قبول ضمني بانتخابات مبكرة.. "الإطار" يغازل الصدر من القصر الحكومي
في خضم اشتداد الأزمة السياسية وتعقدها تأتي مبادرة الحوار الوطني التي أطلقها رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي.
وتعد المبادرة محاولة أخيرة لإقناع الصدر بالعدول عن قرار مقاطعته لاستئناف الحوار مع خصومه في الإطار التنسيقي ومحاولة لتطويع المطالب التي يرفعها ضمن سياقات القبول من جميع الأطراف المتنازعة.
- الكتل السياسية العراقية تدعو لوقف كل أشكال التصعيد الميداني
- بدون "التيار الصدري".. بدء اجتماع الكتل السياسية العراقية مع الكاظمي
وكانت الرئاسات الثلاث (الرئاسة - الحكومة - البرلمان)، عقدت اجتماعاً في القصر الحكومي، مع القوى السياسية من الإطار وبعض الأطراف الأخرى، حضرته الممثلة الأممية جينين بلاسخارت بغياب الصدر أو من يمثله في ذلك الحوار ، وانتهت إلى بيان ختامي جاء في مضامينه القبول المبدئي بالمضي نحو انتخابات مبكرة ولكن بشكل غير صريح.
وبحسب مراقبين، فإن فرضيات غياب الحل وعدم قدرة المبادرات على تفكيك الأزمة الحالية تتقدم، لأنها دائما ما تأتي من أطراف النزاع ذاتها أو أنها تتضمن التفافاً على مطالب الصدر الصريحة والواضحة في تحقيق إصلاح شامل للنظام السياسي بطريقة لا تقبل الاجتزاء أو القسمة على أثنين او أكثر.
وأوضح مراقبون أنه إذا ما قبلت القوى السياسية داخل الإطار، بمطالب الصدر نحو حل البرلمان والذهاب نحو الانتخابات المبكرة فإنها تعرض مكتسباتها السياسية ونفوذها داخل المؤسسات إلى الزوال، كونها لا تمتلك تياراً شعبياً كبيراً قادر على حملها إلى منصة السلطة بأحجام نيابية كبيرة، فضلاً عن استياء الشارع العراقي من أدائها وتمترسها بـ"دولة الظل".
واعتبر مراقبون أن الإشكالية والتعقيد هنا يأتي في طبيعة الصراع الدائر كونه يمثل أزمة في عقيدة تلك الأحزاب السياسية المتكئة على الفساد والسلاح المنفلت في تمرير شرعيتها بالبقاء وربط القرار السيادي للبلاد بمصالح وغرف إقليمية ودولية يسعى الصدر من خلال خطواته الإصلاحية نزع ذلك المنهج برمته عن آليات الحكم في النظام العراقي.
لذا فإن قوى الإطار التنسيقي التي تضم كيانات وفصائل مسلحة مقربة من إيران، تحاول توجيه رغبة الصدر وإرادة أنصاره نحو زوايا آمنة بما يحقق بيئة مناسبة للبقاء والعيش فيها حتى وإن تطلب ذلك الأمر استراتيجيات صناعة الأزمات ومدها بأسباب البقاء والاستمرار.
إلا أن بيان المجتمعين في حوار الكاظمي الوطني، قد جاء بمؤشرات جديدة قد تهيئ الأرض لنشر الحوار وجمع الفقراء على طاولة نقاش تؤسس لمخرجات قد يقبل بها الصدر وهو الطرف الأقوى في المعادلة الحالية.
رئيس مركز "تفكير"، السياسي إحسان الشمري، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، يصف بيان المجتمعين بأنه "نصف خطوة إلى الأمام"، يمكن أن تكون بداية التقاء وتأسيس لحوار مقبول.
وكان بيان المجتمعين ببغداد خرج بـ5 نقاط رئيسية جاء في أحدها أن "الاحتكام مرة جديدة إلى صناديق الاقتراع من خلال انتخابات مبكرة ليس حدثاً استثنائياً في تأريخ التجارب الديمقراطية عندما تصل الأزمات السياسية إلى طرق مسدودة، وأن القوى السياسية الوطنية تحتكم إلى المسارات الدستورية في الانتخابات".
وعطفاً على ذلك يقول الشمري، إن "مواقف القوى السياسية التي حضرت الاجتماع قد أعطت رسالة واضحة للصدر بقبولها الانتخابات المبكرة ولأن ذلك ليس نهاية المبتغى وإنما تكمن الإشكالية في تفاصيل تحقيق تلك الخطوة وما يرافقها من إجراءات أخرى".
ويوضح الشمري أن "الصدر يسعى إلى تحقيق تغيير جذري في طبيعة النظام السياسي، وهذا قد يدفع إلى حكومة انتقالية وإعادة صياغة بعض فقرات الدستور وقانون انتخابي جديد، وهو ما يتطلب المزيد من الحوار وتقديم التنازلات من الفريق الخصم".
ولفت الشمري إلى أن "جميع المبادرات التي انطلقت تبحث في معالجة الأزمة السياسية رغم أن جذر الصراع يرتبط بالخلاف على النظام السياسي، واستياء الشارع من أداء الطبقة الفاسدة، وبالتالي وإن تحققت الانتخابات المبكرة وبعض المطالب المطروحة لن يكون كافياً لقطع الطريق أمام توالد أزمات جديدة مستقبلاً لأن الإشكالية في الجوهر لا في الشكل الخارجي للسلطة وشخصيات الحكومة".
من جانبه، يقول غازي فيصل حسين، مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية لـ"العين الإخبارية"، إن "أغلب المبادرات التي تطرح لحلحة الأزمة السياسية تدور في فضاء الفشل لأنها تنطلق من محاولة إجلاس الصدر مع خصوم يصفهم بالقتلة والفاسدين ويرى أن إزاحتهم عن مقدرات البلاد أمر لا مناص عنه".
وبشأن مبادرة الكاظمي وانعقاد أولى جلسات الحوار، يرى حسين، أنها "لن تختلف عن سابقاتها كون الخلاف بين الصدر والخصوم من الإطار مسألة بقاء لا تحتمل صعود الاثنين في مركب واحد، لاختلاف المنهج السياسي بين كلتي المعسكرين في إدارة الدولة والإيمان بالمؤسسات الدستورية وقدرتها على تعضيد وتثبيت الممارسة الديمقراطية".
ويستدرك بالقول: "الخلاف في أصله يتمحور بشأن توجه صدري لتخليص البلاد من نفوذ التبعية والسلاح المنفلت ولغة الصواريخ، وهو لا يمكن أن يتم القبول أو التسليم له من قبل قوى الإطار التي تعتمد الفوضى والتأجيج وحروب النيابة لخداع الجماهير بشرعية استمرارها على أن وجودها ضرورة حتمية تفرضها المرحلة".