المتتبع للمشروع الإخواني في اليمن يجد أنه يحمل في طياته "خدمة المشروع الحوثي الإيراني"
التقارير الاستخباراتية الإيرانية التي نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" وموقع "ذي إنترسبت" وكشفت اجتماعا بين الحرس الثوري الإيراني وتنظيم الإخوان المسلمين استضافته تركيا عام 2014 للعمل معا ضد السعودية خاصة في الملف اليمني، لم يكن هذا بالأمر المفاجئ لعدم وجود جديد في هذه المؤامرة، بل يؤكد استمرارية العلاقة المتجذرة بين إيران والإخوان منذ عام 1979.
جاءت أحداث عدن الأخيرة لتكشف "الخبث الإخواني على التحالف العربي وعلى عاصفة الحزم، وتكشف استمرارا إخوانيا لخدمة المشروع الحوثي والإيراني، عبر ما يقوم به الإخوان من محاولات للتصعيد والحشد باتجاه المحافظات الجنوبية والعمل على خلق أزمات جانبية المستفيد منها هو الانقلاب الحوثي".
لقد قامت العلاقة بين إيران والإخوان المسلمين عام 1979 بعد أن قطع الإخوان المسلمين وعدا للخميني لإيران بكل طاقاتها البشرية والعلمية والمادية، ولم يكن يشكل الاختلاف الأيديولوجي أي تأثير أو أي عراقيل أمام استمرارية العلاقة، لأن الطرفين كانا يقومان على مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" ونقطة الالتقاء بينهما هو إيجاد الأرضية الخصبة لمشروع الإخوان التمكيني، ومشروع إيران التوسعي، وقد وجدت إيران في الإخوان فرصة لتحقيق التمدد في المنطقة، في الملف الفلسطيني عن طريق حركة حماس الإخوانية، والخروج من عزلتها كما حدث في مصر ما بعد وصول الإخوان إلى السلطة وكان النظام الإخواني يعمل على عودة العلاقات المصرية الإيرانية.
ما بعد سقوط الإخوان في مصر، كان التركيز الإخواني والإيراني على اليمن باعتبار أنها منطقة مهمة بالنسبة لإيران التي تحاول تعزيز وجودها لاستهداف السعودية، وبالنسبة للإخوان الحصول على أرضية لمشروعهم التمكيني من جهة، ومن جهة أخرى وجد الإخوان في اليمن منطقة مهمة باتجاه أيضا استهداف السعودية التي لعبت دورا مهما في الدفع باتجاه الاستقرار المصري وقدمت الدعم المالي والسياسي الذي قطع الطريق أمام عودة الإخوان إلى الحكم أو محاولة العبث بالأمن المصري وجر الدولة المصرية إلى أجواء الحرب الأهلية.
وأما عن مضمون الإجماع الذي حدث في تركيا بين الإخوان المسلمين والحرس الثوري الإيراني، فهو يقوم على تسخير الجماعة إمكانياتها كافة لإنجاح الانقلاب الحوثي على الشرعية اليمنية، وربما هذا ما يفسر ما تم الكشف عنه في عام 2015 أن أوامر إخوانية صدرت بشأن وقف 40 ألف مقاتل من عناصر الإخوان من مقاتلة المليشيات الحوثية، وهو ما مهد الطريق أمام الحوثيين للخروج من صعدة باتجاه عمران ومن ثم الاستيلاء على العاصمة صنعاء الذي سبق ذلك أيضا "اتفاق هدنة"، والذي تضمن تفاهمات وحوارات تمت بين الإخوان ومليشيات الحوثيين في 28 نوفمبر عام 2014 قبيل استيلاء الحوثيين على صنعاء، حيث اتخذ حزب الإصلاح الإخواني اليمني حينها خطوة فاجأت البعض، حيث قام وفد رفيع المستوى من الحزب بلقاء عبدالملك الحوثي من أجل طي صفحة الماضي وإعادة بناء الدولة اليمنية من جديد وإجراء محادثات سرية.
لذلك شكل الإخوان المسلمين جزءا من عملية الانقلاب الحوثي على الشرعية اليمنية، وربما كانوا يأملون بأن يكون لهم دور في الدولة اليمنية تحت سيطرة المليشيات الحوثية، للتعويض عن حالة الفشل في بقية دول الربيع العربي، وهو ما يفسره حالة الارتباك لدى حزب الإصلاح الإخواني من انطلاق "عاصفة الحزم".
جاءت أحداث عدن الأخيرة لتكشف "الخبث الإخواني على التحالف العربي وعلى عاصفة الحزم، وتكشف استمرارا إخوانيا لخدمة المشروع الحوثي والإيراني، عبر ما يقوم به الإخوان من محاولات للتصعيد والحشد باتجاه المحافظات الجنوبية والعمل على خلق أزمات جانبية المستفيد منها هو الانقلاب الحوثي، بينما تشهد الجبهات الإخوانية ركودا واضحا في مواجهة الانقلاب الحوثي الإرهابي والمشروع الإيراني".
ربما المتتبع للمشروع الإخواني في اليمن يجد أنه يحمل في طياته "خدمة المشروع الحوثي الإيراني"، فلو نظرنا لطريقة التعاطي الإخواني فيما يخص ملف الأزمة اليمنية، نجد أنه مشروع الإخوان ليس مواجهة الانقلاب الحوثي، بل إن مشروعهم قائم على محاولات ضرب التحالف العربي، عبر صياغة الشائعات والأكاذيب والخزعبلات، جميعها تهدف لضرب التحالف العربي عبر محاولة العبث بالعلاقة بين التحالف العربي والشعب اليمني، وتصوير وجود أطماع لدول التحالف، ومحاولة التشكيك بأهداف التحالف في محاولة لزعزعة العلاقة بين التحالف العربي والشعب اليمني والعمل على إيجاد فجوة تخدم أولا مشروعهم التمكيني، ومن ثم تخدم الإرهاب الحوثي الذي يخشى من توحيد الصف في مواجهته.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة