«جدول زمني» لانسحاب التحالف.. هل تهدأ الهجمات ضد أمريكا بالعراق؟
اتفاق أمريكي – عراقي على تشكيل لجنة لبدء محادثات حول مستقبل التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن
اتفاق أمريكي – عراقي على تشكيل لجنة لبدء محادثات حول مستقبل التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، في البلد الآسيوي، أثار ارتياحا محليا، بعد اتهامات كالتها بغداد لتلك القوات، التي باتت هدفًا لضربات جعلتها في عين عاصفة «حرب غزة».
ويوم الخميس، أعلنت وزارة الخارجية العراقية، في بيان اطلعت «العين الإخبارية» على نسخة منه، أن بغداد وواشنطن اتفقتا على تشكيل لجنة لبدء محادثات حول مستقبل التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق بهدف وضع جدول زمني للانسحاب التدريجي للقوات وإنهاء التحالف.
وتنشر الولايات المتحدة 2500 عسكري في العراق لتقديم المشورة والمساعدة للقوات العراقية لمنع عودة تنظيم «داعش» مجددا بعدما سيطر على مساحات شاسعة من العراق وسوريا في 2014 قبل هزيمته لاحقا. ويتواجد أيضا مئات العسكريين من دول أخرى أغلبها أوروبية في العراق في إطار التحالف.
جولات تفاوض
وبحسب البيان، فإن «جولات التفاوض المستمرة بين الحكومة العراقية ونظيرتها الأمريكية، التي بدأت منذ أغسطس/آب 2023، أفضت إلى ضرورة إطلاق اللجنة العسكرية العليا (HMC) على مستوى مجاميع العمل لتقييم تهديد داعش وخطره، والمتطلبات الظرفية والعملياتية وتعزيز قدرات القوات الأمنية العراقية، لصياغة جدول زمني محدد وواضح يحدد مدة وجود مستشاري التحالف الدولي في العراق ومباشرة الخفض التدريجي المدروس لمستشاريه على الأرض العراقية وإنهاء المهمة العسكرية للتحالف ضد داعش».
وأضافت، أن «الاتفاق يتضمن الانتقال إلى علاقات ثنائية شاملة مع دول التحالف سياسية واقتصادية وثقافية وأمنية وعسكرية تتسق مع رؤية الحكومة العراقية ونخص بالذكر اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تنظم العلاقات الشاملة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية وتعكس الرغبة المشتركة في التعاون بين الجانبين بما يحقق مصالح البلدين ويسهم بتعزيز دور العراق الإقليمي والدولي بما يليق بمكانته التاريخية وبناء أفضل العلاقات مع المجتمع الدولي خدمة لمصالح الشعب العراقي وتطلعاته».
الخارجية العراقية، شددت على أن الجانبين «أعربا عن دعم أعمال اللجنة وتسهيل مهامها والامتناع عن كل ما يعرقل أو يؤخر عملها»، مشيرة إلى أن «الحفاظ على مسار أعمال اللجنة ونجاحها في تحقيق مهمتها يعد مصلحة وطنية إضافة إلى أنه يسهم في الحفاظ على استقرار العراق والمنطقة».
وأكدت ضرورة «عدم توقف أو تعثر أو انقطاع أعمال هذه اللجنة، والعمل على تجنب العبث باستقرار العراق لتحقيق أهداف خاصة»، مجددة التزام العراق «بسلامة مستشاري التحالف الدولي في أثناء مدة التفاوض في كل أرجاء البلاد، والحفاظ على الاستقرار ومنع التصعيد».
وتقول الحكومة العراقية إن تنظيم «داعش» هُزم وإن مهمة التحالف انتهت، لكنها حريصة على استكشاف إقامة علاقات ثنائية مع أعضاء التحالف بما في ذلك تعاون عسكري في مجالي التدريب والمعدات.
اتهامات للتحالف
ليس هذا فحسب، بل إن العراق اتهم «التحالف»، بأنه أصبح مصدرا لعدم الاستقرار وسط هجمات شبه يومية من جماعات مدعومة من إيران على قواعد تؤوي القوات والضربات الانتقامية الأمريكية التي تصاعدت منذ بدء الحرب الإسرائيلية في غزة في أكتوبر تشرين الأول.
ويقول مسؤولون أمريكيون وعراقيون إن من المتوقع أن تستغرق المحادثات عدة أشهر، إن لم يكن أكثر، غير أن نتيجتها ليست واضحة كما أن انسحاب القوات الأمريكية ليس وشيكا.
وتخشى واشنطن من أن انسحابا سريعا قد يترك فراغا أمنيا يمكن أن تشغله إيران أو تنظيم «داعش»، الذي يحتفظ بخلايا نائمة في مناطق صحراوية ويواصل شن هجمات محدودة على الرغم من عدم سيطرته على أي منطقة.
وغزت الولايات المتحدة العراق وأطاحت بصدام حسين عام 2003، مما تسبب في حرب تمرد استمرت سنوات وقتال بين فصائل عرقية ودينية. وسحبت الولايات المتحدة قواتها في عام 2011 لكنها أعادت آلاف منهم بعد اجتياح تنظيم «داعش» الإرهابي للبلاد بعد ذلك بثلاث سنوات.
ضربات عراقية
وتعرضت القوات الأمريكية في العراق وسوريا للهجوم نحو 150 مرة من جماعات مدعومة من إيران منذ بدء الحرب في قطاع غزة مما شكل ضغطا على الرئيس الأمريكي جو بايدن ليرد عسكريا رغم الحساسيات السياسية في بغداد.
وردت الولايات المتحدة بتنفيذ عدة ضربات من بينها واحدة قتلت قياديا بارزا بإحدى الجماعات المسلحة في بغداد وهو ما دفع العراق للمطالبة بتسريع وتيرة خروج قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة من أراضيه لكن عبر التفاوض.
ومن بين الجماعات التي تدعمها إيران وشنت هجمات على القوات الأمريكية ما هو جزء من الحشد الشعبي الذي بات رسميا من قوات الأمن التابعة للدولة بعد أن تشكل في 2014 لمحاربة «داعش» المتشدد.
وعلى الرغم من أن الحشد الشعبي يخضع رسميا لقيادة رئاسة الوزراء، فإن العديد من الجماعات المنضوية تحت لوائه تتخذ القرارات خارج هيكل القيادة الرسمي وتعهدت بمواصلة الهجمات على القوات الأمريكية لحين وقف الحرب في قطاع غزة.
فكيف استقبلت القوى المحلية الاتفاق؟
ومع إعلان الحكومة العراقية التوصل للاتفاق، كان الترحيب المحلي سيد الموقف؛ فمستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، دعا يوم الخميس، القوى الوطنية لدعم جهود الحكومة في مفاوضاتها مع التحالف الدولي، «والحفـاظ علـى المكتسبات العراقيـة التـي لا يمكـن التفريـط بهـا مطلقا».
وقال الأعرجي في تدوينة على منصة «إكس» (تويتر سابقا): سنواصل العمـل بقـوة وإصـرار وثبـات، لدعـم عمـل اللجنـة العسكرية العراقيـة، التـي تفـاوض التحالـف الدولـي لتنظيـم العلاقـة الشـاملة بيـن العراق والولايات المتحـدة وإعـادة تنظيم العلاقـة مـع التحالف الدولي لحفـظ الأمـن والاستقرار فـي بلدنـا خصوصـا مـع التطـور الكبير لـقـدرات قواتنا المسلحة بمختلف صنوفها.
بدوره، ثمن الإطار التنسيقي، الخميس، موقف الحكومة في مفاوضاتها مع التحالف الدولي، مؤكدًا «أهمية صياغة جدول زمني محدد وواضح لمدة وجود مستشاري التحالف الدولي في العراق والمباشرة بخفض عدد المستشارين على الأرض العراقية"».
وشدد على «دعمه الكامل إلى الانتقال إلى علاقات ثنائية شاملة مع دول التحالف في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية بما يتسق مع رؤية الحكومة العراقية ويسهم في تعزيز الاستقرار الداخلي وحفظ أمن البلاد»، مجددا «ثقته المطلقة بالأجهزة الأمنية بكل تشكيلاتها ومسمياتها في الحفاظ على أمن واستقرار العراق».
ودعا الإطار التنسيقي جميع القوى الفاعلة إلى «استثمار هذا الإنجاز وإعطاء الفرصة للمفاوض العراقي وعدم التأثير على أجواء الحوار الثنائي مع دول التحالف».
وأكد المستشار الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء هشام الركابي، الخميس، أن نجاح جولات الحوار بين بغداد وواشنطن يؤكد قناعة الحكومة بقدرات القوات العراقية.
شراكة أمنية
وأوضح المستشار الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، في تغريدة له عبر منصة «إكس» (تويتر سابقا) أن «الإعلان عن نجاح جولات الحوار بين بغداد وواشنطن حول صياغة جدول زمني محدد لنهاية وجود التحالف الدولي في العراق، يؤكد التزام حكومة السيد السوداني بالمنهاج الوزاري وما تعهدت به أمام الشعب، وقناعتها بقدرات القوات الأمنية العراقية للقيام بواجباتها في حفظ الأمن والاستقرار».
وعلى المستوى الدولي، أبدت سفيرة الولايات المتحدة في بغداد، إلينا رومانوسكي، الخميس، ترحيبها ببدء أعمال اللجنة المشتركة والانتقال لشراكة أمنية مع العراق.
وقالت رومانوسكي في تدوينة على منصة «إكس» (تويتر سابقا): «تُبنى هذه اللجنة على المباحثات الثنائية السابقة والنجاحات التي حققتها حملة العراق لهزيمة داعش بالشراكة مع الحكومة العراقية وإن الانتقال إلى شراكة أمنية ثنائية مستدامة أمرٌ مهمٌ لتأكيد التزامنا المستمر بدعم أمن المنطقة وسيادة العراق».