حروب العراق وفوضى داعش.. 11 ألف عائلة تبحث عن ذويها
مع مرور نحو 5 سنوات على فقدان زوجها الذي خرج ولم يعد حتى الآن، لا تزال أم غفران تتشبث بآمال التوصل إلى حقيقة مصيره المجهول وإن كان حياً حتى الآن أم لا.
السيدة ذات الخمسين عاماً، واحدة من آلاف العائلات التي فقدت ذويها على وقع الاضطرابات التي عاشتها البلاد ما بعد اجتياح العراق في 2003، إلا أن معظمها جاء ما بعد هجمات داعش وسيطرته على مساحات واسعة قبل 8 سنوات.
ورغم المناشدات المستمرة والوعود الحكومية والبرلمانية في تحري الحقائق والكشف عن مصير المغيبين إلا أن ذلك الملف ما زال محتجزاً في رفوف العهود والنسيان.
ووفق اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإن العراق يوجد به أحد أكبر الأعداد من الأشخاص المفقودين بالعالم، إذ تقدّر اللجنة الدولية للمفقودين، التي تعمل بالشراكة مع الحكومة العراقية للمساعدة في استرداد المفقودين وتحديدهم، أن العدد قد يتراوح منذ عام 2016 إلى 2020 بين 250 ألفا ومليون شخص.
تقول أم غفران، التي تسكن أحد الأحياء في مدينة الموصل، لـ"العين الإخبارية"، إن زوجها "كان يقصد الخروج من المنزل بغرض جلب مواد غذائية بعد أن نفد جميع ما لدينا إبان الأيام الأولى لسيطرة تنظيم داعش على المدينة، ولكنه لم يعد حتى الآن".
وتأتي الأغلبية المغيبة خلال عمليات تحرير المدن العراقية من سيطرة التنظيم الإرهابي، حيث تذهب يد الاتهام نحو بعض المليشيات المسلحة التي دخلت تلك المناطق خلال تلك الأحداث.
ومطلع الأسبوع الحالي، أثار تصريح لرئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي اليأس في قلوب ذوي المفقودين حين قال: "يجب أن نُصارح الناس بحقيقتهم (المغيبين)، ونغيّر اسمهم أولاً إلى المغدورين وليس المغيبين: مغدورين فارقوا الحياة".
ورأى الحلبوسي -خلال حديث متلفز لإحدى القنوات العراقية- أنه "يجب على الدولة إنصاف ذويهم وشمول عوائلهم بقانون ضحايا الإرهاب، وبالتعويض، أما الاستمرار بتضليل عوائلهم منذ 2014 ولغاية الآن، فغير صحيح.. غُيّبوا وتمّ اغتيالهم في تلك الفترة"، وزاد بالقول: "لأكون أكثر جرأة مع الناس الذين خسروا ذويهم وأبناءهم.. ينبغي ألا يُستخدم الملف للقدح السياسي... ومنح أهلهم أملاً بعودتهم، فهذا غير صحيح".
يأتي ذلك في وقت كشف فيه المرصد العراقي لحقوق الإنسان، السبت الماضي، عن تقديم 11 ألف عائلة بلاغات بفقدان ذويها خلال 8 أعوام، مشيرا إلى أن هناك عائلات لم تبلغ بفقدان ذويهم.
وذكر المرصد، في تقرير، أنه وثق قضية المفقودين والمغيبين قسراً في العراق للأعوام 2014- 2022.
وتضمن التقرير شهادات لذوي المفقودين والمغيبين قسراً 11 ألف عائلة أبلغت عن فقدان ذويها خلال ثمانية أعوام، وربما هناك عدد أكبر من المفقودين والمغيبين قسراً، لكن عوائلهم لم تتخذ الإجراءات القانونية للإبلاغ عنهم، تضع هذه القضية العراق في صدارة الدول التي تشهد عمليات فقدان وتغييبا قسريا".
وبشأن تلك الإحصائيات، يوضح عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق، علي البياتي، أن "تلك الأرقام استندت وبشكل كبير إلى أعداد الشكاوى التي تسلمتها اللجنة الوطنية المشكلة بخصوص المغيبين ذات الأمر الديواني 46، فضلاً عن تلقي المفوضية بعضا منها بشكل مباشر".
ويشير البياتي إلى أنه "من المؤسف أنه لم تكن هنالك إرادة وطنية وسياسية في التعامل الجاد مع ملف المغيبين رغم أعدادهم الكبيرة، مما حدا بذلك الأمر أن يبقى معلقاً دون قدرة على تبيان خفاياه ومصير هؤلاء".
ويعطف بالقول: "استطاعت مفوضية حقوق الإنسان في حينها الوصول إلى نحو 420 شخصاً كانوا في عداد المغيبين بعدما تبين أن أكثرهم يقبعون في سجون بتهم الإرهاب".
ويرى البياتي أن "هؤلاء أيضاً في عداد الاحتجاز القسري، لأنه لم يكشف عن أسمائهم أمام ذويهم ولم يسمح لهم زيارة ذويهم".
ويلفت البياتي إلى أن "المؤسسات الأمنية ليست لديها إحصائية موحدة بأعداد السجناء وكل ما هو موجود يبقى محصوراً في كل دائرة رسمية دون أن تشارك تلك المعلومات وزارة الداخلية".
ويختم حديثه قائلاً: "يوجد في العراق وبحسب تقارير شبه رسمية نحو 70 ألف محتجز وإذا ما تمت مطابقة أسماء هؤلاء مع الـ11 ألف من المغيبين، لكان الأمر قد حسم في غضون أسابيع قليلة".
aXA6IDMuMTM3LjE2OS41NiA= جزيرة ام اند امز