لا قصف ولا تفاوض.. خيار أمريكي «شائك» للتعامل مع نووي إيران

قبل 10 سنوات، كانت واشنطن تتفاوض مع إيران حول الاتفاق النووي، ورغم اختلاف الأطراف المعنية الآن إلا أن الحجج الثنائية حول أفضل طريقة للتعامل مع طهران سواء كانت الدبلوماسية أو العمل العسكري تهيمن مرة أخرى على مجتمع السياسة الخارجية.
ومثلما كان الوضع في 2015، يعتقد كل طرف في النقاش أنه يقدم بديلاً أخلاقياً واستراتيجياً أفضل من الآخر، «لكن الحقيقة أن كلا الخيارين دون المستوى الأمثل»، وفقا لما ذكرته مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية.
وأشارت إلى أن السياستين المتعارضتين ظاهريًا ليستا كذلك؛ فمن المرجح أن يكون لكل منهما التأثير نفسه وهو «توفير شريان حياة لقادة النظام الذي يبدو الآن أكثر ضعفًا».
ووفقا لـ«فورين بوليسي» فإن البرنامج النووي الإيراني يمثل مشكلة نظرًا لطبيعة النظام الإيراني الذي «يرتكز أمنه القومي على نشر أكبر قدر ممكن من الفوضى في جميع أنحاء الشرق الأوسط».
خيار ثالث
واعتبرت المجلة الأمريكية، أن إبقاء العقوبات على إيران، ومنع النظام ووكلائه من زعزعة استقرار المنطقة، والرد عليهم عند محاولتهم ذلك، بالإضافة إلى تقديم الدعم المعنوي للمعارضة الإيرانية، يوفر للولايات المتحدة أفضل فرصة لانهيار النظام.
ورغم أن «هذا النهج لا يخلو من المخاطر، مع مواصلة العلماء الإيرانيين العمل لتطوير البرنامج النووي، لكنه يظل السياسة الأكثر واقعية وجدوى لجعل هذا البرنامج أقل إثارة للقلق»، بحسب المجلة الأمريكية.
إلا أن الرأي القائل بأن كلاً من المفاوضات والضربات العسكرية ستساعد القيادة الإيرانية «يتعارض مع التيار السائد في واشنطن»، حيث يتمسك المحللون والمسؤولون بمواقفهم بشدة.
وعندما يتعلق الأمر بالمفاوضات، يبدو واضحًا أن الإيرانيين لن يتخلوا عن شيء ذي قيمة كبيرة دون الحصول على «ثمن باهظ» من الولايات المتحدة؛ ففي مقابل فرض قيود على تطوير البرنامج النووي سيطالب المفاوضون الإيرانيون بتخفيف العقوبات والحصول على ضمانات بأن أي قيود ستكون مؤقتة.
وبموجب اتفاق 2015، انتهت القيود المفروضة على طهران، بما فيها المفروضة على أجهزة الطرد المركزي، وإنتاج الماء الثقيل، وتخصيب اليورانيوم، بعد 10 أو 15 عامًا وهو بند كان مقبولًا لدى القيادة الإيرانية بسبب بعد نظرها وقدرتها على الحفاظ على برنامجها النووي.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه غالبًا ما يغيب عن أذهان المفاوضين وصانعي السياسات الأمريكيين، أن النظام يعتقد دائمًا أن الوقت في صالحهم وهو ما قد ينطبق أيضًا على الاتفاق النووي الذي يريد فريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إبرامه والذي من المرجح أن يتضمن قيودًا مؤقتة بدونها لن يوافق المرشد الأعلى على خامنئي على أي اتفاق.
إلا أن هذا النوع من الاتفاق له مزاياه بالنسبة للإيرانيين، الذين سيبيعون كميات كبيرة من النفط ويعقدون صفقات تجارية واسعة مع شركات أوروبية وأمريكية، وفي الوقت نفسه، ستستمر أبحاثهم النووية حتى لو كانت مقيدة مؤقتًا، وستساعد كل هذه الأموال الإضافية المدافعين عن النظام في الحفاظ على قبضتهم على السلطة.
أضرار السيناريو العسكري
في المقابل، فإن العمليات العسكرية وخاصةً الأمريكية فمن المرجح أن تلحق ضررًا بالغًا بالبرنامج النووي الإيراني وتُعرقل تقدمه لكن بسبب قلة المعلومات حول مدى التطور النووي الإيراني، سيكون من الصعب معرفة مدى الضرر الذي ستُلحقه القنابل الأمريكية، وما سيتبقى من البرنامج.
وبافتراض أن أجزاءً كبيرة من مواقع الأبحاث النووية الإيرانية مخفية ومدفونة، وبالتالي بعيدة عن متناول الأسلحة الأمريكية فمن المرجح أن تُشجع الضربة الأمريكية النظام على التسليح، وتسرع جهوده لاستخدام ما تبقى من البرنامج النووي.
وهناك أيضًا خطر آخر لاستخدام القوة العسكرية؛ لأنها ستضع معارضي النظام في موقف سياسي حرج يجعل من الصعب عليهم التعبير عن معارضتهم، مع إعادة إشعال الحماس المناهض لأمريكا الذي ساهم في تأجيج الثورة عام 1979.
وإذا كان البرنامج النووي الإيراني يُشكل تهديدًا لأن النظام الإيراني نفسه يُشكل تهديدًا، فمن المنطقي أنه إذا سقط النظام وظهر نظام سياسي جديد أقل عداءً للغرب وجيرانه، فسيكون البرنامج النووي الإيراني أقل تهديدًا.
وطالبت الصحيفة الأمريكية، بأن «تتجه السياسة الأمريكية نحو التفاوض أو نحو القيام بعمليات عسكرية، بل يجب أن تركز على نهاية النظام لكن ليس من خلال عملية عسكرية».
اللحظة الأسوأ
وبحسب «فورين بوليسي»، فإنه ربما تكون هذه أسوأ لحظة للمفاوضات أو الغارات الجوية، حيث يبدو النظام ضعيفًا مع معاناة الاقتصاد الإيراني تحت وطأة العقوبات. حيث تشير التقارير إلى تجاوز معدل البطالة 70%، كما فقدت العملة 50% من قيمتها خلال العام الماضي وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 70%.
وفي الوقت نفسه، فإن خامنئي طاعن في السن ومريض، فيما جزء كبير من السكان مضطرب ويسعى للتغيير، بحسب الصحيفة، التي قالت إنه على واشنطن المساعدة في إبراز تناقضات النظام الإيراني ومشكلاته ونقاط ضعفه بدلا من المساعدة في تجميلها من خلال تخفيف العقوبات وإضافة الشرعية على النظام من خلال الدخول معه في اتفاق نووي جديد.
كيف ذلك؟
ولتحقيق هذا، يجب:
- الحفاظ على العقوبات
- ردع واحتواء المغامرات الإيرانية في الشرق الأوسط وخارجه دون استبعاد العمل العسكري
- إعادة تشغيل خدمة صوت أمريكا الفارسية التي أنهتها إدارة دونالد ترامب مؤخرًا.
هل هذا النهج ناجع؟
تقول الصحيفة الأمريكية، إنه رغم ذلك، فإن هناك شكوكا حول نجاعة هذا النهج، فقد يسقط النظام وقد يحل محله نظام أسوأ كما أن الإطار الزمني لانهياره غير قابل للتنبؤ فقد يستغرق أسابيع، أو أشهرا، أو سنوات، أو لا يسقط أبدًا؟ وخلال تلك الفترة، يمكن للإيرانيين تسليح برنامجهم النووي.
وترى "فورين بوليسي" أن النظام الإيراني خطير؛ لذا لا يجب مساعدته بالمفاوضات أو الضربات الجوية، لكن واشنطن العالقة في صراع بين الخيارين لا ترى أن كلا منهما لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد تهديد ذلك النظام للمنطقة وللإيرانيين العاديين.
aXA6IDUyLjE1LjIyNS4xMDUg جزيرة ام اند امز