تناقلت بعض مواقع الإنترنت مقطع فيديو لسلمان العودة وهو أحد مشاهير من يسمون بدعاة «الإسلام السياسي» يتحدث فيه عن حلمٍ رآه في منامه، وقال إنه تحدث فيه مع الرسول الكريم.
تناقلت بعض مواقع الإنترنت مقطع فيديو لسلمان العودة وهو أحد مشاهير من يسمون بدعاة «الإسلام السياسي» يتحدث فيه عن حلمٍ رآه في منامه، وقال إنه تحدث فيه مع الرسول الكريم. قال «العودة»، وهو يسرد حلمه: (في وقت السحر رأيت رؤيا جميلة، رأيت فيها الرسول عليه الصلاة والسلام . وفي مكة المكرمة، وكأنه بعث من قبره والصحابة كأنهم بعثوا من قبورهم، وبالتأكيد أبو بكر وعمر، وحضرت الحلقة معهم، وجلست معهم ووقفت مع الرسول، وذهبت معه، ورجعت معه، ووجهت له عدداً من الأسئلة. ورجعت له، وقلت يا رسول الله ممكن أسجل الفتاوى والأجوبة التي تجيب لي عليها حتى يستفيد منها الناس لأن الناس بنوا قواعد، وأصلوا أصولاً، وذهبوا في طرق شتى. فقال لي الرسول: لا بأس، أكتب هذه الأشياء ثم اعرضها عليّ حتى أراجعها وأصححها، ثم طلب مني الرسول أن أوفر لهم بيتاً يكون مأوى أو مقراً يجتمعون فيه، فقلت له حسناً ولكن الظروف الآن ليست مؤاتية هناك تحفظات وهناك اشتراطات أمنية فقال لي: لا، إنهم سمحوا لفلان بأن يفتح بيتاً، يعني ذكر لي شخص، فقلت له إن فلان منهم وبهم، يعني أن فلانا له علاقة أو له واسطة معينة أو له قرابة تسمح له بالشيء هذا).
هذا حلمٌ كأنما يحكي ما يريده «العودة» تحديداً، وما يريده وما يتصوره كل رموز «الإسلام السياسي»، أن الحكم في بلاد المسلمين ظالم، ولا يقرّب إلا من له قرابة أو واسطة، وأنه حتى لو خرج الرسول الكريم في هذا الوقت فسيحتاج لمأوى، وهو لا يعترف بما تم تقعيده وتأصيله من الفقهاء بل يريد أن ينقل للناس أحكاماً ينسبها للرسول الكريم لمجرد حلمٍ رآه، وهذا خطير على الإسلام نفسه، ولو كانت أحكام الإسلام تؤخذ بالأحلام لضاع الإسلام والمسلمين.
رموز الإسلام السياسي يبنون مواقف، ويتخذون قراراتٍ بناء على الأحلام التي يسمونها رؤى، وقد سبق لكبيرهم حسن البنا أن التحق بالطريقة الحصافية بناء على حلمٍ طويلٍ سرده في مطلع مذكراته، وقبل اغتياله، وبعد حل جماعة «الإخوان المسلمين» 1948، وكما يروي «الإخواني» عبد الحميد كشك فقد: «نام حسن البنا حزيناً مهموماً وقام من نومه، وقال لأهله لقد رأيت في المنام عجباً رأيت عمر بن الخطاب يشد على يدي ويقول لي: هنيئاً لك الشهادة يا حسن فقد أكملت الرسالة». هكذا، أكملت الرسالة، فهل كان البنّا نبياً مرسلاً؟ ويتذكر كثيرون حين قام أحدهم في ميدان رابعة وهو أحمد عبد الهادي قائلاً لجمهور الإخوان آنذاك: إن «بعض الصالحين في المدينة المنورة أبلغه برؤيا أن جبريل عليه السلام دخل في مسجد رابعة العدوية ليثبت المصلين»، وأنه أيضاً «رأى مجلساً فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، والرئيس مرسي والحضور، فحان وقت الصلاة، فقدّم الناس الرسول ولكن الرسول قدّم مرسي». تستخدم جماعات «الإسلام السياسي» الأحلام كأداة للتجنيد وإبهار المستمعين وبخاصة الشباب الصغار، وتستخدمها أيضاً بغرض تثبيت الأتباع في أزمنة المحن وكذلك للتجييش والتحريض وصولاً إلى تنفيذ العمليات الإرهابية، وكامتدادٍ طبيعي أصبحت تستخدمها كل جماعات الإرهاب في العصر الحديث.
يقسم فقهاء المسلمين الأحلام لثلاثة أصنافٍ: الرؤيا وحديث النفس وحديث الشيطان، فكلّ حلمٍ احتماله الأكبر هو أنه مجرد حلمٍ، وقد وتم التوسع في استخدام الأحلام كنوعٍ من التأييد أو الرفض لصراعات المذاهب أو المدح أو القدح في رموزها، وكذلك كنوعٍ من ذكر محاسن الموتى في ذيل ترجمات الأعلام في كتب التراجم. أخيراً، فإن تحويل الأحلام إلى برامج عملٍ وفعلٍ ماديٍ كان حضورها الأقوى مع حركة جهيمان الإرهابية وجريمة احتلالها للحرم الشريف.
* نقلاً عن " الاتحاد "
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة