العداد العكسي الذي وضعته وزارة الخارجية الأمريكية يقترب من تاريخ الرابع من نوفمبر، حيث الفصل الثاني من العقوبات على إيران.
بدأ العداد العكسي الذي وضعته وزارة الخارجية الأمريكية يقترب من تاريخ الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، حيث الفصل الثاني من العقوبات التي وصفها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بأنها ستكون الأكثر صرامة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
كيف تجد إيران نفسها في الأيام والساعات القليلة المقبلة؟
من الواضح أن إيران تغلي في داخلها، وأن البركان يكاد أن ينفجر بالفعل، ذلك أن عنادها وغطرستها سيقودانها ولاشك إلى نهاية مأساوية سوف تذهب بنظام الملالي مرة وإلى الأبد.
ليس أمام الإيرانيين سوى الرضوخ للشروط الاثني عشر التي وضعها بومبيو لتعديل مسار إيران، وهي رغبة أمريكية صارمة، لن تحيد عنها إدارة ترامب بحال من الأحوال، ولا تجاوب إيران بدورها بشكل إيجابي عنها، الأمر الذي يعطي مؤشرات بأن التصادم قادم لا محالة
ولعل المتابع للشأن الأمريكي يلاحظ تطورات سريعة وخطيرة تتخذ في مواجهة طهران، وقد كان آخرها مطالبة مجموعة من كبار أعضاء الكونجرس المؤيدين لترامب بتشديد العقوبات التي ستفرض على إيران، معبرين عن قلقهم من أن العقوبات المتوقعة قد لا تكون كافية .
ما الذي يريده هؤلاء ومعهم جماعة من المستشارين النافذين في الولايات المتحدة الأمريكية؟
بالقطع إنهم يتطلعون إلى عزل إيران عزلا كاملا وشاملا عن النظام المالي العالمي، الأمر الذي يعني انفجارا إيرانيا داخليا، وربما خارجيا سيما إذا فضلت إيران الخيار الشمشوني الذي تحدثت عنه مرات سابقة .
الإشكالية الكبرى التي تواجهها إيران خلال الأيام المقبلة وبالأساس تتصل بتخفيض صادراتها النفطية إلى صفر، وهو شأن قاتل لاستراتيجياتها التخريبية الخارجية بنوع خاص، فإيران التي دعمت ولا تزال المليشيات في الشرق الأوسط وأفريقيا وعدد كبير من دول العالم، ستجد نفسها أمام ضائقة مالية غير مسبوقة، وعليه فإنها ستجد نفسها أمام طريقين :
الأول: قطع التمويل عن أذرعها الخارجية والمتمثلة في الحوثيين باليمن، وحزب الله في لبنان، وحماس في غزة، والحشد الشعبي في العراق، وهذا معناه أن تخسر إيران على الأرض نفوذها الاستراتيجي وتراهن على فشل خططها الخاصة بالهيمنة والسيطرة على المنطقة، وقد رأينا بالفعل تصريحات تعبر عن مخاوف الشركاء المليشياويين- إن جاز التعبير- من وضع إيران المالي القادم، إذ تحدث البعض في حزب الله عن قلقهم من التضييق المالي على طهران، والذي سيؤثر بالمرة على وجودهم على الساحة اللبنانية، وقد اعترف حسن نصر الله من قبل بأن معاشات ونفقات حزب الله بالكامل تصل من إيران، وقد وصلت في بعض المرات إلى مليار دولار سنويا .
الثاني: هو أن تواصل إيران إرسال ملايين الدولارات بل ملياراتها إلى الخارج، في حين يتضور شعبها في الداخل من الجوع والعوز، الأمر الذي دعا الإيرانيين للخروج إلى الشوارع بشكل علني مؤخرا منادين بإسقاط الملالي والموت لخامنئي، ما قوبل بقمع شديد، لكنه قمع لن يقدر له البقاء طويلا؛ إذ لا يضر الشاةَ سلخُها بعد ذبحها كما يقال، وهنا سوف يذهب الملالي من جديد أدراج الرياح .
يلفت بومبيو قبل ساعات في حواره مع إحدى الإذاعات الأمريكية إلى أنه ما من وكالة أو جهاز تابع للأمم المتحدة يقدم تقارير عن الإرهاب إلا وتوجد إيران في المقدمة كأكبر راعية للإرهاب في العالم، وهو حديث يتسق مع ما أعلن عنه من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن إنفاق إيران قرابة ستة عشر مليار دولار على الإرهاب والإرهابيين إقليميا ودوليا في الفترة ما بين 2012 و2018 أي خلال ست سنوات فقط .
السؤال الآخر الذي لا يقل أهمية عما سبق: ما خطط إيران في مواجهة البركان؟
حتى الساعة لا يبدو أن إيران راغبة في تغيير مسارها، وجل ما نسمع عنه من تطلعها لمفاوضات تحفظ كرامتها ليس إلا ضربا من ضروب التلاعب على المتناقضات، في محاولة لا تخطئها العين لكسب الوقت تارة، أو الإيقاع بين الشركاء الدوليين تارة أخرى .
اللغة الوحيدة التي تجيدها إيران هي لغة التهديد والوعيد، وإبداء الرغبة القاتلة في الانتقام، وتصريحات رجالات الحرس الثوري تؤكد ما نقوله، بل إن رؤيتهم للقادم تتصل بإشعال المشهد فيما وراء البحار .
لا تحاول إيران تصحيح المسار بما هو حق وعدل، خير وصدق، بل تناور كذبا وزورا في الفضاء السيبراني، وقد كانت آخر محاولاتها تزوير ملايين الحسابات على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، وترويج أخبار مغلوطة ومحرفة، ومحاولة التأثير على الرأي العام العالمي وبخاصة الأمريكي والأوروبي، الأمر الذي دعا إدارة الشركة إلى إلغاء وحذف الملايين من تلك الحسابات في إطار مكافحتها لنشر معلومات مضللة على منصتها .
يبدو أن الأمريكيين هذه المرة مصرون على المضي قدما حتى نهاية الطريق في مواجهة إيران، وعلى رأس الإدارة الأمريكية الرئيس ترامب، الرجل الذي أثبت أنه يفعل كل ما يقوله، وهي لغة خطاب نادرة في تاريخ رؤساء أمريكا، فالكثيرون من بينهم كانوا يشيرون إلى حديث ويفعلون آخر إلا أن ترامب على العكس من الجميع يفعل ما يقول، ويقول ما يفعل، وها هو يتطلع إلى إيران، وقد باتت رهانا بالنسبة إليه .
لا تخلو تصريحات الوزير بومبيو من الإشارة إلى إشكالية واضحة تتصل بالموقف الأوروبي الغريب والمستهجن من واشنطن، فلا تزال أوروبا مستكينة أمام إيران، وقد حار العالم في فهم السبب والسر وراء ذلك التوجه، بل إن أصواتا أوروبية عديدة بدورها قد حذرت وأنذرت من أن الأسوأ ينتظر الأوروبيين إذا لم يسعوا بالتنبه للخطر الإيراني الداهم في الحال والاستقبال، لكن الأوروبيين وحتى الساعة لهم آذان ولا يسمعون واعين ولا يبصرون.
ليس أمام الإيرانيين سوى الرضوخ للشروط الاثني عشر التي وضعها بومبيو لتعديل مسار إيران، وهي رغبة أمريكية صارمة، لن تحيد عنها إدارة ترامب بحال من الأحوال، ولا تجاوب إيران بدورها بشكل إيجابي عنها، الأمر الذي يعطي مؤشرات بأن التصادم قادم لا محالة .
ما الذي يتوجب عمله عربيا وخليجيا؟
في حالة نظام الملالي، وإذا لم يرتدع بحلول الساعة الحادية عشرة، فإننا سنكون أمام مشهد يعرف بـ"رقصة الطائر الذبيح أو صرخته"، وهي لحظات جد خطيرة، وعليه فإن التحسب لجميع الاحتمالات أمر مطلوب على وجه العجلة والدقة.. الخلاصة.. الأنظمة الدوجمائية "ذات الجمود الفكري" كارثة على عالمنا المعاصر.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة