لا يمكن التكهن بما ستؤول إليه الاحتجاجات لاسيما أن الإحباطات بالفساد وانخفاض مستويات المعيشة وسّعت دائرة المشاركين في المظاهرات
ها هي العقوبات الأمريكية تؤتي أكلها، وإن لم يأت أجلها بعد، فشوارع إيران تشهد مظاهرات على هبوط العملة المحلية الريال أمام الدولار الأمريكي، وهذه المرة في العاصمة طهران التي شهدت احتجاجات واسعة وهتافات كبيرة ضد النظام الإيراني، وضد تدخلاته في المنطقة من قبل أكبر تجار الأسواق الإيرانية الذين أضربوا عن العمل في خطوة غير مسبوقة منذ 40 عاماً، حيث لعب تجار البازار دوراً حاسماً في ثورة 1979 التي أطاحت بالشاه.
هذه المظاهرات تبين أن المكابرة الإيرانية لا يمكن أن تطعم الشعب الإيراني خبزاً، وأنه عاجلاً سوف يعود النظام الإيراني طالباً اتفاقاً مع القوى العظمى كي ينقذ نفسه من الانهيار الكامل والسقوط، وفي الحالتين فإن المستفيد هي الأوطان العربية التي حاولت وسعت طهران للتدخل فيها.
ويواصل الريال الإيراني الهبوط نتيجة المخاوف من نتائج عودة العقوبات الأمريكية بعد انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق النووي، هذه العقوبات ستبدأ في شهر أغسطس المقبل، فيما تمثل الخطوة الأميركية بوقف استيراد النفط في نوفمبر من العام الجاري تصعيداً قد يطيح بالاقتصاد الإيراني، لاسيما أن ميزانية إيران تعتمد بشكل كبير على النفط.
وقد صرح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بأن فشل الاتفاق النووي سيكون "خطيراً جداً " على الوضع في إيران، وذلك أمام غرفة التجارة الإيرانية في اعتراف صريح يأتي بعد مكابرة من قبل المسؤولين الإيرانيين.
وتساءل أحدهم حول إمكانية خضوع إيران للنظام الدولي والرضوخ للمطالب الأمريكية الرامية لتحجيم الدور التخريبي لها في المنطقة؟ وعن احتمالية تضخم عدائها وتوسيع تدخلاتها بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي؟، لكن الإجابة واضحة للعيان من خلال المظاهرات التي انفجرت عقب أسابيع قليلة من الانسحاب.
هذه المظاهرات تبين أن المكابرة الإيرانية لا يمكن أن تطعم الشعب الإيراني خبزاً، وأنه عاجلاً سوف يعود النظام الإيراني طالباً اتفاقاً مع القوى العظمى كي ينقذ نفسه من الانهيار الكامل والسقوط، وفي الحالتين فإن المستفيد هي الأوطان العربية التي حاولت وسعت طهران للتدخل فيها، فإن رضخ النظام والتزم بعدم التدخل في شؤون الدول العربية فهذا ولاشك تحول كبير في الأمن الإقليمي، وإن عاند فإن سقوطه قريب لما يقاسيه شعبه المظلوم من ويلات الفقر والجوع والتهميش .
لا يمكن التكهن بما ستؤول إليه الاحتجاجات لاسيما أن الإحباطات بالفساد وانخفاض مستويات المعيشة، وسّعت دائرة المشاركين في المظاهرات لتشمل مدناً عدة في مقابل ردة الفعل المتوقعة من النظام المعروف بوحشيته في مواجهة المتظاهرين، حيث لا ينسى الإيرانيون قمع احتجاجات 2009 التي شهدت انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان؛ وحالات قتل وسحل تم توثيقها من ناشطين على مواقع التواصل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة