راشد الغنوشي هو أحد أهم الشخصيات «الإخوانية» المشهورة بالمراوغة والدجل، فمرةً يرفع الديمقراطية شعاراً، ويتحدث وكأنه أحد رموز التنوير.
راشد الغنوشي هو أحد أهم الشخصيات «الإخوانية» المشهورة بالمراوغة والدجل، فمرةً يرفع الديمقراطية شعاراً ويتحدث وكأنه أحد رموز التنوير في العالم، ومرةً يبني التنظيمات السرية التي تغتال خصومه ومواطنيه، مرةً ينجذب للنموذج التركي وأخرى لنموذج «إخوان مصر» التنظيم الأم، والثابت لديه هو معاداة السعودية ودول الخليج.
ما لا يدركه الغنوشي ولا التنظيم الدولي للإخوان ولا قطر، هو أن السعودية الجديدة القائدة والرائدة للعالم العربي اليوم لا يمكن أن تهتز لأخبارٍ زائفةٍ أو تحليلاتٍ حاقدةٍ، وهي قويةٌ بوحدتها واستقرارها وتحالفاتها، وهي تزداد قوةً كل يومٍ
تحدث الغنوشي في الندوة السنوية لـ«حركة النهضة» التي يرأسها عن قضية المواطن السعودي جمال خاشقجي، قائلاً: «إننا نعقد هذه الندوة في مناخاتٍ تشبه من أوجهٍ كثيرة المناخات التي فجرها المشهد التراجيدي، مشهد احتراق البوعزيزي، رحمه الله، وما فجره في المنطقة والعالم من تعاطفٍ معه، ونقمة على الظروف التي قذفت به إلى ذلك المشهد التراجيدي، شبيهٌ بذلك الزلزال الذي أثاره الاغتيال الوحشي للصحفي جمال خاشقجي، لقد أيقظ هذا العمل الضمير الإنساني من سبات، رافضاً منطق المصالح السائد بين الدول، مصرًّا على الوصول إلى الحقيقة كاملةً».
هذا الكلام المعادي من الغنوشي ليس مستغرباً، وهو يأتي في استمرارٍ لمواقفه منذ بداية مسيرته، وهو نموذج لما كتبه كاتب هذه السطور الأسبوع الماضي عن خطورة التنظيم الدولي للإخوان، وهو يؤكد أن كل أحاديث الغنوشي المتعددة عن انشقاقه عن جماعة «الإخوان» إنما كانت ضرباً من التضليل والتشويش لا أقل ولا أكثر.
أتباع التنظيم الدولي بدعم قطري كاملٍ وتحالفٍ مع إيران كانوا يسعون جاهدين لخلق «ربيع عربي» للمرة الثانية، ولكنه موجه هذه المرة للمملكة العربية السعودية، وعلى الرغم من الفشل الذريع والخراب والدمار الذي سببه «الربيع» الأصولي، فإنهم أرادوا إعادته مرةً أخرى، وضرب عمود الخيمة للنظام العربي المعاصر وزعزعة استقرار السعودية، وكما خابوا وخسروا من قبل، فقد خابوا وخسروا هذه المرة، وما الغنوشي إلا بيدقٌ بيد خصوم السعودية. الغنوشي معادٍ للسعودية من قبل ومن بعد، فعندما غزا صدام الكويت عام 1990 وقف «الإخوان» معه ضد السعودية، وفي هذا يقول الأمير نايف بن عبد العزيز، رحمه الله: «جاءنا عبد الرحمن خليفة والغنوشي والزنداني فسألناهم: هل تقبلون بغزو دولة لدولة واقتلاع شعبها؟ فقالوا نحن أتينا للاستماع وأخذ الآراء»، ويضيف: «بعد وصول الوفد الإسلامي إلى العراق، فاجأنا ببيان يؤيد الغزو».
وللتذكير، فقد صرّح الغنوشي في 30 نوفمبر 2011 بواشنطن قائلاً: «الثورات تفرض على الملكيات العربية اتخاذ قرارات صعبة، فإما أن تعترف بأن وقت التغيير قد حان، وإما أن الموجة لن تتوقف عند حدودها لمجرد أنها نظم ملكية. الجيل الشاب في السعودية لا يعتقد أنه أقل جدارة بالتغيير من رفاقه في تونس أو سوريا»، وهو تحريضٌ صريحٌ ضد السعودية.
الغنوشي رفض نصيحة أردوغان بتبنّي العلمانية، وبعد انتخاب حركته عاد ليطرح شيئاً مقارباً لها، وحين تمكّن من السلطة بدأت أطراف حركته بالتحرك لاغتيال المثقفين المعادين للحركة وتيارات الإسلام السياسي التابعة لها، وفضّل الغنوشي النموذج الإيراني و«الإخواني» بعدم توليه أي منصبٍ حكوميٍ والاكتفاء بتعيين الأتباع والبقاء مرشداً عاما، والغنوشي قال صراحةً: إنه «لا عجب من أن الإمام الخميني يعد قائداً عظيماً أرسله الله للأمة الإسلامية..»، وحين خرجت مظاهرات معادية لحكومة «النهضة» واجهتها الحكومة بقمع أمني غاشم، خرج الغنوشي مبرراً دينياً وسياسياً وقال: «تصدّت لهم الدولة وقتلت واعتقلت».
أخيراً، فما لا يدركه الغنوشي ولا التنظيم الدولي للإخوان ولا قطر، هو أن السعودية الجديدة القائدة والرائدة للعالم العربي اليوم لا يمكن أن تهتز لأخبارٍ زائفةٍ أو تحليلاتٍ حاقدةٍ، وهي قويةٌ بوحدتها واستقرارها وتحالفاتها، وهي تزداد قوةً كل يومٍ.
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة