يتم تعريف جريمة الفصل العنصري- حسب ما جاء في نظام روما الأساسي لعام 2002 للمحكمة الجنائية الدولية- بأنها «الأفعال اللاإنسانية ذات الطابع المماثل لغيرها من الجرائم ضد الإنسانية
يتم تعريف جريمة الفصل العنصري- حسب ما جاء في نظام روما الأساسي لعام 2002 للمحكمة الجنائية الدولية- بأنها «الأفعال اللاإنسانية ذات الطابع المماثل لغيرها من الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في سياق نظام مؤسسي قائم على القمع والسيطرة بصورة منهجية من جانب جماعة عرقية واحدة على أي مجموعات أو مجموعات عنصرية أخرى وترتكب بنية الإبقاء على ذلك النظام». وكان من أقوى دوافع المجتمع الدولي، ممثلاً بمنظمة الأمم المتحدة، للاتفاق على تعريف موحد لجريمة الفصل العنصري ومواجهة من يقترفها، هو ما كان يحدث في جنوب أفريقيا منذ العام 1948 إلى العام 1993 عندما خضع الأكثرية أصحاب الأرض إلى شتى صنوف القهر والاستبداد والهيمنة والأعمال الغير إنسانية من الأقلية المحتلة القادمة من دول أوروبية. وقد أصدر مجلس الأمن القرارات 134، 181 و554 التي تشجب سياسات الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وتدعو دول العالم لمواجهتها ومقاطعة الحكومة القائمة آنذاك.
والوضع ذاته ينطبق على إقليم الأحواز العربي المسلم منذ عام 1925، وهو تاريخ سقوطه تحت الاحتلال الإيراني في عهد الشاه، والذي استمر حتى حقبة الملالي حالياً. فإقليم الأحواز العربي يقع على رأس الخليج العربي بالقرب من جنوب العراق والكويت، وتعود جذوره إلى العهد العيلامي 4000 ق.م، والإقليم سكنته قبائل عربية مثل بني كعب وبني كنانة وربيعة والأوس والخزرج. وقد حاول الفرس منذ عام 221 م احتلال الإقليم حتى نجحوا في ذلك عام 1925 م ومنذ ذلك الوقت والسكان العرب يخضعون لاستراتيجية شاملة تستهدف تغيير كافة ما يتعلق بعروبة الإقليم للهوية الفارسية أسوة بما يحدث للشعب الفلسطيني الشقيق. والبداية كانت بتغيير الأسماء العربية لمدن الإقليم إلى أخرى فارسية، وتزامن ذلك مع منع الشعب العربي الأحوازي من التعلم باللغة العربية أو استعمالها في الجهات الرسمية وإجباره على التعلم باللغة الفارسية، وحظر ارتداء الثياب العربية في الدوائر الحكومية، إضافة إلى منع العرب تسمية أطفالهم بأسماء عربية. ثم تم حرمان الإقليم من المياه الطبيعية التي يتم تصديرها إلى المدن الإيرانية مع إغلاق المراكز الثقافية. أضف إلى ذلك قيام السلطات الإيرانية بتطبيق سياسة التهجير الجماعي واغتصاب الأراضي العربية وزرعها بمستوطنات فارسية وقمع أي محاولة من الشعب العربي الأحوازي للمطالبة بحقوقه الوطنية في السيادة على أرضه، كما لا تتوانى سلطات الاحتلال الإيرانية عن إعدام النشطاء من سكان الأحواز الذين يطالبون بأبسط حقوق الإنسان في الحياة.
والتساؤل الذي يفرض نفسه هو: لماذا تغفل الأمم المتحدة منذ إنشائها عن إدانة الأفعال اللاإنسانية وجرائم سلطات الاحتلال الإيرانية في حق شعب الأحواز؟ في الوقت الذي شهد فيه العالم منتصف شهر فبراير الماضي مظاهرات حاشدة أمام مقر مبنى الأمم المتحدة في العاصمة النمساوية فيينا تدين جرائم المحتل الإيراني، وتطالب المنظمة القيام بدورها في إدانة إيران وإجبارها على الانسحاب من الإقليم المحتل.
وفي اعتقادي أن الأمر يتطلب تنسيقاً عربياً رسمياً وموقفاً موحداً في الجامعة العربية تٌدين في اجتماعاتها الاحتلال الإيراني للأحواز، إضافة لتبني استراتيجية تستهدف إقناع الأمم المتحدة إصدار قرارات دولية تدين إيران على الأقل في حال لم تستطع المنظمة الدولية دعوة دول العالم لمقاطعتها. الأمر يتطلب أيضاً إجراءات عربية وإسلامية من خلال الوسائل كافة بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي لنشر الوعي حول إقليم الأحواز المحتل ومطالبة دول العالم الضغط على إيران للانسحاب منه. وبرأيي أنه من الواجب الإعلان عن تخصيص يوم يُسمى «يوم الأحواز العربية» لتأكيد هوية الإقليم العربية المسلمة، والوقوف جنباً إلى جنب مع شعبه الذي يعاني يومياً- لما يزيد على تسعين عاماً- من شتى جرائم القهر والاستبداد الإيراني.
* نقلاً عن " الاتحاد "
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة