الفساد والتضخم والأجور.. "ثالوث" الأزمات ينهش الإيرانيين
وإلى جانب وباء الفساد وسوء الإدارة الداخلية في البلاد، يعاني الاقتصاد الإيراني بشدة جراء العقوبات التي تفرضها عليهم الولايات المتحدة.
عندما يعود عباس طاجيك (38 عامًا)، جزار بغرب طهران، إلى المنزل ليلًا، يشعر بأن الاكتئاب ينهشه بسبب قصص معاناة زبائنه مع الفقر. يومًا تلو الأخرى، يراهم وتزداد أوضاعهم فقرًا، حتى إنه خلال الستة أشهر الماضية، اضطر بعضهم للتوقف عن شراء اللحم.
وقال طاجيك لشبكة "إيه بي سي نيوز" الأمريكية إن متوسط الزبائن كان يمكنهم تحمل تكلفة شراء اللحم مرة واحدة على الأقل شهريًا، لكن الآن يشتريها الناس بضعة مرات خلال العام.
طبقًا لاستطلاع أجراه مركز استطلاع الرأي العام للطلاب الإيرانيين، لم تستهلك 8.2% من الأسرة اللحم الأحمر العام الماضي، و14% منها اشتروه بضع مرات فقط.
وذكرت الشبكة الأمريكية أن مشتريات الإيرانيين لم تعد كما كانت، فقط اتجه الناس لتقليل مشترياتهم لتركز على ما يحتاجونه من أجل البقاء على قيد الحياة؛ وذلك للمرور من الوضع الاقتصادي الخانق الذي تعيشه البلاد.
وقال طاجيك: "كثير من الناس الذين أعرفهم توقفوا عن شراء ملابس جديدة. لقد مر وقت طويل منذ اشترينا أنا وزوجتي أي ملابس، سواء لنفسنا أو لأطفالنا"، مشيرًا إلى أنهم يسافروا منذ مدة لكنهم كانوا معتادين على التنقل في شتى أنحاء البلاد مرتين بالعام في السابق.
وأوضحت "إيه بس سي نيوز" أن الحد الأدنى للأجور في إيران يتراوح تقريبًا ما بين 100 دولار إلى 125 دولار شهريًا، غير أن عضو لجنة الأجور في المجلس الأعلى للمجالس العمالية في إيران فرامرز توفيقي يعتقد أن الحد الأدنى يجب أن يكون 285 دولارًا على الأقل لأسرة مكونة من ثلاثة أفراد.
وإلى جانب وباء الفساد وسوء الإدارة الداخلية في البلاد، يعاني الاقتصاد الإيراني بشدة جراء العقوبات التي تفرضها عليه الولايات المتحدة، وقد ازداد الوضع سوءًا بعد انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي في مايو/آذار عام 2018.
واستهدف الاتفاق تخفيف العقوبات الاقتصادية على إيران مقابل التزامها بتقليص برامجها النووية، لكن بخروج الولايات المتحدة منه أعيد فرض العقوبات السابقة، التي نالت من اقتصاد طهران.
وقال توفيقي إن زيادة بعض العناصر الأساسية التي تشتريها الأسر، بما في ذلك: النقل، والإيجار، والطعام، وغيره، يتطلب أن يكون الحد الأدنى لأجر أسرة من ثلاثة أفراد 285 دولارًا على الأقل.
وأضاف أن جائحة فيروس كورونا المستجد لعبت أيضًا دورًا في الزيادة الهائلة في نفقات الأسر، من خلال استهلاك مزيد من المواد المنظفة وعناصر جديدة مثل الكمامات.
كما وجهت الأزمة ضربة قوية لسوق الإسكان؛ وطلب كثير من ملاك العقارات من المستأجرين زيادة ضخمة بالإيجارات، وذلك بدون مساعدة من جهاز إشرافي يسيطر على العقود.
وقال سيف الله (67 عامًا)، سمسار عقارات في وسط طهران، لشبكة "إيه بي سي نيوز": "الناس يشعرون باليأس. أوامر الحكومة لا تستطيع مساعدتهم عندما يسير السوق في طريقه.
ويعتقد سماسرة العقارات أن ملاك المنازل لا يتبعون توجيهات الحكومة؛ لأن معدل التضخم العام الماضي كان تقريبًا ضعف حد الإيجار الذي تحدده الحكومة.