أدوية إيران تغزو الأسواق اليمنية.. «سلاح» خفي لدعم الحوثي
خلافاً عن السلاح والوقود والبضائع غزت الأدوية الإيرانية الأسواق اليمنية، كجزء من حزمة الدعم الأوسع والخفي لمليشيات الحوثي.
حلّت الأدوية الإيرانية بدلاً من الأدوية المصنعة محلياً أو المستوردة، عقب احتكار المليشيات الحوثية سوق الأدوية شمال اليمن التي تبلغ فاتورة استيرادها السنوية قرابة 88 مليار ريال يمني (نحو 4 ملايين دولار) وفقا لأسعار الصرف في مناطق الانقلابيين.
ووفقاً لتقرير يمني حديث تعمل شركات شيدتها مليشيات الحوثي في العقد الأخير في ترسيخ الاعتماد على المنتجات الصيدلانية الإيرانية داخل القطاع الصحي المنهار في البلد، التي يعمل فيها 50% فقط من المستشفيات كلياً أو جزئياً.
شركات الموت
التقرير الذي حمل عنوان "الأدوية كأسلحة: استراتيجية إيران لتمويل مليشيات الحوثي في اليمن" وحصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، كشف عن تعطيل حوثي متعمد لسوق الأدوية، من خلال الاعتماد على المنتجات الإيرانية وتسهيل انتشار الأدوية المزيّفة.
حدد التقرير الصادر عن مركز (P.T.O.C) للأبحاث والدراسات المتخصّصة في اليمن -منظمة غير حكومية- 5 شركات حوثية وإيرانية أمثلة لعملها المنهجي في استبدال الأدوية المأمونة ببدائل مصنعة إيرانياً، ليصبح هذا القطاع آلية سرية لتمويل الحرب للمليشيات وتعزيز سيطرتها وإدامة الفوضى في البلد.
إحدى هذه الشركات المتورّطة في تمويل الحوثيين، وفقاً للتقرير، تعد "شركة النجم الأخضر لتجارة الأدوية والمستلزمات الطبية"، التي يديرها "إبراهيم إسماعيل إبراهيم الوزير"، وتتخذ من أمانة العاصمة مقراً لها، وتلعب دوراً مهماً في شبكة الاستيراد والتوزيع.
ويعد والد إبراهيم المدعو إسماعيل الوزير أحد أخطر قيادات المليشيات الحوثية العاملة في تسهيل تهريب الأموال والنفط لصالح الجماعة، وقد أدرجته السعودية منتصف 2022 بقوائم الإرهاب إثر أنشطته في غسل الأموال.
ووفقاً للتقرير فإن "شركة روناك الإيرانية توكيلات خاصة" المعنية باستيراد الأدوية والمنتجات الأخرى من الشركات الإيرانية، وتتبع القيادي الحوثي "محمد مهدي عبدالله الشاعر"، وهو متورط في تمويل أنشطة الحوثيين من خلال شبكة معقدة من العمليات المالية واللوجستية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.
ووفقاً للمصادر فإن شركة روناك الإيرانية تعمل واجهة لهذه الأنشطة السرية للحوثيين والحرس الثوري الإيراني.
أما ثالث هذه الشركات فهي "شركة تراضي للتجارة والتوكيلات المحدودة" المملوكة للقياديين "حمود حسين حمود خرباش" و"عبدالخالق أحمد يحيى عيضة الحمزي"، وهي جزء من مجموعة الحمزي المالية، وتضم المجموعة أيضاً كيانات مثل مؤسسة حسين الحمزي للمقاولات المعمارية ومؤسسة حسين أحمد يحيى عيضة الحمزي للمقاولات، ومقرهما في صعدة.
ووفقاً للتقرير فإن شركة تراضي الحوثية متحكمة بالأدوية الإيرانية التي تحمل أسماء "vegle 400 IU capsule" و"sylaville vial" و"zaxim 100 mg syurp" و"halodic 5 mg ampoule".
وذكر التقرير أن "شركة ماجنيكو للتجارة العامة والتوكيلات" رابع هذه الكيانات الحوثية، وتعد لاعبا رئيسيا آخر في توزيع الأدوية الإيرانية داخل اليمن، أبرزها أصناف "betason 4 mg ampoule" و"tranexip 500 mg ampoule".
وأوضح أن "مؤسسة الفارس للأدوية" هي الكيان الخامس، التي تشارك بنشاط في استيراد وتوزيع المنتجات الصيدلانية الإيرانية، وتستهدف تعزيز سيطرة الحوثيين على سوق الدواء في اليمن.
من هذه المنتجات، وفقاً للتقرير، أصناف دوائية تحمل مسميات "Sankol oral drop" و"shirafza capsule" و"aphrodit tablet" و" Gisin 7mg capsule" وغيرها من الأصناف.
- الحكومة اليمنية تطلب الدعم من «النقد الدولي».. تفاصيل خطة التعافي الاقتصادي
- اليمن.. وزير النقل يدعو التجار والخطوط الملاحية إلى تسيير رحلاتهم للموانئ المحررة
أهداف وآثار ومخاطر
قال تقرير (P.T.O.C) إن دعم إيران للحوثيين بالأدوية يستهدف "تعزيز الموقف الاقتصادي للمليشيات من خلال توفير تدفق مالي مستقر وسري مما يمكنها من توسيع أنشطتها العسكرية"، وتوجيه العائدات لشراء الأسلحة والتجنيد وغيره من خدمات لوجستية.
كما تسعى إلى إحلال الأدوية الإيرانية محل الأدوية الموثوقة، مما يولد هوامش ربح أعلى للكيانات الحوثية، فضلاً عن ترسيخ الاعتماد على المنتجات الصيدلانية الإيرانية داخل نظام الرعاية الصحية في اليمن، واحتكار سوق الأدوية والقضاء على المنافسين.
أما آثار غزو أدوية إيران السوقَ اليمني فتكمن في أن "تدفق الأدوية الإيرانية منخفضة الجودة يؤثر بشدة على قطاع الرعاية الصحية في اليمن، إذ حلّت محل العلاجات الموثوقة بدائلُ غير فعّالة وتفاقمت الأزمات الصحية في البلاد".
سياسياً، تعمل آلية التمويل هذه على تأجيج الحرب في اليمن وتعميق الأزمة الإنسانية من خلال حرمان السكان الضعفاء من الوصول إلى العلاجات الآمنة المنقذة للحياة، وضرب ما تبقى من قطاع صحي في البلاد.
وعدد التقرير المخاطر لتجارة الأدوية الحوثية-الإيرانية، منها أنها سابقة خطيرة وتشكل تهديدا أمنيا عالميا إثر استغلال السلع الأساسية لتمويل الحرب وزعزعة استقرار المنطقة وتهديد طرق التجارة الدولية، كما يقوض سيادة اليمن واستقلاله الاقتصادي.
توصيات
أكد التقرير حاجة اليمن الملحة إلى العمل الجماعي لمواجهة هذا الشكل الخبيث من الحرب الاقتصادية الإيرانية، واستعادة الأمل للمجتمع اليمني.
وقدم 7 توصيات، منها ضرورة تعزيز الرقابة الدولية والتنظيم، وضمان الامتثال لمعايير الجودة، ودعم سلاسل التوريد البديلة التي تتجاوز الشبكات التي يسيطر عليها الحوثيون، وتشجيع شركات الأدوية الدولية ذات السمعة الحسنة.
كما حثّ المجتمع الدولي على فرض عقوبات على الكيانات المتورطة في التجارة غير المشروعة في الأدوية، وتمويل الحملات التي تسهم في رفع مستوى الوعي في اليمن، وتفكيك الهياكل الاقتصادية التي تدعم الحرب الحوثية لتحقيق السلام في اليمن.
ودعا التقرير إلى تبني عمليات شراء شفافة داخل قطاع الصحة في اليمن، لمنع الاحتكار وزيادة المساعدات الدولية، لضمان توافر الأدوية عالية الجودة من خلال قنوات محايدة للشعب اليمني.
aXA6IDMuMTM1LjIxOS4yNTIg جزيرة ام اند امز