملف السوري، وتجاه الرئيس الأمريكي، مطالبين بأهمية أن تتسم السياسة الإيرانية بالحكمة، لتجنيب إيران الأضرار التي من الممكن أن تلحق بالبلاد، بسبب سياسة ترامب والتدخل في سوريا.
محللون في الشأن الإيراني، يرون أن الحكومة الإيرانية تحاول بالفعل تجنب المواجهة العسكرية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهي الخطوة التي يختلف معها "المحافظون"، الذين يرون بأن المواجهة العسكرية مع أمريكا وحلفائها لا مفر منها.