انتفاضة إيران.. كيف يتجنب الغرب "خطأ" 2009؟
مسؤولون غربيون يقرون بـ"خطأ" بلادهم في عدم استغلال احتجاجات 2009 في إيران
ما يشغل أغلبية المعلقين السياسيين إزاء الانتفاضة الإيرانية التي أكملت أسبوعها الأول، هو ما إن كانت الدول الغربية سترتكب "ذات الخطأ"، المتمثل في تساهلها إزاء قمع الملالي للحركة الخضراء في 2009.
- صفعة فرنسية للملالي.. ماكرون يرفض طلب روحاني بالتحرك ضد رجوي
- في 2017.. صحوة عالمية ضد إيران بعد عقود المهادنة
فرسميا، يقر مسؤولون غربيون، بمن فيهم دبلوماسيون أمريكيون كبار، بهذا الخطأ تجاه الهبة الشعبية التي فجرها تزوير الانتخابات التي منحت الرئيس المحافظ السابق أحمدي نجاد ولاية رئاسية جديدة.
ومعترفة بهذا الخطأ، قالت المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هيلي، بعد أن دعت لعقد جلسة طارئة في مقر المنظمة الدولية بنيويورك، فضلا عن اجتماع مماثل لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، إن المجتمع الدولي تقاعس عن دعم تلك الاحتجاجات الإصلاحية.
ومشيرة للاحتجاجات الحالية التي امتدت إلى غالبية المدن الإيرانية، وراح ضحيتها حتى الآن 21 شخصا، أضافت هيلي، "يجب ألا نكرر ذلك الخطأ".
وكان أوميد نوريبور، النائب في البرلمان الألماني عن عضو حزب الخضر، قد ذهب إلى ذات المنحى، عندما دعا الحكومات الأوروبية لموقف أكثر حزما مما كانت عليه في 2009.
ويعتقد نوريبور، المنحدر من أصول إيرانية، أن أوروبا التزمت الصمت حيال الاحتجاجات السابقة، نظرا للمفاوضات النووية آنذاك مع طهران.
ومستخدما ذات مفردات هيلي تقريبا، حذر البرلماني الألماني من "تكرار هذا الخطأ مرة أخرى"، خلال الانتفاضة الحالية.
وفي حال التسليم بالتقاعس الذي أشارت إليه الدبلوماسية الأمريكية، يمكن رد بعض جوانبه إلى الشكوك في جدوى احتجاجات 2009، حيث تزعمها بالأساس رجال يدينون بالولاء لنظام ولاية الفقيه، لكنهم يتبنون شعارات إصلاحية.
أما الاحتجاجات الحالية فهي عفوية إلى حد بعيد، تحركها المصاعب الاقتصادية، دون قيادة واضحة، وهو ما يدلل عليه أن المرشد الأعلى علي خامنئي لم يجد جهة بعينها ليتهمها بأنها تنفذ ما اعتبره مؤامرة خارجية.
كما تتسم المظاهرات الحالية بتحديها الجريء والصريح للقيادة الدينية، ممثلة في مرشد إيران علي خامنئي، وهو ما لم يحدث عندما حرك الإصلاحيون الشارع ضد تزوير الانتخابات في 2009.
ويتجلى ارتفاع سقف المحتجين من إصلاحات اقتصادية إلى إسقاط النظام برمته، ليس في إحراق متظاهرين لصور خامنئي فقط، بل حتى صور مؤسس نظام الملالي في إيران، آية الله الخميني، الذي طالما تمتع بقداسة، حيا وميتا.
والمفارقة أن هذه الاحتجاجات انطلقت من مشهد، ثاني أكبر المدن الإيرانية في الأهمية الاقتصادية والثقافية، وثانيها أيضا في الأهمية الدينية بعد مدينة قم، إذ تضم مرقد الإمام الرضا، علاوة على إحراق متظاهرين مدارس مرتبطة عقائديا بالنظام.
وإن كانت احتجاجات 2009 تعبر عند أكثرية المحللين السياسين عن انقسام وسط الملالي أكثر من أي شئ آخر، فإن احتجاجات اليوم تعبر عن رفض غير مسبوق لهذا النظام، بمحافظيه وإصلاحييه.
والحال كذلك، تنتفي الشكوك والتردد الذي لازم المجتمع الدولي، الذي اعتقد أن نجاح الحركة الخضراء 2009 لو تحقق لن يكون سوى تغيير شكلي في النظام وليس جوهره.
aXA6IDE4LjIyNi45My4yMiA=
جزيرة ام اند امز