عاش اللاجئون الفلسطينيون وضعاً مأساوياً في العراق ما بعد عام 2003، وما بعد عام 2006 على يد المليشيات الطائفية التابعة لإيران
القضية الفلسطينية في العقلية الإرهابية الإيرانية، ليست قضية حقوق بقدر ما هي "حصان طراودة" لتحقيق غايات النظام الإرهابي وأهدافه، وليس هناك مجال للشك حول الجوانب التي قدمتها إيران للقضية الفلسطينية، لأن الحقيقة أنها لم تقدم شيء، بقدر ما سعت منذ وصول الخميني للحكم في إيران إلى استغلالها في خطابات شعبوية بهدف دغدغة مشاعر الشعوب وذلك لإيجاد مدخل لأطماعها التوسعية التي تسعى لتغليفها بشعارات مثل "نصرة المستضعفين "، كما أنها تسعى ومن جهة أخرى لتعزيز الانقسام الداخلي الفلسطيني وتوظيف القضية الفلسطينية كأداة في صراعها مع الولايات المتحدة الأمريكية.
لم تقف محاولات إيران عند ضرب علاقات العراق مع المحيط العربي، فالمتابع للسياسة الإيرانية وفي تعاملها مع التطورات الحاصلة في المنطقة وبخاصة في ظل التصعيد الحاصل من قبل الولايات المتحدة الأمريكية تجاه إيران عبر الضغط الاقتصادي وأيضا العسكري، يجد أن إيران تسعى لإخراج العراق من مربع الحياد
أنا لن أقدم أي سرد للموقف البحريني تجاه القضية الفلسطينية لكن أود أن أؤكد باختصار أن إيران ومليشياتها الإرهابية لن تكون أحرص من مملكة البحرين على القضية الفلسطينية ولن تصل إلى ما وصلت له من دعم لها، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الإنساني والذي يؤكد أن البحرين وبلا شك تناصر الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه المشروعة في أرضه ودولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، إضافة إلى دعم اقتصاد الشعب الفلسطيني في كل موجب دولي وثنائي، وتصاعد الدعم البحريني للفلسطينيين عبر أشكال متعددة، فكانت البحرين من بين الدول الـ13 التي سعت لتنفيذ القرار رقم 200 الذي تم إقراره في قمة القاهرة لدعم الاقتصاد الفلسطيني عبر إعفاء السلع والمنتجات الفلسطينية من الرسوم والضرائب ومن أي قيود.
عاش اللاجئون الفلسطينيون وضعاً مأساوياً في العراق ما بعد عام 2003، وما بعد عام 2006 على يد المليشيات الطائفية التابعة لإيران التي سعت للتنكيل باللاجئين الفلسطينيين، ومهاجمة أماكن سكنهم وطردهم وتهديدهم بالقتل، وتهجيرهم لتتراجع أعداد اللاجئين في العراق من 50 ألفا إلى 3 آلاف خلال عقد واحد، لم تكن إيران ولا مليشياتها الطائفية الإرهابية حريصة على الفلسطيني وقضيته بل كانت مجرد خطاب شعبوي، أداة لتحقيق مكاسب سياسية، وحتى القدس لم تكن ذات أهمية وما هي سوى شعار في طريق تدميرها للأوطان العربية.
إن الاعتداء الذي حدث على السفارة البحرينية من قبل مليشيات تابعة لإيران عقب "مؤتمر المنامة الاقتصادي" ورفع أعلام فلسطين، هو أمر لا علاقة له به بالقضية الفلسطينية، بقدر ما هو اختيار للتوقيت في محاولة لخلق ذريعة وستار للتغطية على الهدف الرئيسي، ومن المؤكد أن هذا الاعتداء الذي تقف خلفه كتائب "حزب الله" العراقي وأيضاُ عناصر من الحشد الشعبي مرتدية ملابس مدنية، يحمل البصمات الإيرانية، وهو ليس بجديد على النظام الإيراني الذي لا يحترم المواثيق ولا المعاهدات الدولية ولا الحصانة الدبلوماسية.
أما عن الهدف من الاعتداء على السفارة البحرينية في بغداد من قبل المليشيات الإيرانية فهو بلا شك يأتي في سياق محاولات إيران المستمرة لضرب علاقات العراق مع محيطه العربي، إذ يرى النظام الإيراني أنه المتضرر مما يحدث من انفراجه في علاقات العراق مع الدول العربية، فهذا الحراك الحاصل في السياسة العراقية، سوف يفقد النظام الإيراني أهم منطقة نفوذ تشكل أهمية كبيرة بالنسبة لإيران التي ظلت تاريخياً تحاول بسط نفوذها على العراق لما يشغله من موقع استراتيجي، فهو يشكل بوابة إيران الشرقية على العالم العربي ومنه إلى البحر المتوسط مروراً بسوريا ولبنان، ومن المؤكد أنه لن يتنازل عن العراق لا سيما بعد الجهود التي بذلها والتي تعود إلى عام 2003، أما بالنسبة للسياسة العراقية التي وضع أساسها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، فهي تستند إلى إحداث توزان في علاقات العراق مع محيطه الإقليمي وهو ما نراه في زيارات رئيس الوزراء السابق، وكذلك عادل عبدالمهدي إلى كل من (السعودية ومصر وإيران وتركيا)، وهي رسالة تكشف بوضوح أن العراق بدلا من سياسة الانحياز لإيران التي كانت هي (السياسة السائدة) ما بعد عام 2003، يسعى لأن يكون في المنتصف.
ولم تقف محاولات إيران عند ضرب علاقات العراق مع المحيط العربي، فالمتابع للسياسة الإيرانية وفي تعاملها مع التطورات الحاصلة في المنطقة، وبخاصة في ظل التصعيد الحاصل من قبل الولايات المتحدة الأمريكية تجاه إيران عبر الضغط الاقتصادي وأيضا العسكري، يجد أن إيران تسعى لإخراج العراق من مربع الحياد، بل توضح التحركات إلى أن إيران ترغب في أن يكون العراق ساحة صراع، وهو ما نشاهده في عمليات المليشيات التابعة لإيران، بسقوط صاروخ على مبنى قرب السفارة الأمريكية في "المنطقة الخضراء" وسط العاصمة بغداد، وأيضا سقوط ثلاثة صواريخ على قاعدة عسكرية تستضيف قوات أمريكية شمالي بغداد، من هنا يتوضح أن الهدف الإيراني في استفزاز الولايات المتحدة من خلال الوكلاء ما هي إلا عملية لنقل المعركة للعراق بدلاً من أن تكون في عقر ديارهم وتدمر أراضيهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة